جريدة الجرائد

جمعهما العراق . . فرقهما العراق

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حياة الحويك عطية&عام 2003 التقى السيناتور الجمهوري شاك هاغل والديمقراطي باراك أوباما على رفض الحرب العسكرية في العراق . عام 2014 افترق وزير الدفاع عن الرئيس بسبب الحرب في العراق . هل يشكل هذا السبب الوحيد الذي أدى إلى الطلاق داخل الإدارة الأميركية؟ وماذا عن سوريا؟ وماذا عن إيران وماذا عن روسيا وآسيا وبقية العالم؟ ماذا عن "إسرائيل"؟ بل ماذا يعني الطلاق مع هاغل والقران مع بانيتا أو بايدن مثلاً؟ ثمة أمور كثيرة أخرى: داخلية وخارجية تفرق الرجلين . يتداول الإعلام منها ما يكفي لشيطنة الرجل وجعل رحيله إنقاذاً للولايات المتحدة وللعالم الليبرالي.&المعركة لم تبدأ الآن، بل قبل تعيين سيناتور وزيراً للدفاع . يومها اقتضى إقرار هذا التعيين من قبل الكونغرس جلسة استماع تاريخية طويلة وصعبة، اضطر فيها المرشح الأوبامي أن يرد عشرين مرة شارحاً ومن ثم معتذراً . رغم ذلك لم يفز إلا بنسبة 58 في المئة ومثلها في مجلس الشيوخ 14 مقابل 11صوتاً.&أهم ما في الاتهامات أنها طاولت أمرين: تشكيل هاغل جمعية مناهضة للسلاح النووي في العالم، وتصريحه بأن اللوبي اليهودي يمارس تأثيراً مبالغاً على السياسة الخارجية الأميركية وتصريح آخر قال فيه عام 2006 أن "إسرائيل" وضعت الفلسطينيين في قفص . رد على موضوع اللوبي اليهودي بقوله إن هذا اللوبي موجود رسمياً باسم "الإيباك"، وإن كلامه عن تحويل "إسرائيل" الأراضي المحتلة إلى سجن للفلسطينيين لا يعني أي انتقاص من اعتباره "إسرائيل" الصديق الأول للولايات المتحدة . واعتذر عن أي فهم خاطىء لتصريحاته . وبعد تعيينه بالغ في إظهار هذه الصداقة . أما بخصوص النووي فقد رد بأنه إنما دعا إلى نزع السلاح النووي على مستوى العالم، وذلك ما فعله يوماً الرئيس ريغان مثلاً . غير أن دفاعه لم يمنع عضو الكونغرس جيمس إينهوف من اتهامه بأنه، بذلك، يدعو إلى تقويض الزعامة الأميركية للعالم .&&يومها طرح السؤال عن سبب تمسك الرئيس الديمقراطي بمرشح جمهوري إشكالي في أخطر موضوعين يمسان اللوبيهات، لتعيينه وزيراً للدفاع . وجاء الجواب سريعاً بأن أوباما إنما تمسك به على أمل أن يتمكن من دعمه في التصدي للمجمع الصناعي العسكري في سياسة إدارته الهادفة إلى تخفيض الإنفاق على التسلح . خاصة وأنه - هاغل - مدعوم من اوزان ثقيلة من مثل جون وورنر (علينا أن نصرف اقل وبطريقة عاقلة) هنري كيسنجر، فرانك كارلوتزي، جورج شولتز وجيمس بيكر .&&تخفيض الإنفاق على التسلح شكل العمود الفقري لاستراتيجية أوباما، المتحمسة لاستبدال الحروب العسكرية الأميركية بالحرب الناعمة: الاستخبارات والتكنولوجيا والإعلام، (السايبرور) . وذاك ما أعلنه في الأطلسي مقترناً بدعوة الحلفاء في الناتو إلى تحمل مسؤولياتهم إلى جانب الولايات المتحدة، بل وبدلاً عنها (ليبيا نموذجاً) . كذلك فإن تخفيض الانفاق يعني قرار الانسحاب من العراق وأفغانستان وذاك ما وعد الرئيس باتمامه قبل نهاية ،2014 كما يعني عدم التدخل العسكري المباشر في سوريا أولاً وفي غيرها من الأزمات تالياً .