جريدة الجرائد

«الجهاديون» في سوريا: يتبددون أم يتمددون؟

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فيصل القاسم

صحيح أن لكل بلد طبيعته الخاصة، وبالتالي تجربته الخاصة التي لا يمكن أن تنطبق على أي بلد آخر، إلا أن التجارب التاريخية التي سبقت التجربة السورية يمكن أيضاً أن تكون مقياساً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل سوريا. البعض توقع أن تنتهي الثورة السورية على الطريقة الجزائرية، ففي الجزائر نجح الجنرالات في إعادة الشعب إلى بيت الطاعة من خلال تخويفه بجماعات إسلامية متطرفة صنعها الجنرالات أنفسهم واستخدموها بعبعاً لإرهاب الجزائريين كي يعودوا إلى حضن المؤسسة العسكرية الحاكمة.

وبعد حوالي ربع قرن على اندلاع الأحداث في الجزائر في بداية تسعينات القرن الماضي، اختفت القوى الإسلامية المتطرفة، وحصل الجنرالات على شرعية جديدة غير شرعية التحرير تمثلت هذه المرة في تخليص البلاد من رجس الإرهاب والتطرف الذي صنعوه هم بأنفسهم كي يعززوا سلطتهم، ويـُفشلوا به الانتفاضة الشعبية التي كانت يمكن أن تطيح بنظامهم.


لكن وبالرغم من أن النظام السوري يعمل جاهداً منذ اللحظات الأولى للثورة على تكرار النموذج الجزائري بمساعدة جنرالات الجزائر أنفسهم، وتصوير كل من يعارضه بأنه إرهابي جدير بالاستئصال، إلا أن &"العتمة قد لا تأتي هذه المرة على قد يد الحرامي&" كما يقول المثل الشعبي، فوضع سوريا قد يكون مختلفاً كثيراً عن الوضع الجزائري، ناهيك أن الزمن غير الزمن الجزائري. إذن تعالوا نحتكم إلى أمثلة أخرى، لعلها تساعدنا في استشراف المستقبل السوري.


لو افترضنا أن الفصائل الإسلامية المقاتلة في سوريا قضت على فصائل الجيش الحر الذي لم يكن له صبغة دينية، وأصبحت تلك الفصائل وجهاً لوجه في مواجهة النظام: هل سيسمح لها العالم بأن تنتصر على النظام، خاصة وأنه يعتبرها متطرفة وإرهابية؟ بالطبع لا. في أفغانستان مثلاً عندما انتصر المجاهدون على نظام نجيب الله الذي كان مدعوماً سوفياتياً، لم يسمح لهم العالم باستلام السلطة، بل ورطهم في حرب ضروس فيما بينهم، فذهبت ريحهم، وتحول الكثير منهم إلى إرهابيين في عيون العالم بعد أن انتهت مهمتهم.

ألا يمكن أن يحدث الشيء نفسه في سوريا؟ هل النظام وحلفاؤه منزعجون فعلاً من تقدم الجماعات الجهادية على الأرض، أم إنهم سعداء جداً بتقدمها على أمل أن يتحقق النموذج الجزائري على أيديهم، لأنهم يعرفون أن العالم لن يقبل بتلك الجماعات لاحقاً، وربما يساعدهم في القضاء عليها. وستكون المفاضلة عندئذ بين تلك الجماعات والنظام، بعد أن تمكنت تلك الجماعات من القضاء على الجيش الحر الذي كان يهدد النظام فعلاً، لأنه لم يحمل صبغة إسلامية &"متطرفة&". ولا شك أن العالم سيقبل بنظام غير ديني حتى لو ارتكب كل جرائم الكون، فقط لأنه يواجه فصائل إسلامية تـُعتبر إرهابية ومتطرفة في نظر المجتمع الدولي.


البعض يخشى في هذه الحالة أن يعود السوريون إلى المربع الأول، بحجة أن البديل للنظام هو بديل إسلامي متطرف لا يقبل به أحد، فيعود النظام الخيار الأوحد للسوريين، وكأنك، في هذه الحالة، يا بو زيد ما غزيت. ولا شك أن النظام لعب على وتر الإرهاب والتطرف منذ اليوم الأول للثورة.


لكن السؤال المهم جداً الذي يمكن أن يقلب الطاولة على الجميع: حتى لو انتهى الصراع في سوريا إلى المفاضلة بين النظام والجماعات الجهادية، من يستطيع القضاء على تلك الجماعات التي اكتسبت خبرة تاريخية في القتال، وسيطرت على الكثير من الأنحاء، وأصبحت أحياناً جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي السوري، وخاصة في شمال البلاد وشرقها؟ ألم يفشل الجيش الأمريكي نفسه في القضاء على تلك الجماعات في العراق وافغانستان والصومال واليمن؟ ألم يكن لدى الأمريكيين أكثر من مائة وأربعين ألف جندي في العراق وحده، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على جماعة الزرقاوي التي لم تصمد في العراق فحسب، بل امتدت إلى سوريا نفسها في هيئة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتمدد بسرعة عجيبة؟ ولا ننسى أن حلف الناتو نفسه قاتل حركة طالبان وأخواتها في أفغانستان لمدة ثلاثة عشر عاماً، ثم خرج مهزوماً، لا بل إن أمريكا راحت تتوسل التفاوض مع طالبان، فكيف إذاً يستطيع الجيش السوري الذي أصبح منهكاً جداً وضعيفاً، ولم يعد قادراً على مواجهة تلك الجماعات حتى بمساعدة عراقية وايرانية ولبنانية كبرى وقصف قوات التحالف، ناهيك عن أنه فقد أكثر من ثلثي مساحة البلاد لصالح التنظيمات الجهادية؟ لا عجب أن صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الشهيرة وصفت سوريا بـ&"أفغانستان&" المتوسط، بغض النظر عما إذا كان ذلك نتيجة تنامي الظاهرة الجهادية، أو نتيجة استراتيجيات أمريكية مدروسة.


وبناء على هذا السيناريو والتطورات، فهذا يعني أن سوريا مقبلة على صراع طويل الأمد، كما توقع الجنرال ديمبسي قائد هيئة الأركان الأمريكية نفسه، بحيث يصبح الوضع في سوريا أشبه بالوضع الأفغاني والصومالي تحديداَ، حيث تتصارع سلطة ضعيفة مع جماعات مختلفة بين كر وفر لوقت طويل.

ولو ظلت الجماعات الإسلامية تحرز تقدماً كالذي تحرزه في الشمال والجنوب والشرق، فلا شك أنها ستصبح القوة الأكثر نفوذاً في سوريا، وربما تدخل العاصمة ذات يوم. من يدري؟ فمن استطاع السيطرة على أعتى المعسكرات في إدلب والرقة ودرعا لن تصعب عليه دمشق لاحقاً.

وهذا يعني عملياً سوريا جديدة على الطريقة الصومالية والأفغانية والعراقية، لا سمح الله. إلا إذا حدثت تطورات دراماتيكية لم تكن تخطر على بال، ونجح العالم في تحويل سوريا إلى محرقة لكل تلك الجماعات كما كان الهدف دائماً، حسب رأي البعض.
والعلم عند الله.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مبددون ومشردون يا فيصل
Raggawy -

الجهاديون والذين تسميهم بالثوار والثورة الهدامة كان معلوما لدى الكثيرين بأنها ستبدد وتنهار لان أهدافها كانت اخوانجية عنصرية ، هدامة مجرمة وإرهابية ، الثورة والثوار سبب القتل والدمار والتطهير العرقي ، لعنة الله على الثوار والثورة .

سياسة ضرب
jj -

الارهاب في بعضهم ... المايسترو اوباما بدون لف او دوران جمع العالم تحت مظلة محاربة الاراهاب والكل حبايب مع سياسة المايسترو من عدو او من المعارضة في الولايات المتحدة ...

ممكن
ولد قطر -

ان تدخل العاصمة دمشق----وبعدين---هل ستستقر --بل المؤامرة قد نفذت--معقول سوريا البلد واقدم حضارات العالم يحصل فيها هذا -منبع وانتشار المسيحية والاسلام--تتهاوى--يعني وجود القتلة من الدواعش سكان القبور واللحى ال مليئه بالقملومن معها تركع اهل الشام--والله عيب حصول هذا--لكن بالمقابل--وهذا المهم---من انشأ داعش والنصرة وغيرها--المال والدعم والسيارات رباعية الدفعوالاعمال اللوجستية والمخابراتية والتدريب وجلب المرتزقة من هي هذه الدول-(بالاقليم)ودول عظمى مثل امريكا---لكني مع اني ضد اجرام الحكم وما فعله-وكذلك ضد مجموعات من المعارضة التي تريد هدم وقتل مواطنيها لاجل مشاريع لانعرف الى اين ستقود وهم يتحملون القتل وسفك الدماء -للسوريين بسبب رفض الحوار وهذا اسميه غرور المنهزم بسبب اختباؤهم بين المواطنين بالمدن--اناشد المناضل الشجاع المتسامح الدكتور احمد معاذ الخطيب-ان لايصمت واعرف مدى حزنه وعذاباته وسوريا تدمر واجندة اجنبية وتحريض اعلامي--كله دمر سوريا وهي دولة فقيرة اقتصادا ومواطنيها يقتلون بعضهم ويدمرون ممتلكاتهم الى متى--هل هي حرب البسوس 40 سنه-اتمنى عكس هذا-لان كل يوم تاخير للصلح تزهق روح انسان-وهذا برقبة المتحاربيين حكم ومعارضة-عيب عليكم ما تفعلون-بوطنكم--الذي علمكم وتربيتم واكلتم وعشتم -تسحقونه -مخجل-في اجمل بلاد العرب-حول الى خرابه

فخر لنساء العالم
متابع--خليجي كافر -

بنات ونساء كوباني-عين العرب--سيسحقون دولة الخلافة عفوا انا غلطت--دولة الخرافة - برئاسة المجرم البغدادي- والى الابد وعلى ايدي البطلات الكرديات---وليس كما يفهمه الدواعش عن المرأة- انها لاشيء---انها تعطي دروسا قاسية ومذلة واهانة للدواعش سكان القبور واللحى الوسخة--اكثر من3 اشهر يقاومن من اسلحة خفيفة مع رفاقهم-ضد الهمج واسلحتهم الثقيلة-بينما جيش ب 50 الف هرب في عدة ساعات--لكن الذي يعجبني بالكرديات انهن متحررات ومدنيات الفكر والثقافة-وهذا سر النجاح عكس النساء التي تتبع الدواعش حيث التخلف الحضاري والفكر المشعوذ المشعشع بقلوب سوداء متخلفة- ولباسهن الخيمة السوداء المقززة

فخر لنساء العالم
متابع--خليجي كافر -

بنات ونساء كوباني-عين العرب--سيسحقون دولة الخلافة عفوا انا غلطت--دولة الخرافة - برئاسة المجرم البغدادي- والى الابد وعلى ايدي البطلات الكرديات---وليس كما يفهمه الدواعش عن المرأة- انها لاشيء---انها تعطي دروسا قاسية ومذلة واهانة للدواعش سكان القبور واللحى الوسخة--اكثر من3 اشهر يقاومن من اسلحة خفيفة مع رفاقهم-ضد الهمج واسلحتهم الثقيلة-بينما جيش ب 50 الف هرب في عدة ساعات--لكن الذي يعجبني بالكرديات انهن متحررات ومدنيات الفكر والثقافة-وهذا سر النجاح عكس النساء التي تتبع الدواعش حيث التخلف الحضاري والفكر المشعوذ المشعشع بقلوب سوداء متخلفة- ولباسهن الخيمة السوداء المقززة

كنا نقولها
سوري غلبان -

ولكن وين هي الثورة يا فيصل؟ وين هي الحرية والتعددية والتداول السلمي للسلطة والديمقراطية التي كنت تبشرنا في برنامجك الاتجاه المعاكس من الدوحة أنها تتأسس على أيدي (( الثوار)) في سورية؟ كله طلع صابون. كنا نقولها لكم منذ اليوم الأول إن الهدف أمريكيا وإسرائيليا وخليجيا في سورية ليس تغيير النظام الاستبدادي واستبداله بنظام ديمقراطي، كنا نقول لكم إن الهدف هو تدمير سورية وصوملتها، انتقاما منها على دعمها للمقاومة ولعلاقتها الاستراتيجية بإيران، وكان جوابكم الجاهز دائما، هو أننا عملاء وأزلام النظام. ها أنت اليوم قد وصلت بنفسك في هذا المقال لذات الخلاصة: سورية ذهبت أدراج الرياح، منه العوض وعليه العوض. الله يجازي اللي كان السبب.

كنا نقولها
سوري غلبان -

ولكن وين هي الثورة يا فيصل؟ وين هي الحرية والتعددية والتداول السلمي للسلطة والديمقراطية التي كنت تبشرنا في برنامجك الاتجاه المعاكس من الدوحة أنها تتأسس على أيدي (( الثوار)) في سورية؟ كله طلع صابون. كنا نقولها لكم منذ اليوم الأول إن الهدف أمريكيا وإسرائيليا وخليجيا في سورية ليس تغيير النظام الاستبدادي واستبداله بنظام ديمقراطي، كنا نقول لكم إن الهدف هو تدمير سورية وصوملتها، انتقاما منها على دعمها للمقاومة ولعلاقتها الاستراتيجية بإيران، وكان جوابكم الجاهز دائما، هو أننا عملاء وأزلام النظام. ها أنت اليوم قد وصلت بنفسك في هذا المقال لذات الخلاصة: سورية ذهبت أدراج الرياح، منه العوض وعليه العوض. الله يجازي اللي كان السبب.