جريدة الجرائد

لو يتعلّم حزب الله من شيعة العراق

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبد الوهاب بدرخان

في كل الأحوال كان العراق هو الركيزة بالنسبة الى النفوذ الايراني، ففي بغداد باشر انشاء نظام يدار من طهران، وأقام حكومة متكيّفة مع ولاية الفقيه وتوجيهات المرشد. لذلك يُعتبر ما حصل منذ منتصف حزيران الماضي انتكاسة لإيران. فما لم تتحسّب له هو أن الدهاء المبالغ فيه قد
ينقلب الى غباء، والشدّة الى انفجار، وهذا ما بلغه نوري المالكي. صحيح أن ايران لم تخسر كليّاً لكنها، بعدما كانت ترتع في حديقتها البغدادية، وجدت نفسها فجأة مضطرة الى التنازل والحدّ من الخسائر. ولا تستطيع أن تحمّل حلفاءها المسؤولية، فكثيرون في "التحالف الوطني" (الشيعي) نبّهوا طهران وحذّروها، ولم تشأ أن تسمع أو تنتصح.


هذا الغباء نفسه دفع بسوريا الى الكارثة، وثمة مؤشرات الى أنه يريد استدراج لبنان الى مصير مماثل. فإيران تدّعي مناهضة الارهاب لكنها تتعامل مع "داعش" على أنه "ورقة" يمكن لعبها على مائدة المساومات الاقليمية وليس باعتباره خطراً تنبغي مواجهته. وفيما تُوضع معالم خطة دولية لضرب "داعش" تبدو ايران خارج السرب لمجرد أن تلك الخطة لا تلائم منظومة المصالح التي بنتها لنفوذها. وخلافاً لأقطاب الشيعة العراقيين الذين سبق لهم أن دقّوا نواقيس الخطر ودعوا باكراً الى سياسات أكثر انسجاماً مع حقائق البلد ويحاولون اليوم انقاذ دولتهم ووحدتها، لا يبدو "حزب الله" راغباً في - ولا قادراً على - دور كهذا في لبنان، فهو يملأ مساحة الاستقلالية التي تمنحها ايران بمزيد من السلبية في الداخل.


قد تكون المكابرة منعت "حزب الله" من رؤية أي معنى أو أهمية في عودة سعد الحريري الى بيروت، وهذا شأنه، لكن زيارة ذلك الوفد الكبير من الاقتصاديين للحريري لا بد أنها استوقفت "الحزب"، اذ لم يسبق لرجال الاقتصاد أن قصدوه باعتباره "العنوان" الصحيح للتداول في إنهاض الدولة والاقتصاد من عثرتهما. فـ"حزب الله" بالنسبة اليهم هو عكس ذلك تماماً، اذ لمسوا تهوّره عاماً بعد عام، ويلمسون اليوم كيف أنه يتعمّد تعطيل الدولة. بل ان العديد منهم سمعوا، نقلاً عن السيد حسن نصرالله، أن لبنان قد يبقى لبضع سنوات من دون رئيس. فالمطلوب رئيس يوقع سلفاً على أمرين: التحالف مع بشار الاسد، ودعم تدخّل ايران و"حزب الله" في سوريا.


ربما كان لبنان بحاجة الى مرجع مثل علي السيستاني الذي لا يناوئ ايران ومرشدها لكنه يقول الحق في بلده وشعبه، وفي مصلحتهما العليا، ولو كرهت ايران. ذاك أن الأمل معدوم في مَن صادر ارادة طائفته ويسعى بدأب الى مصادرة ارادة اللبنانيين حتى لو تطلّب الأمر العبث بصيغة التعايش، أو تخريب المؤسسات، من الرئاسة الى المجلس النيابي الى الجيش والأمن و...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف