عصابات تدّعي الارتباط بجهات سياسية تستولي على عقارات المسيحيين في بغداد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بغداد
تشن عصابات تدّعي الارتباط بجهات دينية وحزبية في العراق، كما تقول منظمة غير حكومية ،وضحايا عملية استيلاء على عقارات وأراض في بغداد تعود خصوصا إلى مسيحيين غادر معظمهم البلاد بسبب أعمال العنف والفوضى المستمرة منذ الاجتياح الأميركي في 2003.
لكن الجهات نفت أي تورط في هذه الأعمال وعزت الأمر إلى عجز الدولة عن ضمان أمن هذه الأراضي. وقال رجل دين، من احدى الطوائف المسيحية رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس، إن "عددا كبيرا من أصحاب العقارات من المسيحيين باعوا عقاراتهم بأبخس الأثمان بسبب التهديدات التي تلقوها من عصابات استولت على ممتلكاتهم".
وأضاف ان "عمليات الاستيلاء بدأت قبل سنوات في منطقة الكرادة التي كانت العائلات المسيحية تملك معظم عقاراتها قبل ان تغادر العراق بسبب العنف والتهديدات والتهجير". ويساوي المتر المربع في حي الكرادة في المناطق السكنية نحو 1500 دولار فيما يتجاوز في المناطق التجارية ثلاثة آلاف دولار.
وأكد عدد من المسيحيين لفرانس برس قيام "جهات مسلحة تدعي انتماءها إلى التيار الصدري وعصائب أهل الحق بالاستيلاء على أملاكنا وعقاراتنا في بغداد" على مرأى ومسمع القوات العراقية التي لا تحرك ساكنا.
لكن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أثار مفاجأة -متدخلا للمرة الأولى -هذه القضية التي تحدث عنها بصراحة لكن دون الإشارة إلى ان الأملاك تعود للمسيحيين. ومع ذلك، بالإمكان اعتبار تنديده باستيلاء عصابات على أملاك الآخرين رفعا للغطاء عن المجموعات التي دأبت على ارتكاب هذه الانتهاكات.
وقال الصدر "هناك مجموعة تعمل على الاستيلاء على قطع الأراضي في بغداد ومناطق أخرى مدعين معرفتنا بذلك". وأضاف "تلك جرائم لم أستطع السكوت عنها فصوتنا ضد الباطل لن يتوقف لا سيما من يمس أمن العراقيين ولقمتهم مضافا إلى تشويه سمعتنا".
وقال وليم وردة رئيس منظمة "حمورابي لحقوق الإنسان" لفرانس برس "تلقينا عشرات الحالات وغالبيتها تخشى التقدم بشكوى إلى الدولة، قائلين (لا نستطيع ان نحمي انفسنا اذا رفعنا شكوى خوفا من خطف أحد أفراد عائلتنا ،لأن هؤلاء أشرار)". ورغم لجوء أصحاب العقارات إلى القضاء، إلا أن محاولاتهم تبوء بالفشل بسبب تعاون بعض عناصر الشرطة التي تخشى سطوتهم أو التعاون معهم على أسس حزبية.
وأوضح وردة في هذا الشأن "حتى لو شكوا أمرهم إلى الشرطة، فإن عناصرها يقبضون رشاوى لغض النظر عن القضية (...) يصبر الناس على هذه المشاكل قهرا، حتى تتمكن الدولة من فرض القانون في يوم من الأيام".
ولا يزال الكثير من أصحاب الأملاك يرفضون بيع عقاراتهم نظرا لتمسكهم بالعراق وهم أقدم مكوناته التاريخية، آملين في العودة مجددا بعد استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في بلاد ما بين النهرين.
ومنذ الاجتياح الأميركي، هرب مئات الآلاف من المسيحيين العراقيين من المناطق التي كان يستوطنها أجدادهم قبل ظهور الإسلام بسبب تصاعد النزعة الإسلامية المتطرفة والمواجهات المذهبية.
ولجأ الكثير منهم إلى كردستان العراق وآخرون إلى دول الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا الشمالية. ويشهد العراق اعتداءات يومية بسبب التوتر الشديد بين السنة والشيعة.
وتعمد هذه المجموعات إلى مساومة أصحاب العقارات على مبالغ متدنية بشكل خيالي مقابل التخلي عنها بعد يأسهم من التوصل إلى حل من خلال الوسائل القانونية والقضائية.
وأكد وردة ان إحدى وسائل "بعض العصابات تزوير وكالات قانونية لتملك العقارات وبيعها"، مشيرا إلى "حالات في مناطق أخرى غير الكرادة مثل الدورة جنوبي بغداد". وقال من الممارسات الشائعة أيضا "رفض دفع الإيجار لصاحب العقار وتهديده ،الأمر الذي يدفعه إلى المغادرة والكف عن المطالبة حفاظا على حياته".
من جهتها، قالت أحلام عسكر، المقيمة في بريطانيا في اتصال هاتفي مع فرانس برس، إن "عصابة تدعي انتماءها إلى التيار الصدري استولت على منزلي في الكرادة وحاول موكلي استرداده إلا أن محاولاته باءت بالفشل". وأضافت :إن "المنزل هو مصدر رزقي الوحيد ورفضت بيعه، لأني أحلم بالعودة عندما تستقر الأوضاع الأمنية التي دفعتني إلى المغادرة كالآلاف غيري".
وقد بلغت أعداد المسيحيين في العراق أكثر من مليون نسمة قبيل 2003، إلا أنها تراجعت وتدنت إلى زهاء400 ألف نسمة يتوزعون خصوصا على المحافظات الشمالية والعاصمة بغداد، وفقا لأرقام الكنائس ومراكز الأبحاث.
تشير الأرقام إلى استهداف عشرات الكنائس من أصل 170 موزعة في العراق من زاخو شمالا إلى البصرة جنوبا، فيما أدت الهجمات إلى مقتل نحو ألف مسيحي وإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح.
وتدعي المجموعة التي استولت على منزل أحلام أنها حصلت على فتوى من المرجع الشيعي المقيم في طهران كاظم الحائري بجواز استغلال العقار الذي يعود إلى "أحد أزلام النظام السابق وجواز الصلاة فيه". كما تدعي الانتماء إلى التيار الصدري تارة وعصائب أهل الحق تارة أخرى، بحسب المحامي الذي رفض الكشف عن اسمه خوفا على حياته. وتستولي على الأملاك بذريعة أنها تعود "لأزلام النظام السابق" أو ان "العقار مطلوب عشائريا" وغيرها من الحجج.
والعصائب جناح منشق من التيار الصدري. وتشهد العلاقات بينهما تشنجا كبيرا ومناوشات كلامية ومواجهات في بعض الأحيان.