جريدة الجرائد

التحريض على الصدام مع روسيا

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

لا شك أبدًا أن مشاعر الأكثرية في السعودية، والدول العربية عمومًا، غاضبة من تدخل الروس في سوريا، لأنه جاء لدعم نظام بشار الأسد، الذي ارتكب أبشع المجازر في تاريخ المنطقة. مع هذا فإن حث الشباب هنا على &"الجهاد&" لقتال الغزاة الروس تطور خطير، وتعدٍ على الدولة، وسيتسبب أولاً في خروج الشباب للقتال ضد الروس، ثم التحول لاحقًا لقتال لبلدانهم وحكوماتهم وأهاليهم. وعندما تقبض السلطات الأمنية على شاب يحاول التسلل أو العودة، فمن المسؤول؟ هل هو الداعي المحرض أم الشاب المغرر به؟ بكل أسف المسجونون اليوم هم المغرر بهم، أما الذين أرسلوهم، فإنهم ينامون في أسرتهم قريري العين!
والسؤال الأهم: هل الدعوة لـ&"الجهاد&" إعلان حرب أم اجتهاد من صاحبه أي مجرد رأي؟ الأكيد أنها تحريض، وفي كل الأنظمة الدعوة للقتل تعتبر عملاً خطيرًا. وأكثر من رأي فردي عابر بسبب صراحتها ولأنها عمل جماعي.


وأعادت الدعوة للقتال في سوريا للذاكرة، تاريخ &"الجهاد&" في أفغانستان، الذي غيّر السعودية فكريًا إلى الأسوأ. فقد رحل آلاف الشباب للقتال، نيابة عن الأميركيين. وانتهت الحرب بتأسيس عهد جديد من الفوضى بظهور جماعات إرهابية، لا يزال العالم يعاني منها إلى هذا اليوم. وفي داخل السعودية لم تتوقف المطاردات عن ملاحقة خلايا تنظيم داعش، و&"القاعدة&" التي هي من امتدادات &"الجهاد&" في حرب أفغانستان. أما لماذا غيرت للأسوأ، فلأنها زرعت فكر التطرف السياسي ومفاهيم استخدام القوة خارج إطار الدولة من أجل التغيير.


الحقيقة، كلنا غاضبون من التدخل الروسي في سوريا، لأنه جاء لمساندة نظام الأسد وإيران وميليشياتها في الحرب الظالمة على شعب تحت تسميات كاذبة مثل الحرب على الإرهاب. مع هذا يجب ألا يسمح بتكرار فصول التاريخ السيئة، التي افتتحت بالدعوة لـ&"الجهاد&" ضد السوفيات في أفغانستان، فمقاتلة الأميركيين في العراق، وبعدها محاربة الأسد في سوريا، ثم الآن ضد الروس في سوريا.
صاحب الحق في الدعوة إلى حرب، في العالم كله، هي الدولة، والأمر نفسه في الإسلام هو حق ولي الأمر. وبالتالي الدعوة إلى الحرب عبر البيانات لا تخرج عن كونها تحديًا لشرعية مؤسسات الدولة، واستعداء للعالم على السعودية، وتجاوزًا لقرارات دولية ضد التحريض على الإرهاب. السؤال لماذا يفعلها هؤلاء رغم النهي عن التحريض والتحذير؟ كنا نعتقد أنهم جهلة في علوم الصراع السياسي، لكنهم يكررون التحريض مرة بعد أخرى، حتى نجحوا في تأليب الرأي العام الدولي ضد السعودية والمسلمين بشكل عام.


الضرر كبير لأن دعواتهم صبّت في مصلحة تنظيمات قبيحة مثل &"داعش&" أجرمت باسم الإسلام والمسلمين، وأضرت بالسوريين وقضيتهم. فقد كانت أمنية النظام السوري عندما بدأ ارتكاب مذابحه ضد الشعب السوري في منتصف عام 2011، أن يلتحق المتطرفون بجيش المعارضة، حتى تصدق مزاعمه أنه يقاتل التكفيريين الإرهابيين. حينها، كانت غالبية السوريين المنتفضين مواطنين يدافعون عن بيوتهم وأحيائهم، ولم يخالطهم مقاتلون أجانب، بعد. ومن أجل إلصاق تهمة التطرّف بمعارضيه، أطلق نظام الأسد سراح المعتقلين في سجونه من الجماعات الإرهابية، وبدأ يبرر عملية القتل الواسعة بأن معارضيه من تنظيم القاعدة. وتحققت أمنيته بدخول دعاة &"الجهاد&"، الذين أرسلوا شبابًا لا يؤمنون أصلا بشيء من مبادئ الثورة السورية، ولا يهمهم شيء من مطالب الشعب السوري، هدفهم الوحيد إقامة دولة دينية متطرفة لا مكان فيها لمعظم السوريين، وملامح دولتهم الحلم تشبه في قسوتها وإقصائيتها نظام الأسد.


من جانب آخر، يتمنى، أيضًا، الأسد والإيرانيون أن تتسع المعركة، ويقع الصدام بين الروس وخصومهم في الخليج، وهؤلاء الذين كتبوا بياناتهم يحرضون الخليجيين على السفر وقتال الروس في سوريا، يخدمون النظام الإيراني. كعادتهم في كل أزمة، يفعلونها، إما بسبب جهلهم في السياسة أو بسبب رغبة البعض في توسيع دائرة الصدام وتقويض المجتمع الذي يعيش فيه. بالنسبة للروس في سوريا نحن نعلم أنهم سيخسرون، دون دعوات &"الجهاد&"، فقد سبقهم إلى سوريا ومساندة الأسد، حزب الله وعجز، ثم التحق به الإيرانيون وفشلوا، والآن الروس يحاولون ترميم نظام متآكل على وشك الانهيار.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الفرصة الأخيرة
elaph-follower -

استغرب كثيرا من كل الاصوات المناكفة والمعادية للتدخل الروسي في سوريا والتي تنم عن قراءة خاطئة لخارطة الاحداث في المنطقة فرغم ان هناك التقاء في المصالح بينها وبين روسيا ولكن الحقد الأعمى على نظام الاسد الذي دفع ثمنه الشعب السوري بأكمله لازال يشكل غيمة سوداء اما اعينهم تغطي على خطر المجموعات التكفيريةو الارهابية الكامن في سوريا وهم الطرف الذي اوجدته امريكا لخلق الفوضى الخلاقة وتحقيق الشرق الاوسط الكبير او الجديد كما تريده امريكا لهذا نقول لهم ان روسيا ليس لها مطامع في بلدانكم او المنطقة ومن حقها المحافظة على مصالحها والقضاء على ارهابي القوقاز الذين تعدهم امريكا لمهاجمتها بعد ان تنتهي من سوريا وان تدخلها هو الفرصة الاخيرة المتبقية لدول الخليج في وقف التمدد الداعشي والتكفيري قبل ان يكون هذا التدخل لمساندة بشار ونظامة والحكمة هنا تقول لا تحاولوا افشال ماقدم الروس لفعلة بل اجلسوا على طاولة التفاوض كما تفعل الدول المتحضرة التي تفهم ان السياسة لها لغة واحده وهي لغة المصالح واطرحوا كل مخاوفكم وطلباتكم وتوصلوا الى اتفاق مع الروس قبل ان يصبح ذلك مستحيلا لان المنتصر لايفاوض والخطر الأكبر عليكم يكمن في حال فشل روسيا في القضاء على هذه المجموعات الارهابية لإنه يعني ببساطة شديدة انها سوف ترحل مما سوف يجبركم على الدخول في حرب استنزاف مكلفة بشريا اكثر منه ماديا مع هذه المجموعات الارهابية فلاتصدقوا الوعود الأمريكية بالتدخل لحمايتكم منهم لانها الطرف الذي اوجد هذه المجموعات الارهابية لتحقيق مصالحها وابتزازكم لانها تعلم انه لايوجد حاليا من يستطيع مواجهة ارهابيي العالم الذين نقلتهم لسوريا وحمتهم طوال الاربع سنوات الماضية من عمر الثورة السورية وشكلت منهم داعش والنصرة وجيش الفتح إضافة للقاعدة لهذا نعيد ونحذر بأنه لو فشلت روسيا في القضاء على هذه المجموعات الارهابية فعلى دول الخليج ان تستعد لسيناريو مظلم على يد هذه المجموعات الارهابية فهي وجدت لتحقق خطة الشرق الاوسط الكبير او الجديد لهذا اليوم الخيار بيدكم اما القبول بوجود روسي او وجود ارهابي يسعى لإقامة دولة النخاسة في الشرق الاوسط

امر ولي الامر
ماذا عن حرب اليمن -

حسب رأي الكاتب, يجب ان تكون الدولة مسؤولة عن قرار الحرب وتنفيذ امر اولي الامر جل جلالهم , والشعب نعاج تتبع الراعي. وحرب اليمن هي الغاية العظمى التي من خلالها تهزم الصهيونية والرافضة معا. وكل من تخلف عن هذه الغاية فهو محروم من الحور العين وسيصلى نارا ذات لهب. والان الحقيقة: لقد افلتت الخيوط من ايادي اولي الامر بامر صاحب الامر , وكل قد علم مشربه. ولم تعد للفتوة والتحريض تاثير يذكر. وعاد الانسان الى غريزته وجيناته الوراثية المتناقلة من السلف صالحهم وطالحهم. وننتظر حكم العادل ليأخذ بحق رعيته المذبوحون في كل الاصقاع ظلما وجورا واجراما باسمه.

العرب والسياسة
نون -

تخيلوا كم ان وضعنا صار مزريا بحيث ان بضعة ملتحين يستطيعون ارسال شبابنا بفتوى الى جهنم الحروب لتأكلهم نار الاسلحة الفتاكة غير مأسوف عليهم وكآن الاوطان لا تبنى بشبابها بل برجال دينها!!, واصحاب هذه الفتاوى وعوائلهم يهنأوون بموائد السلطان تحت ظلال رحمته واولادهم يجوبون شوارع لندن ونيويورك بحجة الدراسة ونقل خبرات فنيه اهمها ما يحدث في الغرف المغلقة!! اذا كانت السلطة موافقة على تغييب العقل وقمع الفكر وسيطرة رجال الدين خوفا منهم, فماذا نتوقع اكثر؟ والانظمة نفسها تورطت في حروب خاسرة من اجل اهداف غير نبيلة, فلماذا نعيب على البسطاء ما يفعله اسيادهم؟ نحن لم نزل بلا ارادة وفاقدي الاهلية لحياة المبادئ والحقوق لذا فلا غرابة من ان القادم سيكون اسوأ