قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هاشم عبدالعزيز&على خلاف ما كانت تذهب إليه جولات المفاوضات الفلسطينية "الاسرائيلية" بالعودة إلى البداية ومن ثم الدخول في فترة جمود تجد فيها "إسرائيل" إجازة تجيز من خلالها إطلاق مشروعاتها الاستيطانية وغيرها من سياسة التنكيل بالفلسطينيين بما في ذلك الحروب الوحشية، ومن ثم العودة إلى جولات تفاوضية بلا نتيجة، يبدو أن هذه الحالة من شراء الوقت التي كانت نتاج الازدواج الأميركي بالضغط على الفلسطينيين وتبني المطالب والشروط ال"إسرائيلية" من جهة والمناورة والهروب ال"إسرائيلي" من الاستحقاقات المرتبطة بالمفاوضات لبلوغ التسوية السلمية على ركيزتي إعادة الحقوق الفلسطينية وإحلال السلام الدائم لشعوب هذه المنطقة من جهة ثانية، يبدو أنها لم تعد قابلة للاستمرار بذات الوتيرة من الدوران في دوامة المفاوضات العبثية .&لهذه النتيجة أسباب عديدة وأهمها أن الاستفراد الأميركي في شأن وشؤون الأزمة شرق أوسطية ارتبط بذات السياسة ال"إسرائيلية" ومشروعها الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية وهي سياسة من زرع حقول الألغام التي باتت في خطر وضرر قائم على الجميع بمن فيهم "إسرائيل" ذاتها والمصالح الأميركية، وما يهم شعوب وبلدان هذه المنطقة وعالمنا بأسره، لأن الحقائق باقية والقضية الفلسطينية حقيقة تاريخية ووطنية وسياسية وإنسانية وأخلاقية كما هي "إسرائيل" حقيقة استعمارية صهيونية .&السؤال الآن: على أي أساس تأتي القراءة الزاعمة أن ثمة بداية لنهاية الحالة الرمادية والخروج من دوامة المفاوضات العبثية؟&الواقع أن ثمة مؤشرات دالة على أن الأمور لن تبقى كما كانت عليه مستمرة منذ استفردت الولايات المتحدة بهذه الأزمة عقب مؤتمر مدريد للسلام، فالقبضة الأميركية تراخت إلى درجة كبيرة والسبحة انفرطت بعد أن تجاوزت العربدة الصهيونية كل الحدود مخلفة نتائج عكسية، من ذلك لم يعد وزير الخارجية الأميركية في جولات مكوكية للعودة إلى المفاوضات وفي زياراته منذ انهيار المفاوضات الأخيرة والمترتبات الكارثية للحرب الصهيونية على غزة لم تثمر مجرد التذكير بالدور الأميركي، كما لو أن ذلك الدور بات من الماضي الذي يتطلب التراجع عند مراجعته .&في مقابل هذا التراجع الأميركي هناك مساعي وتحركات دولية تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومن دول أوروبية غير عادية مثل بريطانيا وفرنسا والسويد وإيرلندا وإسبانيا، وفي هذا الاتجاه أعلنت فرنسا أنها تسعى مع "الشركاء" إلى القيام بجهد دبلوماسي "أخير" للتغلب على حالة الجمود بين ال"إسرائيليين" والفلسطينيين يشمل وضع إطار زمني مدته عامين لإنهاء "الصراع" من خلال قرار تدعمه الأمم المتحدة .&وحسب وزير الخارجية الفرنسية "إذا فشل هذا المسعى الأخير للتوصل إلى حل عن طريق المفاوضات فسيكون لزاماً على فرنسا أن تقوم بما يلزم للاعتراف بالدولة الفلسطينية" .&ويلتقي هذا التوجه الفرنسي من حيث السقف الزمني للوصول إلى حل للأزمة مع السقف الزمني الذي حدده الفلسطينيون في مشروع القرار الذي قدموه لدول عربية وبعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن والذي تبناه مجلس الجامعة العربية ممثلاً بوزراء الخارجية العرب لتقديمه لمجلس الأمن والذي يتضمن "تحديد نوفمبر/تشرين الثاني 2016 موعداً لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية" .&ولكن هل يمكن البناء على هذه المؤشرات تجاه مستقبل القضية الفلسطينية؟&بداية لا بدّ من التأكيد على أن هذه المؤشرات تمثل تطوراً غير عادي إذا ما قورنت بما آلت إليه الأمور فلسطينياً من سقوط تحت وطأة الضغوط الأميركية والابتزاز الصهيوني وعربياً من وضع كامل البيض في السلة الأميركية ودولياً من غياب وتغاضي عما تكرسه "إسرائيل" من سياسة مستهدفة الشعب الفلسطيني في حقوقه وتاريخه ووجوده ومصيره .&وإذا كان صحيحاً أن التحرك العربي في شأن تحديد سقيفة زمنية لإنهاء الاحتلال سيصطدم بالموقف الأميركي المعارض وأن التحرك الفرنسي على أهميته لا يخلو من الالتباس في شأن وصف الوضع المراد إنهاؤه ب"الصراع"، والذي يساوي بين الجلاد والضحية فإن الدبلوماسية العربية لكل بلد عربي ولمجموعتها في إطار الجامعة العربية ليس مطلوباً منها أكثر من التأكيد للولايات المتحدة أن حقها في دعم وحماية "إسرائيل" لا يستقيم على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والحقوق العربية ولا ينسجم مع مصالح الولايات المتحدة في هذه المنطقة وما يرتبط بأمنها واستقرارها وسلامها الذي يهم عالمنا بأسره من جهة، ومن جهة ثانية التعاطي بفعالية مع التوجه الفرنسي بالتعبير العربي الواضح والصريح للأصدقاء الفرنسيين من أن الوضع في المنطقة ليس صراعاً بين طرفين، بل هناك احتلال مستمر بحروبه العدوانية وجرائمه ضد الإنسانية واستيطان مفتوح على اقتلاع الفلسطينيين من وجودهم في أرضهم وتاريخهم وكامل حقوقهم وفي أبرزها الدولة الفلسطينية .&إن التحرك العربي والداعم للتحرك الفلسطيني دبلوماسياً هي معركة الإرادة العربية نحو الرأي العام الدولي والإنساني ستكون لها نتائج إيجابية وفي الأبرز قطع الطريق على لعبة المناورة الصهيونية مواجهة الحقيقة الفلسطينية.