جريدة الجرائد

عندما يسرق داعش العناوين الرئيسية

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اوكتافيا نصر

تتحمّل وسائل الإعلام مسؤولية صعود "داعش"، هذا التنظيم الإسلامي المتشدّد الذي لا علاقة له على الإطلاق بالإسلام وتعاليمه، وكل ما يعرفه هو الغضب والكراهية وقطع الطريق على فرص عيش حياة كريمة.
وكذلك تتحمّل مجتمعاتنا، الشرقية والغربية، مسؤولية صعوده. فقد ركّزت كثيراً على المصالح المادية ونسيت أن الإنسان لا يزال جوهر كل شيء. تنجب الأمهات أطفالاً ويرتكزن في تربيتهم على مجموعة من المعتقدات التي تتأثر إلى حد كبير بتعليمهن وبيئتهن. وتطبع الأحداث حياة الأولاد الذين يتعرّضون لغسل دماغ منذ نعومة أظفارهم، بواسطة أفكار مشوّهة ابتدعها الإنسان، مثل الوطنية، والدين، والمقاومة، والحرب والسلم، والصواب والخطأ... في الثقافات العربية، نشأت أجيالٌ في ظل أنواع مختلفة من الأنظمة الملَكية. وخضعت أجيال أخرى لأنظمة ديكتاتورية أُطلِقت عليها أسماء حديثة، وتصرّف حكّامها تماماً كما في الأنظمة الملكية، فاستمرّوا في الحكم مدى الحياة ومن ثم أورثوه لأبنائهم.


أليس أفراد "داعش" أبناءنا الذين يبحثون عن "الصراط المستقيم" و"العدالة"، كما تعلّموا في منازلهم أو في المدارس أو الشوارع أو المساجد؟ مَن غسل أدمغة هؤلاء الشباب ودفعَهم إلى الاعتقاد أن العالم يحتاج إليهم وإلى مفهومهم للإسلام؟ أهو أب أم أُم أم أخ أم نسيب؟ أهو أستاذ أم مدير مدرسة أم طالب زميل تقاسم معهم كتاباً أو طاولة على مقاعد الدراسة؟ أهو رجل دين أم أنهم استلهموا أمثال بن لادن أو الظواهري أو الزرقاوي؟
تركّز وسائل الإعلام على النتيجة النهائية لما يقوم به "داعش" وعلى ممارسات أفراده. تبث صوراً حية تبقى محفورة في ذاكرتنا: قطع رؤوس، إعدام جماعي، صلب، وهي مشاهد لا تختلف كثيراً عما يعرضه بعض البرامج عبر شاشات التلفزيون بدافع الترفيه أو عما نشاهده هذه الأيام في الأفلام.


لدى مشاهدة أحد هؤلاء القتلة الشباب العديمي الرحمة، نتلمّس شغفه الشديد. لا بدّ أن مصدره مكان مجاور تعرفونه جيداً. علينا أن نبحث هناك ونعمل على التغيير.


لا يختلف تنظيم "داعش" كثيراً عن مجموعات أصولية أخرى أبصرت النور في أجزاء مختلفة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إنها متشابهة، باستثناء أن تنظيم "داعش" أكثر تشدّداً، وإذا لم تستأصل من جذورها، فسوف تتوسّع وتتفاقم المشكلة.


تولّد الأفعال وردود الفعل الجماعية، التطرّف وتساعده على النمو والانتشار. حبذا لو نتوقّف عن الشعور بالصدمة والذهول إزاء ما تقوم به "داعش" كأنه جديد من نوعه.
يجب أن يتحلّى العرب والمسلمون بالشجاعة للإقرار بأخطائهم وانتقاد أنفسهم. وإلا سيستمر التطرف في الانتشار، ولن يبقى أمامنا جميعاً سوى أن نعيش في العالم الذي يفرضه علينا تنظيم "داعش" وأمثاله!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف