جريدة الجرائد

مقتدى الصدر يُربك المشهد العراقي باعتزاله السياسة

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حيدر الحاج

للمرة الثالثة، يتم الإعلان عن اعتزال زعيم "التيار الصدري" السيد مقتدى الصدر، العمل السياسي.

ويبدو أن هذه المرة قد تكون نهائية، سيما وأن اعتزاله جاء بسبب "الفساد" الذي يُنسب إلى أعضاء في تياره السياسي وأدى إلى تشويه سمعة عائلته ذات المكانة المرموقة، حسب مراقبين.

ففي المرتين السابقتين كان إعلان العُزلة يصدر عن مقربين منه، لتتضارب بعدها الأنباء حول صحة ما أُشيع، لكن هذه المرة صدر صراحة عبر بيان رسمي ذُيل بتوقيع المعمم الشاب وحمل أيضا ختمه الشخصي.

إذ أعلن الصدر في وقت متقدم من مساء أول من أمس، وفي شكل مفاجئ، انسحابه من العملية السياسية برمتها، وإغلاق المكاتب التابعة للتيار الذي تزعمه روحيا لسنوات سابقة، باستثناء بعض المؤسسات الدينية والخدمية والتعليمية، مؤكدا انه لم يعد له أي ممثل في الحكومة ولا في البرلمان.

هذا الإعلان الذي شكل صدمة لأنصار الصدر وأتباعه، بات الشغل الشاغل للأوساط السياسية والإعلامية منذ لحظة صدوره. إذ حفلت المجالس الخاصة والعامة في العراق وكذلك وسائل الإعلام المختلفة ومواقع العالم الافتراضي، بأحاديث وتحليلات وتفسيرات لهذا الانسحاب الذي جّر معه اعتزال عدد من نواب كتلة "الأحرار" الذراع البرلماني للتيار الصدري، تضامنا مع زعيمهم.

وسبق للصدر اعتزال الساحة السياسية موقتا العام 2008، وتفرغ حينذاك للدراسة الدينية، حيث أقام لفترة في مدينة قم الإيرانية ليعود بعدها إلى مقر إقامته في مدينة النجف الاشرف في جنوب بغداد. لكنه عاد للظهور السياسي مجددا عقب حدوث أزمات داخلية في مقدمتها، تأخر تشكيل الحكومة الحالية عقب الانتخابات التشريعية عام 2010.

الاعتزال الثاني، كان صيف العام الماضي عندما أشيعت أنباء "غير مؤكدة" عن اعتزال الزعيم الشاب للعمل السياسي وإغلاق مكتبه الخاص، وهو ما نفاه آنذاك نواب وساسة مقربين منه قالوا إن "أطراف سياسية منافسة أشاعت هذه الأخبار لغرض تسقيط التيار الصدري".

قرار الاعتزال الجديد جاء في تصريح مكتوب تناقلته في شكل متواتر مواقع الشبكة العنكبوتية، وأعلن فيه الصدر "إغلاق جميع المكاتب وملحقاتها وعلى الصعد كافة".

وفي محاولة منه على ما يبدو لعدم استغلال أسم ومكانة والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، وأبن عم أبيه آية الله محمد باقر الصدر، قال مقتدى: "لا يحق لأحد تمثيلهم والتكلم باسمهم والدخول تحت عنوانهم مهما كان". وأضاف: "أعلن عدم تدخلي بالأمور السياسية عامة، وأن لا كتلة تمثلنا بعد الآن ولا أي منصب في داخل الحكومة وخارجها ولا البرلمان"، مهددا من يتكلم خلاف ذلك بـ"المساءلة الشرعية والقانونية".

الصدر الذي يحظى هو وعائلته بشعبية واسعة في محافظات الوسط والجنوب العراقي، أبقى على مؤسسات دينية وإعلامية وتعليمية وأخرى تقدم خدمات خيرية، بعيدا عن قرار الغلق، مؤكدا أنها ستكون تحت إشرافه المباشر أو من خلال لجنة يُعينها شخصياً.

الزعيم الشاب برر قرار انسحابه الذي قال انه يأتي من "منطلق شرعي" في رغبة منه لـ"المحافظة على سمعة آل الصدر الكرام، لا سيما الشهيدين الصدرين، ومن منطلق إنهاء كل المفاسد التي وقعت أو من المحتمل أن تقع تحت عنوان مكاتب السيد الشهيد داخل العراق وخارجه، ومن باب إنهاء معاناة الشعب كافة والخروج من أفكاك السياسة والسياسيين".

إشارة الصدر في بيانه إلى قضايا "الفساد" التي يُتهم أعضاء في تياره السياسي بارتكابها، تؤطر إلى أن قضية تصويت غالبية نواب الكتلة البرلمانية التابعة لتياره السياسي على المادتين 37 و 38 من قانون التقاعد الموحد واللتان أثارتا الجدل حول ما سمي بـ"الخدمة الجهادية" ومنحتا امتيازات للرئاسة الثلاث (الجمهورية، البرلمان، الوزراء) والوزراء والنواب وذوي الدرجات الخاصة، دفعته في شكل رئيسي لاتخاذ قرار الاعتزال وإغلاق مكاتب تياره السياسي.

وهنا يعلق عبد الحليم الرهيمي المحلل السياسي، قائلا إنه "تم الثبوت لدى السيد مقتدى الصدر أن غالبية أعضاء الكتلة النيابية لتياره السياسي صوتوا على فقرتي الامتيازات... خصوصا إن المرجعية الدينية العليا في النجف والتي يلتزم الصدر بتوصياتها حضت على رفض هاتين الفقرتين".

وشاطر مراقبون آخرون رأي الرهيمي، حيث أكد كثير منهم بأن أسباب الاعتزال "دلالتها داخلية صرفة، وليس فيها أي دﻻلة خارجية"، وقال احدهم تعليقا على الحدث الأبرز في العراق، أن "بيان السيد مقتدى واعتزاله يكشف في شكل واضح وصريح انه ضاق ذرعا بالمنتفعين وعصابات الجريمة والفساد المنظمة التي تعمل باسم تياره".

في المقابل، هناك من أشار إلى أن قرار الاعتزال جاء بإيعاز من طهران التي يشاع أن بعض رجال الدين فيها يملكون تأثير كبير على الصدر. لكن هذه الرؤية لم تلق صدى واسع لدى دوائر المراقبة والتحليل السياسي حتى أن بعضهم المح إلى إمكانية عودة الصدر الى الحياة السياسية بضغط من أتباعه الذين تشير الأنباء إلى أنهم مستعدين للخروج بتظاهرات تطالب الصدر بالعودة عن قراره.

وبينما اتضحت في شكل أولي وعبر قنوات التحليل، خلفيات هذه الخطوة، يبقى الانتظار سيد الموقف لما ستشكله تداعيات الاعتزال على الوضع السياسي الداخلي، في ظل ترجيحات تفيد بان تأثير ذلك لن يقف عند حدود التيار الصدري بل سيتخطاه لتظهر أثاره على كافة الكتل السياسية، خصوصا وان الانتخابات التشريعية على الأبواب.

وأعلن 6 من نواب "كتلة الأحرار" التابعة لـ "التيار الصدري"، وهم: مها الدوري، زينب الطائي، إيمان الموسوي، حسين علوان، حسين طالب، وحسين همهم، خلال مؤتمرات صحافية في مبنى البرلمان، امس، إنسحابهم من العمل السياسي في المجالات كافة تضامناً مع قرار زعيم الصدر اعتزال العمل السياسي، وغلق مكاتب التيار داخل البلاد وخارجها.

وقالوا إن "الانسحاب يشمل الاستقالة من البرلمان الحالي، والانسحاب من الترشّح للانتخابات البرلمانية المقبلة".

ميدانيا، قتل تسعة من عناصر الامن بينهم ضابط رفيع المستوى في ثلاث هجمات متفرقة في محافظتي كركوك وصلاح الدين شمال البلاد.

من ناحيته، صرح الفريق الركن عبد الامير الزيدي قائد عمليات دجلة العسكرية المنتشرة في محافظات كركوك وبعقوبة وصلاح الدين، أمس، بان قوات الجيش أحبطت محاولة قام بها نحو مئة من عناصر "تنظيم دولة العراق والشام الاسلامية" (داعش) للسيطرة على ناحية الرياض وتمكنت من قتل ستة مسلحين غرب كركوك.

وقتل اثنان من عناصر حماية المنشآت ومدنيان وجرح 6 امس، في هجمات شنّها مسلحون للسيطرة على مبنى مديرية الشرطة والمجلس البلدي في قضاء الحضر جنوب الموصل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف