كيف أضاع أوباما أميركا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
علا عباس
أضاع أوباما أميركا الديموقراطية في مرحلة أولى، وهو على وشك أن يضيعها نهائيا، وأن يجر في مسلسل الضياع هذا حلفاءه الأوروبيين، ضياع أراه شخصيا تم بعد أن كشفت سورية عورات الجميع
&
الزلزال الانتخابي الذي ضرب الولايات المتحدة أخيرا بمناسبة التجديد النصفي للكونجرس الأميركي والذي أسفر عن فوز ساحق للجمهوريين وخسارة أنصار الرئيس أوباما من الديموقراطيين لم يمر بشكل عابر هكذا دون أن يستوقف المحللين والمتابعين. ولعل أبرز ما صدر في هذا الإطار كان على يد واحد من أشد أنصار الرئيس حماسة من بين مؤيديه وناخبيه عام 2008، إنه الصحفي والكاتب الأميركي دونالد موريسون الذي يعمل حاليا مراسلا لمجلة التايم الأميركية في العاصمة الفرنسية باريس، وصاحب كتاب "كيف أضاع أوباما أميركا"؟
يتساءل الكاتب: "كيف في غضون سنوات قليلة تمكن أوباما بممارساته وسياساته، خاصة الخارجية، من أن ينشر خيبة أمل واسعة حتى بين أشد أنصاره السابقين"؟
وفي معرض الجواب عن السؤال يرى موريسون أن الأوروبيين كانوا مبهورين بالرجل، ولذلك كان من الصعب عليهم أن يروا هذه "الأسطورة الأميركية" تتدحرج نحو الأسفل وبقوا حتى الآن متمسكين ببعض عناصر هذه الأسطورة.
وحدهم الأميركيون تمكنوا في غضون فترة زمنية وجيزة من تفكيك الأسطورة إلى عناصرها الأولية وكشف ما تخفي من مبالغات وثغرات.
لقد كانت محاولات الإصلاح غير المكتملة، مثل النظام الضريبي، وإصلاح النظام الصحي، ومعدل البطالة التي لم تكف عن الارتفاع والتنازلات التي لم يتوقف عن تقديمها لأعداء أميركا وخصوصا روسيا، إيران، إلخ... وشخصيته المنطوية المقوقعة، كانت تلك هي العوامل الحاسمة التي كشفت الغطاء عن الأسطورة الصغيرة، وتركت الرئيس عاريا بلا قناع".
لكن إذا كانت صورة أوباما عند الأوروبيين تقترب من الأسطورة كما رأى موريسون فإن صورة أوباما كانت صورة أسطورية عند شعوب العالم الثالث، وخاصة العالم العربي والإسلامي.
فباراك حسين أوباما ذو الأصل الأفريقي والأب المسلم والبشرة السمراء الداكنة كان أقرب إلى أن يكون زعيما عالميا أكثر منه أميركيا، وكان خطابه الشهير في جامعة القاهرة في بدايات ولايته الأولى، ووعوده بالانسحاب من العراق وأفغانستان، ومحاولة بلورة حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كان كل ذلك بواكير خير إذا صح التعبير بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية.
لكن شيئا من هذا لم يتحقق تماما، اللهم باستثناء انسحاب متعثر من أفغانستان، وأخيرا أتى "الحدث السوري" الخطير ليكشف التناقضات التي تتخبط فيها الإدارة الأميركية التي يقودها أوباما، وشخصية الرجل الضعيفة المترددة التي تفتقر إلى الحد الأدنى المطلوب من التماسك والهيبة الأخلاقية.
لقد كان موقف أوباما من المأساة السورية وكما كتب أحد المعلقين الأمريكيين أكثر من خطأ: إنه عار من الصعب أن يتمكن أوباما أو أي من الديموقراطيين محو آثاره بسهولة.
لقد أضاع أوباما أميركا الديموقراطية في مرحلة أولى، وهو على وشك أن يضيع أميركا نهائيا، وأن يجر في مسلسل الضياع هذا أصدقاءه وحلفاءه الأوروبيين.
ضياع أراه أنا شخصيا تم بعد أن كشفت سورية عورات الجميع، وصرخ أطفالها المدفونون تحت خط أوباما الكيماوي الأحمر: العالم عار، العالم عار، العالم عار..
&