الأمير سلمان والعلاقات السعودية الفرنسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عساف بن سالم أبو ثنين
تشرفت بالعمل في معية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لأكثر من ثلاثين عاما، وتحفظ الذاكرة الكثير من الأحداث والأعمال في هذه الفترة. وبمناسبة زيارته الحالية للجمهورية الفرنسية الصديقة يسرني الحديث عن بعض الذكريات التي تشرفت بالعمل فيها، حيث كنت في معيته في زيارات رسمية سابقة لفرنسا.
في شهر سبتمبر (أيلول) عام 1985، أقام عمدة باريس في ذلك الوقت الرئيس جاك شيراك حفل استقبال كبيرا في عمودية باريس تكريما للأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وكان وقتها أميرا لمنطقة الرياض. وأقيم هذا الحفل للأمير سلمان بمناسبة مرور ألف عام على إنشاء مدينة باريس، تكريما له على جهوده في تطوير منطقة الرياض وعلى الجهد الذي يبذله في تطوير وتوثيق العلاقات بين البلدين الصديقين، حيث ارتبط بصداقة شخصية مع الرئيس شيراك كانت داعمة للتعاون بين البلدين، وبعد نحو عام، في ديسمبر (كانون الأول) 1986، أقيم معرض المملكة بين الأمس واليوم في باريس في أكبر قاعة تقع على الشانزليزيه تسمى (غراند باليه)، وكان للسفير جميل الحجيلان دور كبير في الحصول على هذه القاعة التي تعتبر من أكبر وأهم معالم باريس، وكان للسفير دور مهم مع اللجنة المنظمة للمعرض لإنجاحه، والذي كسب عددا كبيرا من الزوار الفرنسيين لهذا المعرض في وقت إقامته.
كان الأمير سلمان هو الرئيس الأعلى للجنة المنظمة للمعرض، وحضر إلى باريس ومعه وفد رسمي كبير، من بينه وزير البلديات في ذلك الوقت إبراهيم العنقري - رحمه الله - وأمناء مدن المملكة والإعلاميون الذين قاموا بإجراء العديد من المحاضرات واللقاءات الإعلامية في وسائل الإعلام الفرنسية. وفي يوم حفل افتتاح المعرض الذي رعاه الرئيس جاك شيراك بحكم أنه رئيس للوزراء وعمدة لمدينة باريس، كنت في معية سموه الكريم بحكم عملي المرتبط به كسكرتير خاص، وكنت المسؤول عن برنامج الزيارة والمنسق لكل المهمات. وعند التحرك لموقع الحفل أبلغنا المرافق العسكري لسمو الأمير اللواء عبد الله الصحابي آل الشيخ بأن الأمن الفرنسي المرافق طلب التريث، ونحن نعلم دقة الأمير في المواعيد ونلتزم بها، وسألت مندوب المراسم المرافق، وأبلغني بأن التعليمات لديهم الانتظار حتى يتم إبلاغهم بالتحرك. وبعد نحو ربع الساعة وردت الإشارة بالتحرك من مقر إقامة الأمير سلمان إلى مكان الحفل، وتم التحرك، وعند الوصول فوجئنا بالرئيس شيراك في استقباله، وهذا أدى إلى انزعاج الأمير، فكيف يتم تأخره عن موعد الوصول.. وكانت هذه الملامح ظاهرة على وجه سموه، إلا أن الرئيس شيراك بادر بالحديث مع الأمير قائلا &"أنا يا سمو الأمير الذي طلبت الحضور قبلكم لاستقبالكم بحكم كوني عمدة باريس، وطلبت منهم تأخير تحرك سموكم لأصل قبلكم، ولأشارك معكم افتتاح المعرض كرئيس للوزراء&"، مما أثار انشراح الأمير، ودخلا إلى قاعة الحفل التي كانت مميزة بالكلمات والعروض الوطنية السعودية، مما جعل الرئيس شيراك يعجب بما رآه من تاريخ المملكة وتطورها. وبعد افتتاح المعرض التقى الأمير سلمان برئيس الجمهورية في ذلك الوقت الرئيس ميتران، وعدد من المسؤولين، وكان لهذه اللقاءات دور مؤثر وكبير في تطوير علاقات البلدين، وأشهد في هذه المقالة بأنه كان لمعالي السفير جميل الحجيلان دور مهم ومميز في ترتيب برنامج الزيارة ونجاح المعرض في باريس.
بعد ذلك في عام 1996، دعا رئيس وزراء فرنسا الأمير سلمان لزيارتهم زيارة رسمية، ولبى سموه الدعوة، وكان لها برنامج حافل وكبير زاد من أواصر هذه العلاقات وتقويتها. وكان الرئيس جاك شيراك رئيس فرنسا في تلك الفترة، واستقبل الأمير سلمان في مقر إقامته. وبعد أن انتهت زيارته الرسمية لفرنسا قام بزيارة رسمية إلى جمهورية البوسنة، مدينة سراييفو، حيث وضع مع رئيس البوسنة علي عزت بيجوفيتش قواعد مركز الملك فهد الثقافي بسراييفو، وعاد مرة ثانية إلى باريس ثم للمملكة بعد ذلك، وكان يرافق الأمير في هذه الزيارة وفد كبير من هيئة البوسنة والهرسك، وفي مقدمة الوفد الرسمي الأمير فهد بن سلمان بن عبد العزيز - رحمه الله.
ومن هذا يتضح أن الأمير سلمان، يبذل منذ القدم جهودا كبيرة لتقوية العلاقات السعودية الفرنسية والتي وصلت - ولله الحمد - إلى مستوى عال من التطور والشراكة بما يخدم مصالح البلدين.
إن للأمير سلمان جهودا لا تحصى ولا تعد، يقوم بها منذ زمن طويل لخدمة المملكة في علاقاتها الخارجية، ويسخر صداقاته وعلاقاته مع قادة هذه الدول ومسؤوليها لخدمة المملكة العربية السعودية. والأمير سلمان يحصد نتائج هذا الجهد، وهذه السنوات الطويلة، وسيبقى علما مرفرفا في كل مكان يخدم هذه البلاد، وأسأل الله أن يديم على سموه الصحة والعافية، وأن يأخذ بيده إلى ما يصبو إليه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بالوصول بالمملكة إلى مستويات عليا متقدمة تخدم شعبها وتحقق مصالحه، وتحافظ على أمنه في وقت كثرت فيه الاضطرابات والفتن.