الموسيقى أداة للصراع بين «داعش» وخصومها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&&عمر الأسعد
&
&
&
&
&
&
&
حقق فيديو كليب &"بالذبح جيناكم&" الذي نشرته قناة مؤسسة &"بدايات&" في حزيران (يوليو) 2013 انتشاراً واسعاً. الفيديو الذي أعدّته وأدته مجموعة من متخرجي المعهد العالي للفنون المسرحية والموسيقى في دمشق، كان الرد الموسيقي الأول في وجه التطرف الديني الذي تشهده سورية.
&"في السابق كانت الردود الموسيقية محصورة بأغانٍ موجهة ضد عنف النظام السوري&"، يستحضر الفيديو في مشهده الأول صورة لطفل سوري يتوعد الموالين للنظام بالذبح وسط الجموع المحتفلة. وفي مشهد ثانٍ، طفل آخر يتوعد الثورة بالذبح أيضاً مهدداً إياها بالفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، لتنطلق بعدها أغنية &"بالذبح جيناكم&" بجو ساخر وصادم يتوعد السوريين جميعاً بالذبح والموت على اختلاف مكوناتهم الطائفية والإثنية، بلهجة ساخرة وناقدة للواقع الدموي الذي فرضته الحرب على السوريين اليوم، ولتختتم بجملة تهدد الإنسانية &"رح نسلخ الإنسان ونمحي البشرية&"!
لكن الإنتاج الموسيقي لن يتوقف عند هذا الكليب، فبعد توسع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام &"داعش&"، وسيطرته على مساحة واسعة من الأراضي في سورية والعراق، وفرضه قوانين عجائبية على السكان المقيمين في هذه المناطق، انطلقت مجموعة من الفيديوات والأغاني التي تستبطن المعاني الساخرة دوماً في وجه وحشية التنظيم وعنفه، ولم يقتصر الموضوع على الموسيقيين السوريين بل تعداهم إلى بقية دول المنطقة. فمن لبنان، أطلقت فرقة &"الراحل الكبير&" أغنيتها الساخرة &"مدد مدد يا سيدي أبو بكر البغدادي&"، وهي من كلمات مؤسس الفرقة خالد صبيح وألحانه، وفيها يسخر صبيح ومن معه من مغنين وعازفين من التنظيم وقوانينه الوحشية التي يفرضها على الناس وبالأخص النساء.
لكن التنظيم الذي يتمتع بقدرات واسعة على الصعيدين التقني والإعلامي، لم يقف مكتوفاً، بل حاول ايضاً أن يرد بالموسيقى على منتقديه والواقفين ضده. هكذا يستطيع الباحث عبر موقع &"يوتيوب&" أن يجد مجموعة من الأغاني التي أطلقها عناصر في التنظيم ونشروها عبر الموقع نفسه. وميزة هذه الأغاني أنها تعتمد لوناً من الغناء الشعبي المعروف باسم &"الردية&"، ما يؤكد أن العناصر الذين أطلقوا هذه &"الرديات&" هم خليجيون لإتقانهم هذا النوع المحلي من الغناء. وفيها يكرر المغنون لازِمة &"يا عاصب الراس وينك&" ويحضون الشباب على الالتحاق بالتنظيم والقتال في صفوفه. ليرد عليهم شباب وشعراء شعبيون &"يا عاصب الراس ويلك&". وبهذا انطلق تحدّ بين المجموعتين المناصرة للتنظيم والمعادية له، بمجموعة من الردّيات التي تحرض من جهة على الالتحاق بـ &"داعش&" وتعدد مزاياها. بينما يرد الطرف الآخر بتفنيد هذه الدعوة وبطلانها. هكذا اشتعلت الساحة بين ناشطين وشعراء خليجيين عموماً ومجموعة من العناصر الملتحقة بالتنظيم المتطرف، مستحضرة معها لوناً شعبياً من الشعر والغناء لا يخلو من السخرية المتبادلة بين الأطراف.
الرد على التطرف الذي بات تنظيم &"داعش&" رمزه ومختصره لم يتوقف، ويبدو أن للسوريين السبق في هذا، نظراً إلى ما يعانيه الناشطون والمواطنون السوريون عموماً من الممارسات الوحشية التي يرتكبها التنظيم بحقهم.
في نيسان (أبريل) 2014 قدم كل من رشا عباس وبتول محمد وجيرار أغابشيان وآمن العرند، فيديو بعنوان &"بحب الموت&"، وهو أيضاً من إنتاج مؤسسة &"بدايات&". وتظهر رشا عباس في الفيديو بدور مذيعة في التلفزيون السوري بماكياج فاقع ولغة عربية ثقيلة، لتستضيف تلميذة في المرحلة الابتدائية تجيد الغناء والفصاحة والخطابة. ولا تنسى عباس أن تهدي الأغنية على عادة التلفزيون السوري &"الى القائد راعي الطفولة والشباب&". والأغنية التي أدتها بتول محمد مع جيرار أغابشيان، تسخر من الموت الذي يسقط على السوريين عبر قذائف الهاون والقناصة وسكاكين الذبح، ترافقها صورة بصرية ساخرة يظهر فيها شبان يرتدون زياً أسود ويرقصون على أنغام الأغنية. ويربط الشريط بطريقة ساخرة وذكية بين ما أسّس له الاستبداد بخطابه وإعلامه وما تنتجه الحركات المتطرفة حالياً.
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ينشط موسيقيون محترفون وهواة في الرد على تطرف التنظيمات الجهادية التي بات تنظيم الدولة الإسلامية &"داعش&" يختصرها جميعها، نظراً إلى ما ينتجه من عنف ويصدره من مشاهد مروعة وأحكام غرائبية، بما يدفع كثراً إلى الرد عليه. وتبدو الموسيقى اليوم أداة فعالة بدأ بها سوريون وتبعهم لبنانيون، وبعد توسع نشاط التنظيم التحق عراقيون وخليجيون عموماً بركب الرد من طريق الفن على موجة التطرف التي تشهدها المنطقة.
&