جريدة الجرائد

خادم ‬الحرمين ‬الشريفين.. ضد ‬الإرهاب ‬والتخاذل

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله بن بجاد العتيبي

أصدر‎ ‬خادم ‬الحرمين الشريفين ‬الملك ‬عبدالله ‬بن ‬عبدالعزيز ‬كلمة ‬موجهةً ‬للأمتين ‬العربية ‬والإسلامية، ‬جاءت ‬ضافيةً ‬تغطي ‬أحداث ‬المنطقة ‬باختصارٍ ‬محكمٍ ‬وقد ‬كان ‬مقصوداً ‬عدم ‬تسمية ‬أحدٍ ‬في ‬الكلمة، ‬حتى ‬تترك ‬مجالاً ‬لمن ‬يريد ‬مراجعة ‬مواقفه ‬السياسية ‬أو ‬خطابه ‬الإرهابي ‬أو ‬تحالفاته ‬الخاطئة. تحدثت‎ ‬الكلمة ‬عن ‬الأبعاد ‬الدولية ‬والإقليمية ‬والداخلية ‬للبلدان ‬العربية ‬والإسلامية ‬ومنطقة ‬الشرق ‬الأوسط، ‬بوعي ‬كامل ‬بما ‬تتطلبه ‬حقبةٌ ‬عربيةٌ ‬وصفتها ‬الكلمة ‬بأنها &"‬مرحلة ‬تاريخية ‬حرجة&" ‬من ‬أصوليةٍ ‬إرهابيةٍ ‬متصاعدةٍ ‬ومحاولات &"‬لاختطاف ‬الإسلام&" ‬وكذلك ‬من ‬تيارات ‬الفوضى.

جاءت‎ ‬الكلمة ‬الملكية ‬معبرةً ‬عن ‬موقف ‬سعودي ‬قويٍ ‬وحازمٍ ‬تجاه ‬مجمل ‬ما ‬يجري ‬في ‬المنطقة ‬من ‬صراعات ‬ونزاعات، ‬وما ‬يتداخل ‬معها ‬من ‬اختلال ‬في ‬موازين ‬القوى ‬الدولية ‬والتخاذل ‬الذي ‬تبنته ‬بعض ‬الدول ‬الغربية ‬الحليفة ‬تجاه ‬قضايا ‬المنطقة ‬الملحة ‬كالأزمة ‬السورية، ‬وما ‬جرى ‬في ‬مصر ‬قبل ‬استعادتها ‬من ‬مختطفيها ‬الأصوليين.

&



&

&



تحدثت‎ ‬الكلمة ‬عن ‬الصمت ‬الدولي ‬تجاه ‬ما ‬يجري ‬في ‬المنطقة، ‬وهو ‬امتداد ‬لسياسة ‬السعودية ‬ومواقفها ‬المعلنة ‬في ‬عهد ‬الملك ‬عبدالله ‬تجاه ‬المنظمات ‬الدولية، ‬التي ‬أصبحت ‬عاجزة ‬عن ‬أي ‬حل ‬عادل ‬لكثير ‬من ‬مشكلات ‬وأزمات ‬العالم ‬كمنظمة ‬الأمم ‬المتحدة ‬ومجلس ‬الأمن ‬الدولي، ‬وهو ‬المجلس ‬الذي ‬رفضت ‬السعودية ‬مقعداً ‬فيه ‬قبل ‬بضعة ‬أشهر، ‬وهو ‬ما ‬أوصل ‬رسالة ‬صريحة ‬للعالم ‬حينذاك ‬مفادها أن ‬السعودية ‬غير ‬راضية ‬عن ‬الطريقة ‬التي ‬تُدار ‬بها ‬هذه ‬المنظمات، ‬وأحقية ‬إعادة ‬النظر ‬في ‬تركيبتها ‬وآليات ‬عملها ‬والرؤية ‬الناظمة ‬لها.

