جريدة الجرائد

إعدام صدام... بئس الشماتة شيمة

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رشيد الخيّون

لحظة الإعدام أوضحت أن المعارضة السابقة والنظام السابق شربا من منهل واحد، وما حصل كان مجرد تبادل أدوار ومواقع، فضاع بينهما الحلم بعراق آخر كانت الثورات أو الانقلابات تحصل بيد الجيش، مع دعم خارجي معلن وغير معلن، إلا أن ما حصل في (9 أبريل 2003) كان مختلفاً.

حصل عبر حرب واجتياح، واستبشر من استبشر وتشاءم من تشاءم، فالعواطف كانت متأججة ومتصادمة، ولا وجود لعقل سياسي ينظر إلى ما بعد الهدم، وتبين أن الغزاة كانوا يقصدونه بلا عمران، فليس هناك مشروع لا لدى الغزاة ولا العراقيين، من المعارضة الذين دخلوا تحت جناحهم،

&


ظهر هذا واضحاً في لحظة إعدام صدام حسين، فجر (30 ديسمبر 2006)، الذي صادفت ذكراه الثَّامنة يوم أمس، ليدخل العام 2007 بأسوأ مِن سابقه.

أفصح عن صغر الهدف من التقى صدام حال إلقاء القبض عليه (13 ديسمبر 2003)، وسأله: &"لماذا قتلت الصَّدر&"؟ كان السؤال نذير الاستعاضة عن العراق بالفرعيات، ولو كان السائل كبيراً لسأله: &"ماذا فعلت بالعراق&"؟ لسنا بصدد الحديث عما هل يستحق صدام الإعدام أم لا؟ وليس هناك مَن ينكر ما فعله خصوصاً بعد توليه المنصب الأول بلا منازع (16 يوليو 1979)، ولا بصدد ما فعلته المعارضة الدِّينية، خلال فترة جهادها، أذكر ذلك لأن هناك مَن يبرر الممارسات، ونحن بصدد التغيير الكبير الذي أعلنوا عنه، وأعلن عنه الأميركان أنفسهم: عراق أفضل! لكن اليأس دخلنا بعد تحول المشروع إلى مجرد انتقام واقتسام غنيمة.

كان صدام، حسب أقواله، يهمه الحديث عن شخصه ما بعد خمسمائة عام، مثلما نقرأ الآن عن الخلفاء والسلاطين، وبالفعل ما سيبقى مِن وجوده هي لحظة إعدامه، أي آخر ما تعلق في الأذهان، وكيف واجه الإعدام برباطة جأش، بينما ظهر الذي سأله عن الصَّدر خائفاً، لقد نجح صدام في خطف اللحظة وذخرها إلى بعد خمسمائة عام.

كان رئيس الوزراء وأمين &"الدعوة&" يبحث عن إنجاز، حسب القاضي منير حداد الذي حَسن الإعدام بما يُخالف القانون، لذا بالغ في حالة الاستعراض، لما ظهر أمام الشاشات وهو يمضي التنفيذ.

حدثني وزير العدل هاشم الشِّبلي، بأنه أعطى رأيه الصريح، لا يتيح القانون إعدام الشخص في عيده الديني أو الوطني، وأن الإعدام يحتاج لمصادقة رئاسة الجمهورية، غير أنه بتزوير أحد اتباع &"الدعوة&" وكالة نفذ الأمر.

ليس هناك أشهر مِن لحظة إعدام صدام، وما حصل بعدها يريك أن القوم لا يجيدون سوى الانتقام، فحتى قبل شهور كنت أشك أن ابن نوري المالكي تزوج في عشية الإعدام، أو أن الجنازة حملت إلى عتبة &"قصر&" المالكي، وتم الفرح هناك، لكنها الحقيقة، حتى أظهر المالكي الإعدام حفلة قتل، مع الإصرار على التنفيذ في أول يوم الأضحى، أما تبريرات الاستعجال بالإعدام، وبهذا المشهد المبتذل، فظهرت غير صحيحة.

قرأت في مقابلة &"الشرق الأوسط&" مع جلال طالباني (10 أغسطس/ 2009)، وسمعت من سكرتيره الصحفي كمال قرداغي بأنه كان خارج العراق، ورفض التوقيع على قرار الإعدام، وعندما وصله خبر التنفيذ تمثل ببيت الجواهري: بئس الشَّماتة شيمةٌ ولو أنها.... إذ يُغتلى جرحٌ تعفن بلسم،

والبيت من &"قلبي لكردستان&"(1964)، نعم، ما حصل كان تشفياً، والبلسم الذي كان العراقيون ينتظرونه، مِن التغيير، تعفن ولم يصلح علاجاً، كان مِن الممكن السماع للدول التي طلبت تأجيل توقيت الإعدام، لأنه يوم عيد الأضحى، بما يساعد على تطبيع الأوضاع، تلك الحادثة التي برزت قوية فجر ذلك اليوم، على أن المعدوم كان قرباناً، وإنه يُذكر بالمتكلم الجعد بن درهم، الذي ضُحي به أسفل منبر مسجد الكوفة في اليوم نفسه (105 هـ)، ولأن التشفي صار شيمةً تقدمت، بعد حين، مجموعة اعتمرت الطَّائفية، وتقدمت بأهازيج متوحشة ونبشت القبر، فزكت خصمها من أي ظلم اقترفه، فطبقت ما فعله العباسيون بالأمويين، كي تبقي قول أبي عطاء السندي (ت نحو 158 هـ) حيَّاً: &"يا ليت جور بني مروان عاد لنَّا/ وإن عدل بني العباس في النَّار&"(ابن قتيبة، الشِّعر والشِّعراء).إن السذج وحدهم يعتبرون ما حصل إنجازاً، لأنهم لا يرون أبعد من أرنبات أنوفهم، فلا يعنون ببناء، بعدها تتالت (إنجازات) المالكي وحزبه بإغفالهم لأهم ما يُحاكم عليه النِّظام السَّابق، لقد نُسي وراء لحظة الإعدام، التي أوضحت أن المعارضة السابقة والنِّظام السابق شربا مِن منهل واحد، وما حصل كان مجرد تبادل أدوار ومواقع، فضاع بينهما الحلم بعراق آخر.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
راوحت بين الخطأ والصواب
نـــــــــــــون -

يا سيد خيون ، صياغتك جميلة وأسلوبك رقيق لكن المضمون ليس كذلك في الكثير من الإشارات والأحكام . أولا يا ليتك لم تقل " وكنا بصدد التغيير الكبير الذي أعلنوا عنه، وأعلن عنه الأميركان أنفسهم: عراق أفضل! لكن اليأس دخلنا بعد تحول المشروع إلى مجرد انتقام واقتسام غنيمة . فهذا الكلام من قبل رجل مثقف وسياسي مثلك لا يمكن أن يُقنع بأنك كنت تأمل خيرا لبلدك على أيدي من احتلّها بكل أسلحة الدار المحرمة ومبررات التزييف والبلطجة ". أما قولك مرتين " إن المعارضة السابقة والنِّظام السابق شربا مِن منهل واحد، وما حصل كان مجرد تبادل أدوار ومواقع" فليس صحيحا بكل المقاييس . لقد حضرتُ معظم مؤتمرات المعارضة الأميركية ـ الصهيونية " متسلحا" ببطاقتي الصحفية وسمعتُ ورأيتُ ما لا يمكن لمن فيه ذرة إحساس وطني أن يقوله . هؤلاء الذين تصفهم أنهم شربوا من نفس منهل النظام السابق كانوا يُهانون علنا قيادة وقواعد في اجتماعهم العام بلسان مبعوثين وضباط مخابرات أميركيين من خلال تعمُّد إعطائهم أوامر المهام التي يجب أن يعملوها للتجسس على بلدهم بداعي واجب التجسس على صدام بحضور الجميع . صدّقني كبارهم كانوا يُطأطؤن الرأس استجابة لما يوعز إليهم بأسلوب مقصود . أما موقف صدام في الثواني الأخيرة قبل جريمة إعدامه وردّه على من هتف للصدر قائلا قبل شهادة لا إله إلا الله : " هاي المرجلة !" فقد وضعته بنظري في أعلى عِلّيين " وهي بالمناسبة إحدى التعابير التي كان يرددها . رحمه الله .

اراذل القوم
عراقي -

لله درك، لا يفعلها عربي ولا مسلم ،هم ابعد اهل الأرض عن هذه الشمائل ولا ينبغي ذلك ولو فعل صدام مثلها وأسوء، بلا إنهم تشبهوا به في كل شيء وزادوا عليه انهم حولوا العراق الى دولة فاشلة ينخرها فسادهم وجهلهم وطائفيتهم ، ارتضوا ان يكون العراق ساحة لنفوذ ايران تعبث فيه وتغنم منه ما تشاء فجعلته سدها المنيع امام أي تهديد امريكي ،ادخلت اليه هي وسوريا بعد ٢٠٠٣ القاعدة وإرهابها لغرض افشال المشروع الامريكي مخافة أن يستهدفهما وها هما ـ ايران وسورياـ قد سلما الموصل بأوامرهم الى المالكي الى داعش لغرض رفع مستوى التهديد الأمني الارهابي لمنطقة الشرق الأوسط ووضع أميركا أمام خيار التنسيق مع سوريا وأيران لدفع هذا التهديد الأمني غيرالمسبوق وأجبارها بالتسليم ببقاء الأسد لأن بديله خيارا الإرهاب أو الفوضى وأن تصل في نهاية المطاف لسياسة التسوية مع أيران ورفع العقوبات والأعتراف بها كقوة أقليمية لها نفوذها ومصالحها ، كما إن النظامين يحلمان بعد هذا الإستقطاب الطائفي والإثني الحاد بإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط ليخرج النظام السوري بدولة العلويين والأقليات ولتخرج ايران بجنوب العراق الشيعي و٧١ بالمئة من نفط العراق ، ان ايران وبتسليمها داعش الموصل قد نجحت في شيطنة السنة وتضييع قضيتهم كما نجحت من خلال داعش دفع الشيعة الى الحضن الايراني وتوسيع الفجوة بين عرب العراق السنة والشيعة وطمس الهوية الوطنية ـ معلوم ان داعش وقبلها القاعدة في العراق لم يكن لها ان تكون لولا الدعم المخابراتي السوري من وصولهم ؛الأفراد؛ الى الأراضي السورية حتى عبورهم الى العراق أوالى أفغانستان عبرأيران دون الختم على جوازاتهم فهي إن لم تكن صناعة سورية بالكامل فلاشك إنه تنسيق عالي المستوى وتحالف قائم على أهداف مشتركة وليرجع من يشك في ذلك الى إعترافات ألإرهابيين في تلفزيون العراقية طيلة السنين الماضية وكيف يتم تدريبهم من قبل المخابرات السورية ...والحكومة العراقية لا يمكن ان تتجنى في ذلك على النظام السوري حليف إيران- ؟؟؟ فمن باع العراق يا سيد رشيد الخيون ورضي بكل هذا بريءٌ من الاسلام ومن العروبة والوطنية وكل القيم ألأنسانية وهذه نهايتهم قد ازفت لقد ورَّطوا انفسم بفخ كبير وقعوا هم فيه ،ففتحوا بذلك صراعاً وجوديا استجلب كل القوى الدولية وعلى رأسها أمريكا بعد ما كان أوباما يلتمس كل عذر لينئى بالسياسة الأمريكية عن المواجهة،لقد كلفت