شكرا للسنيور دي ميستورا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سمير عطا الله
يدور كلام كثير الآن حول ما يسمى مبادرة المبعوث الدولي إلى سوريا، السنيور دي ميستورا.
خلاصة الجدل، من جميع الفرقاء، هو الشك في جدواها. إذا سئلت رأيي، فأنا أيضا لا أعتقد أن المبعوث الدولي يملك شيئا من مقوّمات الوساطة، وبالتالي، النجاح. والمشكلة أننا لسنا في بداية النزاع، كما أيام وساطة كوفي أنان، ولا في وسطه، كما أيام الأخضر الإبراهيمي، ولا نحن طبعا في نهاياته.
أي أن المسألة تتطلب أكثر من وساطة على حلب وأكثر من أمنيات وتمنيات للأمين العام، وأكثر من كفاءة رجل محايد لا يملك قوة تمثيلية سياسية مثلما كان يملك الجزائري الأخضر الإبراهيمي، كممثل لدولة ذات وزن قومي، ولدول الجامعة في شكل عام.
البدء من حلب، مهزلة. ليس في سوريا كلها نقطة واحدة غير مشتعلة. دمشق مزنرة بالهجمات. الرقة مدمرة. حدود سوريا مع العراق ولبنان والأردن بلا سلطة مركزية. &"داعش&" تتراجع أو تتجمد ولكن بفعل القوة الأميركية والتحالف، أي خصوم دمشق، فهل سوف يجيرون أي تقدم عليها إلى النظام وروسيا وإيران؟
لا، بل سوف ننتقل إلى مرحلة أخرى من الصراع. وسوف يتشدد الحالم بالانتصار والآمل بالصمود. وتاليا سوف يمضي الجميع في دفع الثمن، خصوصا 20 مليون سوري دون استثناء، وكل على قدر حصته. مجموع لا يطاق.
الحل الوحيد في سوريا، مهما كان صعبا، هو مؤتمر دولي، لا جنيف واحد، ولا اثنان، ولا أربعون. مؤتمر دولي يتفق على طبيعة الحل ويكون قادرا على فرضه، وليس على توصل الأفرقاء، والبحث عن رجال المعارضة بين غازي عنتاب وإسطنبول وباريس ولندن.
السيد دي ميستورا مليء بالنوايا الطيبة وخال من كل الكفاءات المطلوبة في هذه الحال. رجل أرستقراطي، أديب في حرب شرسة. تذكِّرني مهمته بيوم قررت الجامعة (جامعتنا) تكليف وزير خارجية البحرين آنذاك، الشيخ محمد بن مبارك، إبلاغ صدام حسين أن عليه مغادرة العراق.
من الناحية النظرية، لم يكن بالإمكان العثور على رجل أكثر أدبا لنقل مثل هذه الرسالة الخطرة. من الناحية العملية، يحجم الشيخ محمد عن تبليغ حاجب مكتبه بأنه بلغ سن التقاعد.
الوسيط الوحيد الذي كان قادرا على إبلاغ الرسائل إلى النظام والمعارضة كان الأخضر الإبراهيمي، العائد من خبرة أفغانستان ولبنان. ولذلك، اضطهده الجميع ودق له الإعلام العربي الدفوف من دون معرفة شيء عن حقيقة عمله.
وعندما مشى، قال لنا ما لم يحب أحد سماعه، أو تصديقه، وهو أننا أمام صومال آخر.
وفرصتنا الأخيرة ليست دي ميستورا، بل مؤتمر دولي حقيقي تدخله موسكو من دون عظة بوتين، وأميركا من دون سياسات أوباما التجريبية.