الموت الفلسطيني مختلف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&مطلق بن سعود المطيري
يختلف الشعب الفلسطيني عن محيطه العربي اختلافا جوهريا في النضال والتضحية، مختلف في موته، وفي حياته، شعب يطلب منه التاريخ دائما ان يؤمن وجوده المستمر على ارضه، إن هاجر للاراضي البعيدة لا ينقطع نضاله وإن استشهد وهب الحياة للذين من بعده، الفلسطيني كائن نضالي وليس سياسيا، فالسياسة مخادعة لئيمة، الشرف بها مسلوب منتهك، لذا كان مشروع السلام مصيبة لهذا الشعب النقي الشريف، فمتى ما اتبع خطواتها خسر شيئا منه قبل ارضه.
انتفاضة الشعب الفلسطيني اليوم التي تشهدها ساحات بيت المقدس، تختلف عن الانتفاضات السابقة فهي انتفاضة القائد بها الشعب وليس حركة او سلطة تبحث عن فرص مفاوضات مع العدو، او تساوم على الدم الفلسطيني في سبيل تخليص زعيم قومي من ورطة سياسية، فإن استمرت هذه الانتفاضة المباركة بلا قيادة او اجندة سياسية تفاوضية فسوف يكون لها اثر كبير في تحطيم اسطورة القوة الصهيونية، وكشف زيف سياسة السلام، انتفاضة من الشعب والى الشعب، انتفاضة عنوانها هذا الشعب اما ان يكون مكرما فوق ارضه او شهيدا تحتها، الموت في فلسطين قراءته في هذا الزمن العربي المتردي مختلفة فالعرب اليوم مشغولون في قتل بعضهم بعضا لتحقيق مكاسب طائفية ومذهبية، اما موت الفلسطيني فيعبر بصدق عن معنى النضال البطولي فالعدو تاريخي يختلف في الانتماء والحقوق والارض، ومن هذا المدخل نتمنى الا تكون لهذه الانتفاضة اهداف سياسية فقط، وأن يكون النضال هو الهدف المنشود.
صورة الفلسطيني وهو يقاوم المحتل الاسرائيلي مشهد عزيز لا تجد له شبيها في مشاهد الموت العربي المجاني، موت الفلسطيني مختلف، مشهد نادر في الارض العربية، مشهد رمى ويلات السنين السبعين التي تفصل زمنيا جيلا عن جيل ولكنها عجزت عن ان تفصل نضالا عن نضال، شعب مقاوم وليس شعبا مفاوضا، يشتري وجوده على ارضه بروحه وليس بحفنة تبرعات مالية وسياسية تسلب منه شرف المقاومة.
قيادة الشعب الفلسطيني لانتفاضته بدون قيادة ولا اهداف سياسية تفاوضية لن يكون مردودها الا كرامة وشهادة وإثبات الحق النضالي التاريخي، فشعب جرب التهجير والقمع والتعذيب والسجون والموت، لن تبقى اداة من ادوات الموت لم تتحرك فوق ارضه وجسده، خسارته الوحيدة فقط تكمن في تخليه عن نضاله، فموت الفلسطيني ثقافة انتماء وليس نهاية وجود، ففنون ثقافته ملهمة لهذا الجيل في كل بلاد الله، شهادته ليست شهادة داعش الغادرة والخائنة التي تتصيد رقاب المصلين والاقارب بمكر وحيلة خسيسة؛ بل شهادة شرف اصبحت عزيزة ونادرة الوجود في الارض العربية، والمقاومة الفلسطينية اليوم اصبحت حاجة ملحة عربية اكثر منها فلسطينية، مقاومة كشفت زيف حزب الله وطهران وجماعات التكسب السياسي العربي، انها انتافضة الشعب الفلسطيني الشريف التي فضحت كذبة الدعم الايراني وسلاح حزب الله، انتفاضة أحيت الشرف العربي الذي كادت ان تستبيحه ملالي طهران وعملاؤها وأجندتهم السياسية التي يتقربون بها إلى الشيطان الاكبر بدماء الفلسطينيين، إنها انتفاضة شرف وعقيدة وليست انتفاضة قيادة وسياسة.