قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فيصل عابدون&حسناً فعلت منظمة "إيغاد" عندما قررت إرجاء جولة التفاوض بين طرفي النزاع في جنوب السودان من موعدها الذي كان مقرراً اليوم إلى الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل، لمنح الطرفين وقتاً إضافياً لإجراء المزيد من المشاورات قبل بدء العملية .&فالجولة المقبلة هي الأخيرة، وإذا فشل الطرفان خلالها في التوصل إلى اتفاق سلام فإن المهمة ستغدو أشد صعوبة مع تدويل ملف الأزمة وانتقاله من الفضاء الإفريقي إلى قاعات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي .&وكان جيداً أيضاً أن تزامن إعلان المهلة الجديدة مع تحركات أمريكية جدية في مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات جديدة على أطراف النزاع، ليست كغيرها من العقوبات، فهي تستهدف هذه المرة أمراء الحرب مباشرة وفي مقدمتهم رئيس البلاد سلفاكير ميارديت وقائد المتمردين رياك مشار .&وخلال جولات التفاوض السابقة بين الرجلين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا نجح شبح العقوبات الدولية في انتزاع مرونة سياسية فتحت الطريق أمام اتفاق وقف إطلاق النار في التاسع من مايو/أيار الماضي، والذي قضى أيضاً بنشر قوات دولية للتحقق من وقف العدائيات، وإفساح المجال للمساعدات الإنسانية، والتعاون من دون شروط مع الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية . كما نص على تشكيل حكومة توافقية وتقاسم الثروة وتشكيل مفوضية لوضع الدستور .&ولا يعني ذلك أن سياسة فرض العقوبات والحصار الاقتصادي والعسكري تكون ناجحة دائماً أو مقبولة، فنحن نرى الكثير من الشعوب المقهورة تعاني وطأة الحصار المفروض على حكوماتها بينما لا يشعر قادة تلك الحكومات بهذا الحصار ما يشجعهم على الاستمرار في سياساتهم ذاتها .&ولكن في دولة مثل جنوب السودان مضى على استقلالها ثلاثة أعوام فقط، قضت فيها عاماً كاملاً وهي تحارب نفسها، وتقتل أبناءها، فإن العقوبات تبدو الوسيلة الأفضل لإقناع القادة بالتفاوض والاتفاق على حلول لوقف النزاعات المميتة وإراقة الدماء . وتصبح هذه الوسيلة أكثر أهمية عندما تشكل تهديداً مباشراً لمصالح القادة الكبار الممسكين بمفاتيح الحرب والسلام .&وفي هذا الإطار فإن تحذيرات فرانسيس دينق سفير جنوب السودان في مجلس الأمن، من أن فرض عقوبات دولية على جوبا "يمكن أن يشدد المواقف نحو المواجهة بدلاً من التعاون"، وأن "مجرد التلويح بالعقوبات يمكن أن يقوض الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للصراع" يبقى تحذيراً أجوف ولا قيمة له، فالعقوبات تدفع باتجاه الحل وتشجع الطرفين على إنقاذ ما يمكن إنقاذه .&إذا جولة أخيرة من المفاوضات في الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل، يجلس فيها فريقا سلفاكير ومشار، للاتفاق على القضايا المتبقية وهي شكل الدولة وتقسيم السلطة في الحكومة الانتقالية بين رئيسي الجمهورية والوزراء، علاوة على الإصلاحات الاقتصادية وهيكلة الجيش والأجهزة الأمنية .&ومن غير المتوقع أن تواجه المفاوضات صعوبات كبيرة مع وجود مجموعة العشرة المعتقلين وزعيم حزب الحركة الشعبية للتغيير كأطراف مستقلة عن الطرفين، ومساعدة على تقريب وجهات النظر، وأيضاً مع وجود خبراء الوساطة في "إيغاد" والأصدقاء الآخرين .