جريدة الجرائد

أين ذهبت أسلحة «الدواعش»؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

وفيق السامرائي

في أكثر من مناسبة، نسب إلى رئيس إقليم كردستان قوله، إن &"داعش&" قد حصل على مستودعات عتاد ضخمة في البيجي، ونحو 1700 عجلة &"هامر&" توفر حماية ضد الرصاص. ويكتسب هذا القول نوعا من المعقولية على أساس حجم القوات التي أصيبت بنكسة سقوط الموصل وتكريت. غير أن المعطيات المطروحة على الأرض تجعل من الصعب الأخذ بهذه المعلومات أو التقديرات، لأسباب منطقية تتعلق بمستويات ونطاق العمليات التي دارت خلال الشهور الثمانية.


في المرحلة الأولى التي أعقبت سقوط الموصل، جرى تداول معلومات عن سيطرة &"الدواعش&" على عشرات الدبابات، نشرت صور تشير إلى تركها أثناء عملية التراجع السريع. وفي تلك الفترة اعتبرت سيطرة هؤلاء على هذا العدد الكبير من الدبابات والمدرعات الأخرى وعجلات &"الهامر&" مصدر تهديد خطير، لا سيما أن القوات العراقية كانت في وضع صعب، ولم تكن تمتلك وسائل كافية لمقاومة الدبابات ولا كميات معقولة من الألغام، مما أفقد القوات العراقية - في تلك المرحلة - القدرة على صد هجوم مدرع سريع في اتجاه محوري. وبما أن &"الدواعش&" يعتمدون على قوة الصدمة في معظم عملياتهم الواسعة، فإن الموقف بقي خطيرا للغاية لفترة طويلة، إلى أن تلاشت احتمالات وقوع مثل هذه الهجمات المدرعة، وكان من الصعب صد الهجمات المدرعة من دون دعم استثنائي.


وطوال الشهور الثمانية التي أعقبت سقوط الموصل، لم تحدث معركة مدرعة واحدة، وفي أسوأ الحالات زج &"الدواعش&" بضع دبابات في معارك محدودة، خصوصا عند محاولتهم استعادة سد الموصل، أو محاولة السيطرة على سد حديثة والمناطق القريبة إليه غرب الأنبار، وواجهت القوات المحلية غرب الأنبار صعوبات في حينه ريثما تم اتخاذ تدابير تعزيز القوة. أما في قواطع العمليات الأخرى، فلم تسجل هجمات مدرعة، أو مناورة من قاطع إلى آخر بالوحدات المدرعة، حتى على المستويات الفرعية؟ فأين أرسلت القطع والمعدات التي جرى الاستيلاء عليها؟
الإجابة السريعة والمنطقية هي أن ما تركته القوات العراقية كان أقل كثيرا مما قيل، وتشير معلومات إلى أن نسبة كبيرة من الأسلحة أخذت طريقها إلى إقليم كردستان، وقد تحدث عدد من السياسيين العراقيين عن ذلك، إلا أن الظرف السياسي الصعب لم يدع مجالا للمطالب المطروحة. ويبدو أن المعارك على الساحة السورية لا تقل عنفا وشدة عن المعارك مع القوات العراقية، إن لم تكن أكثر شدة، مما يتطلب المزيد من التعزيزات بمعدات القتال عموما، والمدرعات وعجلات &"الهامر&" تحديدا. بسبب سعة قواطع العمليات، والقتال على أكثر من جهة وجبهة في آنٍ واحد.


أما قصة مخازن العتاد التي تمكن &"الدواعش&" من السيطرة عليها في منطقتي الموصل والبيجي فتحتاج إلى مراجعة حسابات، لأن الجيش العراقي غالبا ما يعاني نقصا في العتاد، لتعقيدات في التوريدات، وعدم العمل على إعادة بناء منشآت التصنيع العسكري، وبقاء المنظومة الإدارية غير متكاملة التشكيل والانتشار لأسباب سياسية وعسكرية. وعلى سبيل المثال، فإن العراق كان يحتفظ بـ205 ملايين إطلاقة كلاشنيكوف في منطقة العمليات الجنوبية خلال حرب الخليج الثانية، وهو رقم يزيد عشرات المرات على مستويات التخزين بعد سقوط النظام. كما أن الطاقة التصنيعية كانت تكفي لسد الاحتياجات من الأسلحة الخفيفة، وكان على وزارة الدفاع العمل وفق خيارات التصنيع بدل الغوص في معضلات التوريدات وما شابها من شبهات فساد.


وإذا أسلمنا بما يقال عن وجود ضباط من الجيش السوفياتي السابق مع &"الدواعش&"، من جمهوريات وسط آسيا، وكذلك وجود عدد كبير من الضباط العراقيين، يمكن أن نصل إلى ما يفترض تشخيصه عن عمل منظومة التعويض لمواد تموين القتال عموما، والعتاد تحديدا، وهذا يسوق إلى التفكير في أن الانتشار العسكري لـ&"الدواعش&" في شرق سوريا وشمالها هو الأكثر أهمية في حسابات الاطمئنان على سلامة المستودعات. ويبقى وجودهم في العراق أقصر عمرا من وجودهم على الساحة السورية، كما أنهم لا يجيدون استخدام القوات المدرعة كقوة ضاربة، بقدر استخدام المدرعات بشكل فردي أو بمجموعات صغيرة، تجنبا للضربات الجوية ونشاطات الهليكوبترات الهجومية.
وحتى إذا افترضنا سيطرة &"الدواعش&" على 1700 قطعة &"هامر&" وعدد محدود من المدرعات، فهي قوة ليست مثيرة، إذا ما تذكرنا أنهم يقاتلون دولتين كانتا في يوم ما قويتين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
موضوع جيد
سيف -

موضوع مثير و حساس فعلا و لكن لا اجزم بأن كل من سيقرأ الموضوع سيتسائل... اين اسلحة الحكومة اذا؟ يعني من 2003 لحد اليوم و العراق يحصد ارواح ابنائه الارهاب و الضعف الامني و العسكري... اذا اين التسليح الفعال؟ اين الطائرات؟ يعني اكثر من عشر سنين لم نستورد طائرة حتى وصلت المعونة الايرانية الروسية س يو 25؟؟ اين ذهبت اموال العراق عندما كان النفط يباع ب 130 دولار للبرميل؟ اين التدريع العراقي لدبابات الابرامز المهداة من الامريكان؟ اين الطائرات من دون طيار لمراقبة تحركات الارهابيين؟ اين منظومات الرؤية الليلية؟ الحكومة لم تتحرك في مجالات التسليح الا بعد سقوط اراض شاسعة بيد داعش و عرت الضعف الحكومي العراقي و فساد الطبقة السياسية لا سامحها الله. الدواعش مهما امتلكول فهم ليسوا دولة و اقوى سلاح عندهم هو انتحاري بسيارة امام دولة بمقدراتها... و لكن فشل هذه الدولة لحد كبير بحيث ان بعض الشباب المتخلفة تزعزع كيانها هكذا يجعل من الصعب تصديق الحكومة لا سياسيا و لا عسكريا لان الوضع بات مزريا. ثم لماذا لا تساعد الحكومة القوات الشعبية المسلحة و لا تأتي الا للتصوير بعد ان يحرر هؤولاء المساكين المناطق مضحين بأرواح اغلى شباب العراق اللذين كانوا مدنيين قبل كم شهر فقط. معظم السياسيين سيحاكمون لاحقا و حبل المشنقة لن يستثني فاسدا على ما اقترفوه بحق الشعب المسكين اللذي تكالب عليه سياسييه و البعثية و التكفيرية و سياسات الدول المجاورة الطائفية و النزاع الايراني الامريكي و الاستغلال التركي.