جريدة الجرائد

الحملة الإعلامية ضد السعودية

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سلمان الدوسري

شهدت الأسابيع الماضية تنافسا محموما بين وسائل إعلام بريطانية لرفع سقف الهجوم المتحامل على السعودية. تارة بداعي مساندتها للإرهاب. وتارة للمطالبة بإيقاف إعدام شخص مدان بالإرهاب! وثالثة لرفض لحكم قضائي ضد مواطن بريطاني خالف القوانين المحلية. المثير في هذه الحملة أنها في معظمها تعتمد على محاولات استنساخ المجتمعات الغربية بحذافيرها، وتقديمها كنموذج وهدية تهبط من السماء على مجتمعات العالم الثالث، وما إن تهدأ هذه الحملات قليلاً، حتى تعود من جديد وفق أجندة جديدة لا تختلف عن سابقتها، ولا تسأل عن المواضيع، فغالبيتها مكررة، مرة عن قيادة المرأة، وأخرى عن حجابها، وثالثة لملف حقوق الإنسان، ورابعة عن أحكام الإعدام، وهكذا تدور العجلة ولا تتوقف ما دامت هناك صحافة في بريطانيا، وطالما كانت هناك مملكة اسمها السعودية.


في نقاش مع عدد من الزملاء العاملين في وسائل إعلام بريطانية، تساءلوا عن هذه الحساسية السعودية المفرطة، كما يسمونها، في تقبل انتقادات إعلامية غربية، قلت: وأين أصلاً تلك الانتقادات التي تتحدثون عنها؟! لم أر إلا تشكيكًا ليس في القضاء السعودي فحسب، بل وفي الشريعة الإسلامية التي يقوم عليها. هناك فرق بين أن لا يعجبك حكم قضائي، فهذا من حقك، ولا ينازعك فيه أحد، وبين أن تفرض رؤيتك بحيث تكون أنت المدعي العام وأنت القاضي، وليس على الآخرين إلا تنفيذ ما تعتقده وتؤمن به. من الضروري هنا أن يفهم الإعلام الغربي عمومًا أنه ليس شرطًا أن تكون الأحكام القضائية السعودية رائقة لعشرين مليون سعودي، فهناك منهم ربما من لا يتقبل هذا الحكم أو ذاك، إلا أنهم يعلمون جيدًا أن عدم إعجابهم شيء، والتشكيك فيه شيء آخر.


لست مع من يذهب بأن هناك مؤامرة غربية إعلامية ضد السعودية، بقدر ما يبحث مسيرو وسائل الإعلام هذه عن الإثارة التي يلمسونها لدى قرائهم من الأخبار القادمة من الرياض وما حولها، فالسعودية وجهة مليار ونصف المليار مسلم، وتحتضن المدينتين المقدستين عند المسلمين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أنها المملكة الأكثر استقرارًا في منطقة متلاطمة الأمواج تحاصرها الحرائق من كل حدب وصوب، ناهيك عن أنها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، لذا فإن البحث عن الأخبار السعودية لتحقيق أكبر عدد من القراءات أمر مفهوم جدًا، لكن ما هو غير مفهوم وغير مقبول اتخاذ هذا ذريعة ومبررًا لضرب كل المصداقية والمهنية التي عرفت عن الإعلام البريطاني، واستغلال مساحة الحرية الواسعة بإقحام الرأي في الخبر، وبطريقة تبدو أحيانًا غير مهنية.


حسنًا فعل الأمير محمد بن نواف سفير الرياض في لندن، عندما حذّر من أن هناك &"تغييرًا مثيرا للقلق&" في نهج بريطانيا إزاء السعودية، قد يؤدي إلى &"تداعيات خطيرة&". الخطير ليس الهجوم الإعلامي بحد ذاته ولا تجاوزاته أو مبالغاته، فهذا أمر لم ولن يتوقف إطلاقًا، الخطير فعلاً عندما تنعكس الحملات الإعلامية على السياسات البريطانية الرسمية، خصوصًا بعد إلغاء بريطانيا لعقد تدريب موظفي مصلحة السجون السعودية، فالمصالح بين الرياض ولندن لم تتوقف طوال العقود الماضية، ومن مصلحة البلدين الاستمرار بما يخدم علاقاتهما لا ما يؤثر سلبًا عليها، مع التذكير بأنه ليس لأحد الطرفين منة على الآخر في تعزيز العلاقات، فالمصالح متبادلة ومشتركة وتخدم البلدين كليهما، وليس واحدًا منهما على حساب الآخر.


لا خلاف أن دول الغرب متقدمة جدًا في ملف حقوق الإنسان، غير أن ذلك لا يشفع لها بأن تلغي فهم كل دول العالم الأخرى، وتفرض رؤية واحدة لا تقبل النقاش لهذا الملف، فعلى سبيل المثال الإعلام البريطاني يرى أن بعض الأحكام المبنية على الشريعة الإسلامية &"قمعية&"، ويناقش كل ذلك بحرية مطلقة، فهل يقبل من مجتمع آخر أن يتدخل ويرفض تشريع العلاقات الجنسية المثلية، باعتبارها ضد الفطرة البشرية؟ أو هل يعي هذا المجتمع الغربي أن المفهوم الشرقي لرمي العجزة في دور للرعاية بعيدًا عن أسرهم وأهاليهم، هو جريمة وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان؟
المنطق والعقل وحتى القانون يؤكد أنه من أبسط حقوق المجتمعات أن تتشكل بحسب طبيعتها، والقوانين التي ارتضت بحكمها، ولا يجوز للمجتمعات الأخرى أن تفرض عليها تفسيرات دينية أو مجتمعية باعتبارها الحق المطلق الذي لا يقبل التشكيك فيه أبدًا.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قبلة المسلمين
عبدالله العثامنه -

الحملات الأعلاميه في الأصل كانت ضد الاسلام والشريعه الأسلاميه واتخذت في السابق أشكالا متعدده لم تُفلح ولم تؤت أكلها وظلت كزوبعه في فنجان اُنفق عليها المليارات وكاد أن يذهب تعبهم سدى بعد أن أعيتهم الحيله "هذا كان قبل اسقاط برجي نيويورك" ثم راحوا يفتشون عن أساليب جديده أكثر فعالية من السابق تدين الاسلام وتشوه صورته بأيدي المسلمين أنفسهم حتى تكتمل عملية الهجوم من ناحيتين : من ناحية المسلمين أنفسهم دولاً وحكومات وكُتّاب ومفكرين ومن ناحية الغرب، حينئذ تكتمل عناصر التشويه ليصلوا الى المحصّله الذهبيه التي تعبوا من أجلها وهي تشويه المسلم نفسه وادانته واتهامه وتجريمه وتصويره على أنه رمز التخلف والرجعيه والهمجيه والبربريه وأنه غير جدير بالمساهمه في ركب الحضاره وبالتالي يصبح حلال الذبح(انظر الى ما يحصل الأن !!) وكل ذلك من أجل عيون اسرائيل التي يخافون عليها خيفتهم على طفلهم الرضيع،، يخافون عليها من خلافة اسلامية على منهاج النبوه لأنهم يعرفون أن تحرير القدس لن يكون الا على أيدي مسلمين صدقوا الله فصدقهم الله(هم يعرفون تماما أن الأنظمه العربيه ومعها الحركات والأحزاب الليبراليه والعلمانيه والحداثيه واليساريه والقومجيه والثورجيه ليس بمقدورهم تحرير فلسطين)هذه قاعده فهموها قبل أن نفهمها نحن فهم يعرفون عنّا أكثر مما نعرف عن أنفسنا، والأنكى من ذلك كله أنهم وظفوا تلك الأنظمه والقوى والأحزاب لتكون سداً منيعا في وجه كل من يفكر في ايذاء اسرائيل ونصرة فلسطين (ولا بأس في الدخول مع اسرائيل في معارك مسرحيه لتحصيل الشرعيه) هذا قاعده أخرى لعبوها باتقان وتفنن والغريب أننا كنّا نساعدهم في اخراج تلك المسرحيات والأفلام فهل نحن سُذّج الى هذه الدرجه؟؟ أرى أن موضوع السذاجه بحاجه الى مقالات وكتب ومجلدات فمن يتصدى ؟؟ مسكين من يعتقد أن اليهود لم يلعبوا على سذاجتنا ويوظفوها أحسن توظيف،، المهم قبل اسقاط برجي نيويورك اخترقوا تنظيم القاعده وراحوا يلعبون به لعب الصبي بالكرة تنفيذا لأجندتهم اياها وحين احترقت أوراقه وبانت عورته اخترعوا داعش فاكتملت حفلة التشويه ووصلوا الى مرادهم في شرعنة محاربة الارهاب فالمهم عندهم أن يصلوا الى هذا المرحله لأن شعار محاربة الاسلام شعار فظ لا تحتمله المسامع فكان لا بد من تغييره بشعار لطيف وهو "محاربة الأرهاب" فانخرط معظم العرب والمسلمين في محاربة الأرهاب واختلط الحابل بالنابل فلم

وجهة نظر
مراقب -

يقول السيد الكاتب في مقاله "وهكذا تدور العجلة ولا تتوقف ما دامت هناك صحافة في بريطانيا، وطالما كانت هناك مملكة اسمها السعودية" ولم يلتفت للقول إن العجلة تدور لإن الصحافة في بريطاينا حرة وإنسانية والحرية في المملكة مسلوبة وناقصة. ولإيقاف تلك العجلة يكون إما ببطلان حرية الصحافة البريطانية أو إلغاء سلب وتقصان الحرية في المملكة. وفي الصدق الختام.

رمى العجزة
Mike Borai -

هل هذا فقط كل ما وجده الكاتب انتهاك صارخ لحقوق الانسان فى الغرب، رمى العجزة فى دور للرعاية بعيدا عن اسرهم و اهاليهم، اولا هو ليس رمى كما يدعى الكاتب لكنه مكان يوفر الرعاية و الاهتمام الذى ربما يعجز الأهل و الاسرة عن توفيره فى وسطهم و داخل بيوتهم، و ثانيا هناك كهول يتمنون الإقامة فى تلك الدور لكن اسرهم تعجز ماديا عن توفير تكاليف الإقامة