جعجع رئيساً للبنان هل هذا معقول ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح القلاب
المواصفات التي اشترطها الرئيس السوري بشار الأسد للرئيس اللبناني الجديد ،الذي من المفترض أنْ يخلف الرئيس الحالي ميشال سليمان، لا تنطبق على سمير جعجع ،الذي بادر إلى الإعلان عن ترشيح نفسه إلى هذا المنصب قبل أيام، فهو ليس لاممانعاً ولا مقاوماً وهو يُحسب على تيار الرابع عشر من آذار (مارس) الذي بينه وبين سوريا ما صنع الحداد وبينه وبين حزب الله وزعيمه حسن نصر الله ما لايمكن تجاوزه بكلام "دبلوماسي" غير قابل لا للصرف ولا للإعراب كان قاله قائد القوات اللبنانية وهو يقدم نفسه كبديل لساكن قصر بعبدا الحالي.
وحقيقة أنها معجزة أن يصبح سمير جعجع رئيساً للبنان طالما ان مواصفات بشار الأسد لا تنطبق عليه وطالما أنَّ حزب الله يشكل دولة أقوى من الدولة اللبنانية ثم طالما أن قوات هذا الحزب ،بقضها وقضيضها، تقاتل في سوريا وما دام أنَّ هذه الحرب المدمرة لا تزال تطحن "القطر العربي السوري" طحناً وتستقطب كل هؤلاء المصابين بـ"الإيدز" الطائفي الذين يُرسَلون من العراق وإيران بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب وعن قبر حجر بن عدي.. وأيضاً بحجة تحرير فلسطين ورحم الشاعر يوسف الخطيب الذي كان قال ،في قصيدة كل بيت منها يشكل قصيدة بحد ذاته، :"تُزْجي القوافل أنْغولا عن النّقب".
إن الواضح أن سمير جعجع سارع إلى الإعلان عن ترشيح نفسه من أجل جسِّ النبض ومن أجل خلطٍ مبكر للأوراق وربما خدمة للرئيس الحالي ميشال سليمان الذي هو أيضاً :"غير مقاوم ولا ممانع" والذي قد يحالفه الحظ ويتم إختياره مجدداً على غرار ضربة "البخْت" التي جاءت بالسيد تمام سلام رئيساً للوزراء والذي لم يكن متوقع مجيئه مع أن والده صائب سلام كان دائماً وأبداً رقماً رئيسياً في معادلة الحكم اللبناني وذلك قبل أن يكون هناك "أمنٌ مستعار" وقبل أن يصبح الآمر الناهي في بلاد الأرز هو رستم غزالة!.
كل شيء جائز فقائد القوات اللبنانية سمير جعجع لديه من مواصفات الزعامة والرئاسة أكثر كثيراً من بعض الذين تبوأوا هذا الموقع وبخاصة في الفترة التي أصبح فيها الرئيس اللبناني تعينه المخابرات "الشقيقة المجاورة" فهو الأكثر شعبية ،حسب إستطلاعات الرأي، من كل المتداولة أسماءهم في هذا المجال ومن بينهم ميشيل عون الذي أضطر طمعاً في هذا المنصب أن يتخلى عن قناعاته السابقة ويتحالف مع حسن نصر الله وحزبه ويذهب مراراً وتكراراً إلى دمشق وإلى طهران ليقرأ مزامير التوبة ويعلن تخليه عن ماضٍ جعله يهرب إلى باريس من حلفاء اليوم ويبقى هناك لنحو خمسة عشر عاماً.
في لبنان ليس دائماً وأبداً تلعب الكفاءة العامل الأول والرئيسي لاختيار رئيس الجمهورية فتارة "المحاصصة" الطائفية هي العامل الحاسم وتارة أخرى العامل الخارجي وبخاصة عندما يكون هناك أمن مستعار ولهذا فقد بقي الرجل العظيم والنظيف والأكثر كفاءة ريمون إدَّه ،الذي أنهى حياته منفياً في باريس بعد أن عاش سنوات طويلة في أحد فنادقها، ينتظر على رصيف الرئاسة دون أن يحالفه الحظ وينتقل إلى قصر بعبدا.. والسبب هو أنه بقي متمسكاً بقناعاته وأنه رفض تقديم أيٍّ من التنازلات التي قدمها غيره.
ولهذا فإنه من الصعب رؤية سمير جعجع وقد أصبح في قصر بعبدا وذلك مع أنه في بيان الإعلان عن ترشيح نفسه قد حاول مغازلة حسن نصر الله وإنْ هو أكد على أنه سيلزمه بسحب قوات حزب الله من سوريا.. فلبنان له حساباته الخاصة وميشيل عون هو الأكثر حُظْوة عند مَنْ اشترط رئيساً "ممانعا" خلفاً للرئيس الحالي ميشال سليمان.. وهنا وفي كل الحوال فإنه لابد من تذكُّرِ بيت الشعر القائل ونحن بصدد الحديث عن هذه المسألة :"تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"!.