ماذا لو «غرقت» حماس في بحر غزة ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&احمد ذيبان
يستدعي العدوان المتواصل على قطاع غزة ، الى الذاكرة مقولة رئيس وزراء اسرائيل الاسبق اسحق رابين ، خلال الانتفاضة الأولى &" أتمنى أن أصحو وأجد البحر قد ابتلع غزة&" وهي مقولة عكست حجم الاحباط الاسرائيلي من احتلال القطاع ، جراء الصمود والمقاومة ، وفشل الاحتلال في تركيع سكان القطاع وكسر ارادتهم، وهو صمود أجبر ارئيل شارون، أحد غلاة اليمين الاسرائيلي ، على الانسحاب من جانب واحد عام 2005، وتفكيك المستوطنات بما يشبه الهروب.
لكن ذلك الانسحاب اقترن بعقوبات جماعية انتقامية ، تمثلت بفرض حصار شامل وظالم على سكان القطاع حوله الى سجن كبير، وسط تواطؤ دولي وصمت عربي ، بل ومشاركة من بعض الأطراف العربية ! والهدف الجوهري لهذه السياسية العنصرية ، هو فصل القطاع عن الضفة الغربية وتحطيم عنصر أساس لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، بالتزامن مع تحويل الضفة الى كانتونات مقطعة الاوصال، وهو ما يتم عمليا على الأرض،رغم لعبة المفاوضات التي تمارسها تل ابيب مع السلطة الفلسطينية، منذ اتفاق اوسلو قبل عشرين عاما !
ولم تقتصر العقوبات على سكان القطاع على الحصار،بل تعرض منذ عام 2008 الى ثلاثة حروب همجية من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، بالاضافة الى عمليات قصف جوي واغتيالات وتوغلات برية متقطعة بين فترة وأخرى، بحيث أصبحت أجواء الحرب هو الوضع الطبيعي لسكان القطاع والهدوء حالة استثنائية.لكن غزة صامدة وتقاوم بالارادة وبامكانات بسيطة آلة حرب جبارة وهمجية، ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد انسانية وحرب إبادة شاملة، لا تفرق بين صغير وكبير، أوبين مدني ومقاتل .. بين رجل وامرأة ..بين مريض ومعافى ، ورغم ذلك لم يبتلع البحرغزة!
حكومة نتنياهو وما سبقها من حكومات، تزعم أن سبب استهداف قطاع غزة ومحاصرته، هو سيطرة حركة حماس عليه ، واطلاق الصواريخ على المستوطنات والبلدات القريبة من القطاع ، لكن على غرار مقولة رابين&" التي تمنى فيها غرق غزة لنفترض جدلا أن بحر غزة &" ابتلع حركة حماس&"!، فهل ستتوقف مقاومة أهل القطاع والاهم من ذلك هل ستوافق اسرائيل على اقامة الدولة الفلسطينية المتصلة جغرافيا في الضفة والقطاع ؟ هذا هراء ومحاولة مكشوفة لخداع الرأي العام، ودق أسافين في جدار الوحدة الوطنية الفلسطنية، وكان العدوان الأخير يندرج في هذا الجهد الخبيث ، ولنتذكر أن المفاوضات الاخيرة بين السلطة واسرائيل التي جرت قبل اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، فشلت بسبب اصرار اسرائيل على فرض شروطها!
وقد أعلن نتنياهو منذ تم توقيع اتفاق المصالحة رفضه له، وطالب الرئيس محمود عباس بالتراجع عنه وبالفعل تسبب العدوان الاخير بزيادة مساحة الشكوك وهز الثقة بين الطرفين وتجلى بالخلاف حول قبول &"المبادرة المصرية&" لوقف اطلاق النار !
بغض النظر عن الفترة الزمنية، التي سيتواصل خلالها العدوان، فان غزة لن تغرق في البحر، ولن تركع وليس لديها ما تخسره، وإرادتها في الصمود والمقاومة أقوى من إرادة الاحتلال، وفي خضم هذا الصمود الأسطوري وشجاعة المقاومة والسكان المدنيين ، لا بد من توجيه التحية للطواقم الطبية والدفاع المدني العاملن في القطاع ، بمن فيهم كوادر المستشفى الاردني الميداني والمتطوعون الأجانب ، التي تستبسل بصورة استثنائية في انتشال الضحايا من تحت الانقاض، ومساعدة المنكوبين، واسعاف المصابين ومعالجة الجرحى ، في مرافق صحية متواضعة تتعرض هي أيضا للقصف ، وامكانات طبية بسيطة ونقص في الأدوية بسبب الحصار، هؤلاء مقاومون أيضا وشجعان .
&