جريدة الجرائد

عنصرية في زمن أوباما

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أيمـن الـحـمـاد

وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما ليصنع التاريخ، ويدخل البيت الأبيض كأول رجل من السود الأميركيين يستطيع تبوّء هذا المنصب في بلد كان إلى فترة قريبة يمنع جلوس السود في الأماكن المخصصة للبيض. هذا الإنجاز "الأوباموي" التاريخي الذي قيل إنه إعلان لتجاوز أميركا مرحلة مظلمة من تاريخها بات اليوم على المحك.

هذه السردية تبدو اليوم تحت اختبار الأحداث التي يمر بها عالمنا تحت وقع الأعمال الإرهابية التي استهدفت المسلمين والعرب أكثر من غيرهم، وكما صنع أوباما مفارقة بدّدت ما كان يُقال حول العنصرية في أميركا، يأتي اليوم المرشح الجمهوري دونالد ترامب للسباق الرئاسي ليروّج لنفسه بشعارات عنصرية مقيتة تنضح من رجل ربما تمكّنه "الديموقراطية" من الوصول إلى البيت الأبيض.. فالرجل الذي يتصدر المترشحين المتنافسين لنيل بطاقة الحزب الجمهوري - حسب استطلاعات الرأي العام، كان آخرها الذي أجرته "رويترز و أبسوس" وجاءت بعد تصريحاته ضد المسلمين - يدرك تماماً حجم صعود أحزاب اليمين السياسية على المستوى الدولي، ويرغب ترامب ركوب موجة ازدهار التصريحات المعادية للأجانب بشكل عام والمسلمين خصوصاً، ويبدو أنه ينجح في ذلك.

إن من المؤسف أن تكتفي مؤسسات الدولة الأميركية - وعلى رأسها البيت الأبيض والكونغرس - بالتصريحات في مقابل سياسات أقل ما يُقال بأنها تحريضية تجاه المسلمين الذين يبلغ تعدادهم في أميركا حوالي ثلاثة ملايين مواطن، ويبلغ عددهم على مستوى العالم أكثر من مليار ونصف المليار، في حين نجد أن التجريم قد يطال أي استهداف يعرّض أو يمس بشكل سلبي إسرائيل باعتباره أمراً يعادي "السامية".

إن تصريحات ترامب ربما تشجّع على استهداف المسلمين ومرافقهم، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال الطرد الذي أُرسل إلى مؤسسة "كير" المعنية بشؤون المسلمين، والتي صرّح أحد مسؤوليها بأن الولايات المتحدة "تشهد ارتفاعاً كبيراً في جرائم الكراهية ضد المسلمين منذ هجمات باريس".

إن صدور تصرفات عنصرية أو تحث على الكراهية من بعض العامة يمكن تقبله باعتباره تصرفاً فردياً لا يمثل جماعة، لكن أن يحدث ذلك من خلال النخب الأميركية، وسط عجز مؤسساتي أميركي، فإننا نخشى أن يكون ذلك تحولاً خطيراً قد يشجع على تعزيز شعور العزلة للمسلمين الأميركيين قبل كل شيء، ويدفع باتجاه معاداة أميركا على المستوى الدولي، ولن يخدم هذا التوجّه إلا أعداء أميركا الحقيقيين من الإرهابيين الذين يرون في تلك التصريحات فرصة يجب أن تُستغل.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف