قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عصام نعمان&أوقف الجيش اللبناني مؤخراً إحدى سيدات تنظيم "داعش" المدعوة سجى حميد الدليمي مع ثلاثة من أولادها وسائق . كما حققت مخابرات الجيش إنجازاً آخر باعتقال إحدى سيدات "جبهة النصرة" المدعوة إلاء العقيلي مع ولدها وشقيقها.&وضعُ اليد (بالحلال وبموجب القانون!) على سجى الدليمي تمّ بعد ورود معلومات موثوقة إلى مخابرات الجيش تقاطعت مع معلومات مماثلة لدى أحد أجهزة الاستخبارات الغربية، تَرَدَد انه بريطاني . اما وضع اليد على إلاء العقيلي فتمّ بجهد استخباري لبناني مركّز بعدما غادرت إلى لبنان، بتوجيه من زوجها انس شركس المعروف ب"أبي علي الشيشاني"، أحد قادة "النصرة" في جرود القلمون السورية، وذلك عَقِب مداهمة الجيش اللبناني أحد مخيمات عرسال، حيث كانت تقيم ما اضطرها إلى النزوح والاختباء بين النازحين السوريين في مدرسة حيلان الرسمية، قضاء زغرتا.&كلتا السيدتين صيد ثمين للجيش، لكن سجى الدليمي هي الصيد الأثمن، لأن التحقيقات المجراة معها كشفت، باعترافها، أنها كانت متزوجة بإبراهيم البدري السامرائي الذي يعتقد المحققون أنه الاسم الحقيقي ل"الخليفة" أبي بكر البغدادي . هذه الشبهة سوف تحسمها فحوص "دي .أن .اي" بالتنسيق مع المخابرات العراقية وأجهزة غربية.&وضعُ اليد على هاتين السيدتين الخطيرتين من شأنه تمكين الجيش اللبناني، وربما غيره أيضاً، من الحصول على معلومات فائقة الأهمية منهما عن شبكات "داعش" و"النصرة" وخلاياهما النائمة كما الفاعلة في لبنان والأشخاص المتعاملين معها وأمكنة وجودهم ونشاطهم . غير أن الأهم من ذلك كله أن اعتقالهما يضع في يد الحكومة اللبنانية ورقتين بالغتي الأهمية لمقايضتهما بالعسكريين اللبنانيين ال 26 المختطفين من قبل "النصرة" و"داعش" . وكان نُسب إلى مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم قبل أيام تهديدٌ مفاده أن الحكومة ستقوم بتنفيذ حكم الإعدام بإرهابيين معتقلين في سجن روميه مقابل كل عسكري لبناني مخطوف تتجرأ "النصرة" أو "داعش" على ذبحه أو قتله . ويبدو أن هذا التهديد فعل فعله، فتوقفت "النصرة" عن ذبح الدركي المخطوف علي البزال المحتجز لديها.&في مقابل تفاؤل بعض الأوساط السياسية بتزايد فرص الإفراج عن العسكريين المخطوفين بعد اعتقال زوجة البغدادي (أو مطلقته) وأولادها، وزوجة أبي علي الشيشاني وشقيقها، فإن ثمة بين أهل السلطة من يخشى أن تتعقد الأمور بعد اعتقالهما، مشيرين بقلق إلى ما حدث في جرود رأس بعلبك غداة إعلان الجيش عن توقيفهما . فقد هاجم مسلحون، قيل إنهم تابعون ل"النصرة"، دورية للجيش اثناء قيامها بمهمة مراقبة، ما أدى إلى استشهاد ستة جنود . ثم قاموا في اليوم التالي بتفجير عبوة في وادي عطا بعرسال ذهب ضحيتها شهيد من الجيش.&حتى قبل هاتين العمليتين، لاحظت الحكومة اللبنانية أن ثمة تهاوناً من قبل الوسيط القطري المكلف تسهيل المفاوضات بين الحكومة و"النصرة" للإفراج عن العسكريين المختطفين . لذلك حرص رئيس الوزراء تمام سلام على الاتصال بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني طالباً إليه "تفعيل الوساطة القطرية لمساعدة الحكومة على تحرير العسكريين المخطوفين ورفع المعاناة عن أهاليهم".&كل هذه التطورات فرضت أسئلةً مقلقة:&أولها، بات واضحاً أن أجهزة لبنان الأمنية تنسّق مع أجهزة استخبارات غربية بشأن مواجهة التنظيمات الإرهابية داخل البلاد وفي منطقة الاشتباكات على الحدود مع سوريا . فلماذا تمانع الحكومة في التنسيق مع دمشق في هذا المجال؟ أليس العدو مشتركاً؟ أم أن التنظيمات الإرهابية تشترط عدم تعاون لبنان مع سوريا تحت طائلة وقف المفاوضات؟&ثانيها، هل تستمر "النصرة" في التفاوض غير المباشر مع الحكومة اللبنانية بعد عمليتيّ رأس بعلبك وعرسال واعتقال زوجة (أو مطلقة) أبي بكر البغدادي وزوجة أبي علي الشيشاني؟ أم أن هذه المهمة ستؤول إلى "داعش"؟ وهل تبقى قطر مرجعية صالحة للتوسط بين الطرفين إذا ما انتقلت ادارة المفاوضات إلى "داعش"؟ أم أن مرجعيات أخرى يُستحسن تدخلها في هذا المجال؟&ثالثها، لنفترض أن المفاوضات بين الطرفين لم تفضِ، لأي سبب من الأسباب، إلى نتيجة إيجابية، فهل تجد الحكومة اللبنانية نفسها مضطرة إلى اعتماد مقاربة مغايرة لتحرير أسراها؟ وهل يدفعها ذلك بالضرورة إلى التنسيق مع سوريا في حال اعتماد حل عسكري؟&رابعها، يبدو أن "النصرة" لم تكن جادة في التفاوض مع الحكومة اللبنانية لإطلاق عسكرييها المخطوفين، ربما لأنها تخطط لمهاجمة لبنان مجدداً بغية الحصول على ملاذات آمنة ودافئة تقي مقاتليها شر الصقيع والبرد اللذين يكابدونهما في مرتفعات القلمون، فهل تضع الحكومة هذا الاحتمال في حسبانها؟ وكيف تراها تردّ على "النصرة" وحلفائها إذا ما وقع الهجوم؟&خامسها، أيّاً ما كانت مخططات التنظيمات الإرهابية، ألا تعتقد الحكومة والقوى الوطنية المناهضة للإرهاب أن المواجهة الحقة لهذا الخطر المتفاقم ليست أمنية فقط، بل سياسية أيضاً؟ وفي هذه الحال، ما هي الخطط والإجراءات المطلوبة لتنظيم وإطلاق مواجهة متكاملة للإرهاب تكون موضع توافق ومشاركة اللبنانيين بكل مذاهبهم ومشاربهم؟&إلى ذلك كله، ثمة سؤالان إضافيان يقلقان اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين: لماذا لم تُنفذ بعد الاتفاقية السعودية الفرنسية (ثلاثة مليارات/ بلايين دولار) لتزويد الجيش اللبناني بالسلاح الثقيل؟ وماذا ستفعل دول "التحالف الدولي ضد الإرهاب"، بعدما أعلنت منظمة "برنامج الأغذية العالمي" تعليق برنامجها الذي يستفيد منه أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، وذلك بسبب "نقص الوسائل المالية"؟&الحقيقة أن لبنان، حكومة وشعباً وجيشاً، التزم جدياً مواجهة تحدي الإرهاب، وهو يقوم بواجبه بقدر ما يطيق ويستطيع . لكن جيشه لا يمكنه متابعة الاضطلاع بمهامه القتالية من دون أسلحة ثقيلة، برية وجوية، تتطلبها مواجهته الصعبة للتنظيمات الإرهابية الأقوى تسليحاً والأكثر تطوراً . فهل يُعقل أن تطالبه الولايات المتحدة وسائر أطراف "التحالف الدولي" بعدم التنسيق مع سوريا في مواجهة الإرهاب ولا توفّر له الأسلحة اللازمة ليقوم بهذه المهمة ذاتياً ومن تلقاء نفسه؟&ثم، كيف يستطيع لبنان البالغة مديونيته العامة أكثر من 65 مليار/ بليون دولار أن يقوم بأعباء شعبه مع اضطراره إلى احتضان نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري لا تشارك وكالات الأمم المتحدة إلاّ في إغاثة ثلثهم، ومع ذلك أعلنت أخيراً تعليق "برنامج الأغذية العالمي"؟&جميع الدول والقوى المعنية مدعوة لتقديم أجوبة مقنعة وذات جدوى عن هذه الأسئلة . وحكومة لبنان، كما قواه الوطنية الحية، مدعوون أيضاً، في ضوء الأجوبة المنتظرة، إلى أن يبنوا على الشيء مقتضاه، وأن يتخذوا القرارات المصيرية اللازمة بلا إبطاء.