تطرقت‎ ‬الكلمة ‬إلى ‬الحرب ‬الدائرة ‬في ‬غزة ‬وأدانت ‬سفك ‬دماء ‬الفلسطينيين ‬و&"‬مجازر ‬جماعية، ‬لم ‬تستثن ‬أحداً، ‬وجرائم ‬حربٍ ‬ضد ‬الإنسانية&"، ‬كما ‬تطرقت ‬إلى ‬ما ‬سمته &"‬اختطاف ‬الإسلام&". ‬والملك ‬تحدث ‬كقائد ‬للأمتين ‬العربية ‬والإسلامية ‬وخادم ‬للحرمين ‬الشريفين &"‬من ‬مهبط ‬الوحي ‬ومهد ‬الرسالة ‬المحمدية&"، ‬محذراً ‬من ‬الحركات ‬والجماعات ‬التي ‬شوّهت ‬الإسلام ‬في ‬أعين ‬المسلمين ‬وأمام ‬العالم ‬أجمع.

إن‎ ‬حجم ‬البشاعة ‬والإيغال ‬في ‬العنف ‬وابتكار ‬طرائق ‬جديدةٍ ‬وأساليب ‬مقززة ‬في ‬التعامل ‬مع ‬البشر، ‬والتي ‬تنقلها ‬وسائل ‬الإعلام ‬للعالم، ‬قد ‬ألحقت ‬ضرراً ‬خطيراً ‬بالإسلام ‬كدينٍ ‬وبالمسلمين ‬كأمةٍ، ‬فعمليات ‬الإرهاب ‬الديني ‬التي ‬تبنتها ‬هذه ‬الحركات ‬من ‬تنظيم ‬&"القاعدة&" ‬إلى ‬دولة ‬&"داعش&"، ‬ومن ‬المليشيات ‬المسلحة ‬في ‬ليبيا ‬ومصر ‬والعراق ‬واليمن ‬جميعها ‬يتداولها ‬العالم ‬على ‬أنها ‬الإسلام ‬والإسلام ‬منها ‬براء، ‬فهذا ‬التوحش ‬غير ‬الإنساني ‬لا ‬ينتمي ‬لدينٍ ‬ولا ‬تقره ‬ملةٌ، ‬ومواجهته ‬وفضحه ‬والقضاء ‬عليه ‬مهمة ‬العرب ‬والمسلمين ‬والعالم ‬بأسره.

التجربة‎ ‬السعودية ‬في ‬الحرب ‬على ‬الإرهاب ‬تجربةٌ ‬رائدةٌ ‬على ‬مستوى ‬العالم، ‬فقد ‬دحرته ‬على ‬مستوى ‬البلاد ‬ولاحقته ‬في ‬المنطقة ‬والعالم، ‬وهي ‬حاصرت ‬أتباعه ‬بالتشريعات ‬ولاحقتهم ‬بالأنظمة، ‬وقدمت ‬عناصره ‬للقضاء، ‬وهي ‬مستمرةٌ ‬في ‬ذلك، ‬ومن ‬هنا ‬فقد ‬جاء ‬التعبير ‬عن ‬الأسف ‬لعدم ‬تفاعل ‬العالم ‬مع ‬فكرة ‬الملك ‬عبدالله ‬التي ‬قدمها ‬قبل ‬سنوات ‬بإنشاء ‬مركز ‬دولي ‬لمكافحة ‬الإرهاب، ‬والتي ‬لم ‬يتم ‬تفعيلها ‬بالشكل ‬الصحيح ‬والمرجو ‬عند ‬إطلاقها.

تحدثت‎ ‬الكلمة ‬المختصرة ‬البليغة ‬عن ‬الإرهاب، ‬وحددت ‬له ‬ثلاثة ‬أشكالٍ ‬هي ‬إرهاب ‬الجماعات ‬والمنظمات ‬والدول، ‬وهو ‬تقسيم ‬صحيح، ‬وهي ‬ثلاثة ‬مستويات ‬من ‬الإرهاب ‬تتداخل ‬بين ‬بعضها ‬البعض، ‬إما ‬عن ‬طريق ‬التخطيط ‬الاستراتيجي ‬أو ‬المشاركة ‬في ‬الفعل ‬أو ‬الدعم ‬المادي ‬بالمال ‬والسلاح، ‬أو ‬المعنوي ‬بالإعلام ‬والفتاوى ‬والتحريض.

أولاً:‎ ‬إرهاب ‬الجماعات. ‬وتدخل ‬هنا ‬كل ‬المنظمات ‬الإرهابية ‬وعلى ‬رأسها ‬إرهاب ‬جماعة ‬&"الإخوان ‬المسلمين&"، ‬التي ‬صنفها ‬أمرٌ ‬ملكيٌ ‬قبل ‬أشهرٍ ‬بأنها ‬إرهابيةٌ ‬وهي ‬مصنفة ‬بالإرهاب ‬في ‬مصر ‬ودولة ‬الإمارات ‬العربية ‬المتحدة، ‬كما ‬تدخل ‬فيه ‬كل ‬الجماعات ‬المشابهة ‬لها ‬من ‬حزبٍ ‬&"التحرير&" ‬إلى ‬تنظيم ‬&"السرورية&" ‬إلى ‬حركات ‬الإسلام ‬السياسي ‬بأشكالها ‬وأصنافها ‬المتعددة. ‬وهي ‬جماعات ‬بنت ‬منظوماتٍ ‬أيديولوجية ‬وتنظيماتٍ ‬سريةٍ ‬وعلنيةٍ ‬كلها ‬تصب ‬في ‬صناعة ‬الإرهاب ‬والموت.

ثانياً:‎ ‬إرهاب ‬المنظمات. ‬وتدخل ‬في ‬هذا ‬كل ‬المنظمات ‬الإرهابية ‬وحركات ‬العنف ‬الديني ‬بشقيها ‬السُني ‬والشيعي، ‬كتنظيمات ‬&"القاعدة&" ‬وتنظيم ‬&"داعش&" ‬والمليشيات ‬التابعة ‬لجماعة ‬&"الإخوان ‬المسلمين&" ‬أو ‬المتحالفة ‬معها ‬في ‬مصر ‬وفي ‬ليبيا ‬وفي ‬اليمن، ‬وتشمل ‬شيعياً ‬&"حزب ‬الله&" ‬اللبناني ‬وكتائب ‬الشيعة ‬العراقيين ‬التي ‬تشارك ‬في ‬قتل ‬الشعب ‬السوري ‬وحركة ‬&"الحوثي&" المتشيعة ‬في ‬اليمن ‬وغيرها ‬من ‬الفروع.

ثالثاً:‎ ‬إرهاب ‬الدول. ‬وتقف ‬على ‬رأس ‬هذه ‬الدول ‬الراعية ‬للإرهاب ‬السُني ‬والشيعي إيران، ‬والتي ‬يجمعها ‬تاريخ ‬طويل ‬من ‬العلاقة ‬بالإرهاب ‬بنسختيه ‬المذكورتين ‬أعلاه، ‬ذلك ‬أن ‬العلاقات ‬التاريخية ‬التي ‬تربط ‬الأصولية ‬السنية ‬بالأصولية ‬الشيعية ‬تمتد ‬لما ‬يقارب ‬الثمانين ‬عاماً ‬وتحديداً ‬منذ ‬إنشاء ‬جماعة ‬&"الإخوان ‬المسلمين&" ‬في ‬مصر ‬نهاية ‬العشرينيات ‬من ‬القرن ‬المنصرم، ‬والتي ‬ترتبط ‬مع ‬بعضها ‬من ‬حيث ‬أصل ‬الفكرة ‬وتبادلت ‬فيما ‬بينها ‬التأثيرات ‬الأيديولوجية ‬وتناصرت على ‬الدوام ‬ولم ‬تزل ‬هذه ‬العلاقة ‬بين ‬الطرفين ‬قائمة ‬وتتعزز.

ولا‎ ‬يقل ‬خطراً ‬عن ‬ذلك ‬علاقة ‬إيران ‬بكل ‬جماعات ‬العنف ‬الديني ‬السُنية ‬والشيعية ‬والدلائل ‬على ‬ذلك ‬كثيرة ‬ومتعددة، ‬وقد ‬سبق ‬التطرق ‬لها ‬أكثر ‬من ‬مرةٍ ‬في ‬هذه ‬المساحة، ‬ولئن ‬كانت ‬علاقاتها ‬بجماعات ‬الإرهاب ‬الشيعي ‬لا ‬تحتاج ‬لدليل، ‬فإن ‬علاقاتها ‬بجماعات ‬الإرهاب ‬السني ‬ظاهرة ‬وموثقة، ‬ويكفي ‬في ‬هذا ‬وحدة ‬الهدف ‬والغاية ‬وهو ‬هنا ‬السعودية ‬ودول ‬الخليج ‬والدول ‬العربية.

وكذلك‎ ‬دولة ‬عربية ‬صغيرة ‬هي ‬قطر ‬لم ‬تزل ‬ترعى ‬الإرهاب ‬والإرهابيين ‬من ‬&"القاعدة&" ‬وفلولها ‬إلى ‬جماعة ‬&"الإخوان&" ‬وذيولها، ‬وهي ‬مصرة ‬على ‬ذلك ‬النهج ‬المدمر، ‬وقد ‬تكشفت ‬خططها ‬التي ‬لا ‬يكاد ‬يصدقها ‬مواطن ‬خليجي ‬ضد ‬دول ‬الخليج، ‬وضد ‬الدول ‬العربية ‬وهي ‬تدعم ‬عدم ‬الاستقرار ‬في ‬اليمن ‬والفوضى ‬في ‬ليبيا، ‬وقد ‬آن ‬لها ‬أن ‬تعود ‬لرشدها ‬ولعمقها ‬الخليجي ‬لا ‬أن ‬تختار ‬الابتعاد ‬والعناد.

وقد‎ ‬تطرقت ‬الكلمة ‬لموضوعٍ ‬شديد ‬الأهمية ‬وهو ‬ظهور ‬جيلٍ ‬جديدٍ ‬من ‬الإرهاب ‬الدولي ‬العابر ‬للحدود، ‬والذي ‬هو ‬نتيجةٌ ‬طبيعيةٌ ‬للتخاذل ‬الدولي ‬تجاه ‬قضايا ‬المنطقة ‬المحقة ‬كقضية ‬الشعب ‬السوري، ‬وإن ‬لم ‬يكن ‬نتيجة ‬التخاذل ‬فنتيجة ‬تشوّش ‬الرؤية ‬وضعف ‬القرار ‬وهزالة ‬المواقف ‬السياسية ‬لبعض ‬القوى ‬الدولية، ‬وهي ‬جميعاً ‬لا ‬تؤدي ‬إلا ‬للتعجيل ‬بظهور ‬ذلك ‬الجيل ‬الإرهابي ‬الجديد. أخيراً،‎ ‬فكم ‬كان ‬بليغاً ‬قول ‬الملك ‬عبدالله &"‬نقول ‬لكل ‬الذين ‬تخاذلوا ‬أو ‬يتخاذلون ‬عن ‬أداء ‬مسؤولياتهم ‬التاريخية ‬ضد ‬الإرهاب ‬من ‬أجل ‬مصالح ‬وقتية ‬أو ‬مخططات ‬مشبوهةٍ، ‬بأنهم ‬سيكونون ‬أول ‬ضحاياه ‬في ‬الغد، ‬وكأنهم ‬بذلك ‬لم ‬يستفيدوا ‬من ‬تجربة ‬الماضي ‬القريب&"‬.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف