القوى الخارجية صبت الزيت على لهيب النزاع السوري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جدعون رتشمان
"في الثلاثينات من القرن الماضي، جرّت الحرب الأهلية الإسبانية بتدخل القوى الخارجية، حيث دعمت ألمانيا النازية القوميين، ودعم الاتحاد السوفيتي الجمهوريين، فيما تدفق المتطوعون الأجانب المثاليون لدعم واحد من الطرفين. وهناك حرب بالوكالة مماثلة تجري اليوم في سورية، وتقوم كل من الولايات المتحدة وروسيا بضرب أهداف في البلد، ويتدفق المقاتلون الأجانب إلى سورية.
وإن تطور الحرب الأهلية إلى حرب بالوكالة بين القوى الخارجية، يُعد على أي حال، تطوراً مأساوياً وخطيراً. فقد صارت الحرب في سورية طويلة ودموية وخطيرة على بقية العالم، وأصبح من الصعب وضع حد لها. فقد كان لحرب تقليدية أن تنتهي بعد أربعة أعوام، مما كان سيمنح السوريين فرصة لإعادة بناء حياتهم وبلدهم. لكن القوى الخارجية صبَّت الزيت على لهيب النزاع، بشكل بات من الواضح أن أي تسوية دولية للنزاع ستكون هي الأمل الوحيد لوضع حد له.
إن الحروب بالوكالة هي كارثية على البلاد التي تجري فيها، لكنها قد تكون خطيرة على القوى التي تشعل لهيب النزاع. ومن أوضح المخاطر أن الحروب التي تخاض بالوكالة تقود في النهاية إلى نزاع مباشر. فالدول التي دعمت الأطراف المتنازعة في الحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينات من القرن الماضي، قاتلت بعضها بعضا في أربعينات القرن نفسه. وعليه فإن مخاطر أن يؤدي النزاع السوري إلى صدام بين الروس والأميركيين لا يمكن التغاضي عنها، خاصة عندما يعمل سلاح الجو لدول متنافسة في مجال جوي واحد.
تمتد مخاطر الحرب الأهلية إلى أبعد من مخاطر الحرب المباشرة، لأنه من الصعب التحكُّم بنيرانها عندما يغذى لهيبها بقصد. فقد خاضت باكستان والولايات المتحدة مثلاً حرباً بالوكالة ضد الاتحاد السوفيتي السابق على أرض أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي. لكنهما عانتا لاحقاً من آثار دعمهما للتشدد الإسلامي في البلاد.
ورغم هذه المخاطر، فلا تزال القوى الأجنبية منخرطة في النزاع السوري، حيث تخشى أن يتأثر موقعها الأمني، في حال سمحت للطرف الآخر بأخذ زمام المبادرة في النزاع. ومثال على هذا هو القتال بين القوى السُنية والشيعية. فنظام الأسد يلقى دعماً من الدول التي يسيطر عليها الشيعة في إيران والعراق. أما القوى المعادية للأسد، فتلقى دعماً من القوى السُنية في دول أخرى.
هذه الدول كلها تخشى أن تظهر بمظهر الضعف لو خسر طرفها الذي تدعمه في سورية. وكلها على ما يبدو غير قادرة على التصرف بطريقة جماعية لإنهاء الحرب التي تهددها جميعاً، وحتى يقرروا التعاون فإن البؤس السوري سيتواصل.