&&هذا ما يفسر لماذا احتفظ الرئيس بوزير بوش في ولايته الأولى ومن ثم بانيتا المغرم بوقع البساطير العسكرية، ولماذا جاء بهاغل في مطلع رئاسته الثانية عندما أصبح متحرراً من ضغط اللوبيهات الانتخابي .&لكن المجمع العسكري يريد أن يبيع سلاحاً، والسلاح لا تبيعه إلا الحروب والحروب المباشرة والطويلة، التي يندرج فيها إلى جانب الولايات المتحدة عدد كبير من الحلفاء، القادر منهم على القتال والقادر على الشراء . ذاك في حين أن الأزمة الاقتصادية الأميركية تجعل من منطق معالجتها بصفقات السلاح منطقاً قوياً . بدليل أنه غداة إعلان الرئيس الحرب على "داعش"، ارتفعت الأسهم الأميركية . وعندها خرج بانيتا "خصم هاغل" ليقول أن الحرب ستدوم ثلاثين سنة، فارتفعت أكثر . وكانت الصورتان الرمزيتان لإعلان هذه الحرب، الأولى صورة المؤتمر الصحفي في البنتاغون، حيث أعلن الحرب مارتن ديمبسي رئيس الأركان في غياب وزير الدفاع ومن ثم استكمل التهميش بتعيين جو الن مبعوثاً رسمياً لدى التحالف . وفي الثانية وقف بانيتا وبايدن إلى جانب الرئيس وغاب وزير الدفاع .&الأمر يتلخص في جملة بسيطة: لقد وقع الرئيس ووزير دفاعه فيما وقع فيه يوماً الرئيس نيكسون من محاولة الحد من هيمنة اللوبي الصناعي العسكري فكانت النتيجة الهزيمة . حقيقة قالها نيكسون في خطاب استقالته حرفياً: "إذا ما استمر هذا المجمع في سيطرته فإنه سيقضي على الديمقراطية الأميركية" . لكن أوباما كان أكثر براغماتية من نيكسون . لبس الزي العسكري، قرع الطبول وأعلن النفير . عاد إلى العراق واجّل افغانستان ودخل إلى سوريا في حرب أطول مما كان يطالب به أنصار التدخل . لم يترك نفسه يصل إلى الاستقالة، فانصاع وتركها لوزيره . إذ لا بد من كبش فداء، خاصة وأن المجمع الصناعي العسكري متوحد مع اللوبي اليهودي "الإسرائيلي" . وهاغل غير مرغوب فيه من قبل كليهما . رحل قبل موعد نهاية 2014 الذي حدده أوباما للانسحاب العسكري . بل ومع انطلاق العمليات العسكرية الأميركية ضد "داعش" باستراتيجية تقول إن مرحلتها الحالية هي فتح ثغرات في جبهات التنظيم تحضيراً للمرحلة اللاحقة التي ستشهد الهجوم الكاسح الكبير .&&الرئيس الأسمر حاول رسم سياسة أخرى، ففشل وانتصر اللوبي، شريكه في المحاولة انسحب صاغراً وهو وقف يعلن هذا الإذعان، واللوبي وقف من حوله يعلن الانتصار . يعلن مرحلة مقبلة من الحروب العسكرية المرّة، التي ستؤمن تشغيل الصناعات العسكرية في أميركا وأوروبا .&&الفضل في ذلك كله يعود إلى التنظيم الإرهابي الذي ولد كالأعجوبة من رحم الغيب والفجاءة وأصبح دولة!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف