جريدة الجرائد

هل تصبح تركيا حليفة؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

طبعت السنوات العشر الماضية العلاقة مع تركيا بعواطف مختلطة، بين الحب والإعجاب والغضب، ثم طغت عليها الاختلافات في وجهات النظر، معظمها تفصيلية. إنما بقيت هذه الدولة تحمل أهمية خاصة لدول الشرق الأوسط، والسعودية من بينها. ورغم خلافات التفاصيل، استمرت أنقرة طرفا سياسيا فاعلا في قضايا المنطقة، من فلسطين إلى لبنان، ولاحقا في مصر وسوريا والعراق وليبيا.


ولا نفهم جيدا المنظور التركي من معظم هذه القضايا، وأحيانا تحيرنا بسبب تناقضها، فقد وقفت ضد إسقاط نظام القذافي في ليبيا، في الوقت الذي أخذت فيه موقفا سياسيا حازما ضد نظام الأسد في سوريا. وفي الوقت نفسه تتمتع بعلاقة جيدة مع إيران، وعملت لعقد كامل كبوابة مفتوحة ضد الحصار الدولي على نظام طهران، مع أنها عضو في حلف الناتو. وبعد الربيع العربي تبنت جماعة الإخوان المسلمين المصريين، فصارت لهم المقر والماكينة الدعائية، بديلا لقطر. واستضافت كذلك الإخوان المسلمين الخليجيين المعارضين. وفي إحدى المرات، ومن قبيل هذه المناكفة، بحثوا عن مسؤول تركي يستقبل معارضين من الإخوان من دولة خليجية، مع أن عددهم لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، فلم يجدوا من يستقبلهم من المسؤولين الأتراك إلا رئيس بلدية أحد أحياء مدينة إسطنبول، فذهبوا لالتقاط صورة معه لإغاظة الحكومة الخليجية، لكن رئيس البلدية، الذي لم يفهم المسرحية، أثنى أمام المعارضين على حكومة بلدهم، وفاخر بأن علاقته معها جيدة!
معظم الخلافات مع تركيا هامشية، وليست على مسائل استراتيجية، وبعض اللوم يقع على الأتراك بسبب خوضهم في وحل الخلافات العربية الداخلية، التي تضعف موقف تركيا. وفي رأيي أن مساندتهم للإخوان في مصر، لم تفشل وحسب، بل ربما هي السبب في تشدد النظام المصري الجديد والتضييق على الإخوان.


لتركيا مكانة كبيرة، ودور إقليمي قادر على التغيير، لو أنها تخلت عن التحالفات الصغيرة، وتجنبت دس أنفها في المعارك العربية الداخلية. بانتظارها دور أهم، حيث إن بإمكانها إعادة التوازن الاستراتيجي، ببناء منظومة إقليمية جديدة، تمنع الفوضى والانهيارات والحروب. وفي حال أبرمت إيران اتفاقا نوويا مع الغرب، فإن تركيا ستصبح قطبا ضروريا يمكن أن يعمل مع الأقطاب الرئيسية الأخرى لبناء حلف يوازن ويمنع التمدد الإيراني في المنطقة، الذي يهددها أيضا. فهي ترى كيف تسارع إيران من أجل السيطرة على العراق وسوريا، الدولتين اللتين تؤثران بشكل مباشر على أمن واستقرار تركيا، وتحاصرها من ثلاث جبهات شرقية وجنوبية.


مصر، التي مضى على نهاية نفوذ تركيا عليها مائة عام بالضبط، هي اليوم دولة محورية، وليس من صالح تركيا معاداتها. وقد سمعت في زيارتي الماضية، من الأتراك أيضا، نفس الانطباع، بأنهم لم يتمنوا أن تنحدر الأمور مع مصر إلى هذه الدرجة، لكن بكل أسف صارت العلاقة ملوثة بالخلافات الصغيرة. ولو أن الأتراك قادرون على تغيير الوضع في القاهرة لفهمنا سر اندفاعهم وحماسهم للإخوان المسلمين، لكن قدرة تركيا على التغيير في مصر تقريبا صفر!
في المقابل، نرى الأتراك مهمين جدا على المسرح الإقليمي، وتأثيرهم هائل في إطار المعادلة الشرق أوسطية مع إيران، والقوى الموالية لها في العراق ولبنان. وقدرتهم على التغيير في سوريا كذلك لا تضاهى. هذا ما يجعلنا نعتقد أن للأتراك دورا أهم، وعليهم أن يعيدوا قراءتهم للوضع الإقليمي. فدول الخليج ومصر والأردن، تشترك مع تركيا في الكثير من المصالح والأهداف الكبيرة، لكن تفعيلها يتطلب أن تكون السياسة التركية متحررة من النزاعات الصغيرة.

تستطيع هذه المجموعة، المكونة من تسع دول، وضع حد للتمدد الإيراني، والضغط على الغرب في سَبِيلِ حل عادل للفلسطينيين، ووقف الفوضى في العراق وسوريا، وتأسيس نظام إقليمي ضد الإرهاب. ولتركيا تجارب عتيدة تاريخية في لعب أدوار استراتيجية، منذ حلف بغداد وحلف البلقان، وإلى حلف الناتو الحالي، ودورها في منظومة دول جنوب القوقاز.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مغزى المقاله
OMAR OMAR -

مغزى المقاله هو تجيش الجيوش وعقد التحالفات لاجل غرض طائفي الا وهو محاربه ايران الشيعيه فقط فقط

صداقة تركيا واجب ديني
عبدالله العثامنه -

المملكه العربيه السعوديه عاقله في سياساتها وأتوقع منها المزيد من العقلانيه في ظل حصارها المطبق وكما أن المملكه محاصره فالأردن محاصر ومصر وتركيا وكثير من الدول العربيه ،،، السياسه هي فن الممكن في أحد تعريفاتها لكنها عند بعض الدول العربيه فن المستحيل!! فليس معقولا أن تقيم دوله ما علاقات سياسيه متينه مع دوله اخرى على أساس التطابق الكامل في أدق أدق التفاصيل، بل الغريب على دولنا العربيه أنها تقيم مثلا علاقات وطيده جدا مع فرنسا بالرغم أن فرنسا هي فرنسا ولم يطلب منها أحد أن تكون شيئا غير فرنسا وكذلك بلجيكا والهند وفيتنام...الخ لكن حين تصل الأمور الى العلاقات البينيه العربيه والأسلاميه نفترق ونختلف على أتفه التفاصيل!! تركيا يحكمها الأخوان المسلمون شئنا أم أبينا وهي دوله اقليميه محوريه شئنا أم أبينا والقواسم المشتركه هائله بكل المقاييس خصوصا في زمننا هذا، ثم ان القرب من تركيا يعتبر قوه ومنعه وعز وفسحه اقتصاديه مريحه والسياسه في الواقع هي فن الواقع وليست فن الخيال، يجب أن نتعامل مع تركيا على أنها تركيا كما هي لا كما نتمنى ونحب، لكن المعروف عن بعض الزعماء العرب أنهم "يذهبون الى مؤخرة الكلب ويشمّونها"ويتركون المسك والعنبر والرياحين... يا ناس اعملوا ما تمليه عليكم مصالح شعوبكم لا ما تمليه عليكم شياطينكم .

تركيا هي الاقرب
assouma -

مع احترامي الشديد للتساؤلات التي طرحها الصحافي الذي نجل ونحترم الا انها لتركيا لا عليها بل اننا نجد ان موقف اكثر العرب غير مفهوم , ما مصلحة تشجيع الانقلاب في مصر ومده بالدعم المادي والمعنوي , ثم اتهام اكثر الامة بالارهاب ما المصلحة في اجهاض الثورات العربية وإعادة انظمة بالية بأقنعة جديدة لا تقل إجراما عمن سلف . تركيا تبدو للجميع انها أكثر شهامة وغيرة على المسلمين والعرب من العرب انفسهم . نعم يجب ان تصبح تركيا حليفة بل يجب تمتين العلاقات بناء الجسور والتفاهم كون تركيا اليوم أقرب ما تكون بقيادة اردوغان انها فرصة ثمينة لان تركيا بدون الحكم الحالي غريبة عنا بكل شيء كما كانت من قبل منذ البغيض اتاتورك . تركيا تحفظت على الثورة في تركيا لآنها عاينت سيلان لعاب الغرب للثروة النفطية ومسارعته للدعم العسكري وكان حدس تركيا بمحله . لماذا امتنع هذا الغرب عن دعم الثورة السورية التي لا تقل نبلا عن الثورة الليبية . اقرؤوا بتمعن وحيادية مرة واحدة

احسن ما قيل اخ رقم 2
assouma -

بارك الله فيك اخي , والله راي الأخ رقم 2 هو رأي المسلم الصحيح اينما وجد , ولكن ايلاف مبتلية ببعض الكتاب والقراء الذين يناطحون الزمن بوساوسهم وافكارهم الرجعية اليسارية والقومجية والمناطقية القطرية معظم العرب والمسلمين على رأيك ايها الأخ

لو
ام موسى -

كم كان عقلانيا واخلاقيا وضروريا في عصر القوى المنبعثة في العالم الجديد لو توسع الكاتب في طلبه الى تركيا العودة الى ساحة العمل الاسلامي المشترك الى جانب دول الخليج ودول المشرق العربي والجارة الابدية ايران لينبثق صوت جديد في العالم اسمه صوت العالم الاسلامي الذي يستطيع ان يفرض نفسه رقما عصيا بموارده البشرية والطبيعية الهائلة . عندها لن نبقى اسيري الفيتو الاميركي او الاسرائيلي او اي كان . اقول كم كان عقلانيا لو حصل ... لكنها الطائفية المقيتة تصبغ بسوادها فكر الكاتب كله علاوة على قلمه .

استاذ عبدالرحمن
خليجي-لا ينافق -

من كلامك----او تلميحاتك----ان هناك تغير بالمواقف--والاحلاف---اعتقد ولا اجزم انك على علم بهذا--تعرف المقصد---ان البوصلة ستتغير من الغرب(؟)الى الشمال-اي تركيا

ارهاب قطع الرؤوس
OMAR OMAR -

كل ماقرأته هو ايران وبشار بل هل قرأت شيئا عن ارهاب قطع الرؤوس واكل الاكباد