نقطة سوداء في مؤتمر أربيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عدنان حسين
&
&
شاركت أمس في مؤتمر ينعقد الآن في مدينة أربيل حول "الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومستقبل الايزيديين والمسيحيين في العراق"، ولا أظنني في حاجة للتفصيل في طبيعة أعمال المؤتمر ودوافعه ومراميه، فالكتاب يُقرأ من عنوانه كما قيل، ولا أريد أيضاً منافسة زملائي من المراسلين الذين غطوا وقائع المؤتمر في الكتابة عمّا دار وجرى فيه.
من الأشياء الجميلة في المؤتمر ان الكلمات الافتتاحية، التي عادة ما تكون في مؤتمرات كهذا مكررة الأفكار والمعاني ومملة، لم تكن كثيرة ولا طويلة ففي غضون اقل من نصف ساعة بدأت الأعمال الجدية المثيرة للاهتمام من العرض شبه المسرحي للتذكير بأن محنة الايزيديين والمسيحيين متواصلة حتى الساعة أمام أنظار الجميع، الى الفيلم الوثائقي عما لاقاه الايزيديون والمسيحيون على ايدي الإرهابيين الدواعش، قبل ان يبدأ القاء الأوراق والمداخلات والمناقشات بشأنها.
ثمة نقطة سوداء في صفحة هذا المؤتمر رغبت بالتوقف عندها.. لم تأخذ اكثر من دقيقتين، لكنها كانت مزعجة للغاية للعديد من المشاركين في المؤتمر، وانا احدهم، ممن تنبهوا الى ما حدث في اطار تلك النقطة من سلوك لا أظنه يشرف من اقدم عليه.
بدأ المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الضحايا.. الموجودون في القاعة الذين قدرت عددهم بأكثر من سبعمئة شخص من النساء والرجال والشيوخ والاطفال من كل قوميات العراق ودياناته ومذاهبه.. كلهم هبوا وقوفا في أماكنهم إجلالاً للأرواح البريئة التي أزهقتها على نحو وحشي الضواري الداعشية، ثم عزف النشيد الوطني العراقي وبعده نشيد الإقليم "اي رقيب"... للأخير هب الجميع أيضا وقوفا، لكن مع النشيد الوطني شذ ستة أو سبعة من الحضور فمكثوا جالسين في مقاعدهم.
هؤلاء الستة او السبعة اكثر من أغاظني منهم شخص كان يجلس في الصف الأمامي ، اي انه من علية القوم في الإقليم.. كان يرتدي الزي الكردي التقليدي بالجمداني الأحمر الملفوف على رأسه على النحو الخاص بسكان منطقة بارزان، وهذا بالذات ما أغاظني اكثر، فغير مرة رأيت بأم عيني السيد مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان يقف بكل احترام وإجلال عند عزف النشيد الوطني العراقي.. الرجل بالجمداني البارزاني الذي اختار ان يخرج عن السرب مع خمسة او ستة آخرين وان يخرج على الاصول والقواعد السلوكية الطبيعية المألوفة، شعرت انه قد تصرف على نحو مهين لرئيس الاقليم والعائلة البارزانية، فتصرفه كان يفتقر الى اللياقة والكياسة وقواعد الإتيكيت.
كان يمكن لهذا الرجل والخمسة أو الستة الأخرين ألاّ يحضروا إلى القاعة في الأساس أو أن ينسحبوا منها قبل بدء أعمال المؤتمر، فجدول الاعمال الذي وضع لهم مسبقا على كراسيهم كان يشير بكل وضوح الى فقرة النشيد الوطني العراقي بعد فقرة دقيقة الصمت وقبل فقرة نشيد الثورة الكردية.
نعم أظن انه والآخرين كان يمكنهم ان يفعلوا ذلك احتراما لنا نحن ضيوف الإقليم ولإقليمهم ولرئيسه الذي لا يمكن ان أتصور انه يقبل بهذا.
&
&
&
&
&