سوريا «الشمالية»!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حسين شبكشي
النظام &"الكاريكاتيري&" القائم في سوريا الآن (أو بقاياه على أي حال) هو نظام مخالف للأخلاق والمنطق السياسي. كنت أتمعن في التجربة الشمولية للحقبة الأسدية أبا عن ابن، وحاولت أن أبحث عن النموذج &"الملهم&" الذي سار عليه نظام الأسد، فلم أجد من نظام يطابق التوجه والأساليب والنهج إلا نظام كوريا الشمالية.
في كوريا الشمالية، هناك حزب واحد وحاكم واحد، وهو حزب العمال، وهذا الحزب به تكوين وتشكيل أشبه بالدمى &"المصفقة&" تتفاعل مع كلمات &"الزعيم الخالد&" بشكل هستيري، دون الإنصات للكلمات نفسها، سواء أكانت من النوعية المعتادة من الهراء أو من الهراء المغلظ.
كوريا الشمالية هي أيضا اختارت طريق &"الممانعة&"؛ فهي تمانع الاحتلال الأميركي لكوريا الجنوبية، وتؤمن إيمانا كاملا وقطعيا بأنه لا صوت يعلو فوق صوت &"المعركة&"، فهي أيضا لديها &"معركة&" وظف الاقتصاد والنظام السياسي والاجتماعي للتركيز على هذه &"المعركة&"، فكان اقتصاد الحرب هو الرئيسي، ومن ثم إلغاء فكرة الاقتصاد الحر، وجندت الشعب لخدمة السلطة، فتحول الاقتصاد إلى ماكينة إنتاج لتمجيد الجيش والحاكم باسم الثورة والاستقلال والحرب الموعودة، ولم يغب قط عن النظام استخدام &"نظرية&" المؤامرة الكونية القائمة عليه لترويع شعبه وتجويعه حتى تظل &"الفزاعة&" قائمة، لتكون الغاية التي تبرر كل وسيلة.
وكما تحول نظام كوريا الشمالية إلى نظام توريث رئاسي فريد من نوعه، وجعل تقديس الشخصيات القائدة للبلاد مسألة &"عقيدة سياسية&" خاصة، فالأمر نفسه حصل في سوريا &"الأسد&" التي بجرة قلم غيرت دستورها لينطبق بالتفصيل على مقاس الابن الذي كان يجب أن يورث الحكم، حتى يستمر الفيلم الطويل لحكم العائلة، وكان ما يحدث في كوريا الشمالية من تأليه شخصية الحاكم عبر تمجيد أقواله وحكمه ومواقفه وتعليق كل صوره بكافة المقاسات في الميادين العامة، وعلى المباني الكبرى، وطبعا تسمية كافة المنشآت والشوارع والميادين والمكتبات والمرافق الكبرى باسمه، وإقامة أعظم وأكبر التماثيل في المواقع الرئيسية بكافة المدن والقرى.. وهذا الأمر نسخ حرفيا في سوريا بكافة أشكاله ومظاهره.
أثناء ذلك، كانت كوريا الجنوبية تزدهر وتنعم برغد الخيرات التي حلت عليها نتيجة الديمقراطية التي خلصتها من حكم العسكر، الذي كان متسببا في حالة هائلة من الفساد والطغيان، فاعتنت بالتعليم حتى بات نظامها التعليمي أحد أهم الأنظمة التعليمية في العالم، وكذلك الأمر الذي أصابها على الصعيد الاقتصادي، فاهتمت بتطوير صناعاتها بشكل استثنائي، حتى باتت منتجاتها تتصدر قوائم حصص السوق، وطبعا قصة النجاح الكورية باتت مضرب الأمثال في كل المجالات، من رياضة وفنون وسياحة وغيرها، وبقيت كوريا الشمالية في مظالم الطغيان والذل والهوان تركز على زيف البروباغندا، التي توزعها على شعبها لتعزله عن العالم، فتمنع عنه الفاكس والإيميل والهاتف الجوال (المفتوح) تماما، كما حصل في سوريا، حين منع نظام حافظ الأسد الديكتاتور الفاكس عن شعبه، وقنن استخدام شبكة الإنترنت بشكل مخيف.
سوريا مهد الحضارات ومولد الثقافات، تحولت إلى مقبرة للذات والأمل والكرامة والحرية، على أيدي نظام مجرم يؤيده مجرمون.. نظام ليس له مثيل ولا ملهم إلا كوريا الشمالية. يا لها من صحبة!
عندما كان أحد المحللين المعنيين بالشأن السوري يراقب ما حصل من &"تطور&" في حياة بشار الأسد السياسية، وصعوده شبه الإعجازي لمنصب الرئاسة، وهو الذي لم يكن حتى اختيار والده الأول، قال متنهدا: &"شو موفق هالصبي&"، وعندما عقد المقارنة مع نظام كوريا الشمالية و&"الصبي&" الكوري الشمالي هناك قهقه ضاحكا وقال: &"شو موفقين هالأولاد&".
شر البلية ما يضحك حقا!
التعليقات
التصفيق
صالح -اذا كان هذا حال بلد مثل كوريا الشمالية وسوريا فا بالك في المهزلة التي حدثت في الكونغرس الامريكي عند إلقاء نتنياهو خطابه وهم طول مدة الخطاب وقوف مصفقين! ماذا تسمي ذلك. نعم الأسد وغيره كثر في وطننا العربي والعالم هم على هذه الشاكلة نفاق سياسي وصولي تحت شعارات براقة مع الأسف ان الكل اكل الطعم لهذا الكل خسران.
مقارنة
ماجد -لا اخالفك الرأي بمضمونه العام ، ولكن ما اريد ان يجيبني السيد كاتب المقال، لماذا لم يقارن بين النظام السوري والانظمة العربية الأخرى علنا نستفيد من تجاربها في الديمقراطية وحقوق الانسان
عسى أن تكرهوا شيئاً وهو
خير -كان الشعب السوري، قبل إغتصاب حافظ كوهين للسلطة ، يشبه الولد العاق الذي خرج عن طوع آبائه وأجداده ووثق بأعدائه التاريخيين الحاقدين أحفاد القرامطة وتناسى أنهم أهل غدر وخيانة ، ولم يصحو من صفعة مجزرة حماة، لذا جاءت ضريبة تأخر الصحوة كارثية بعد التدمير الرهيب للبنية الإجتماعية والثقافية والأخلاقية بمنهجية حاقدة مدروسة ومبرمجة تم تكريسها لنصف قرن. لقد دفع قبلنا الاوربيين والامريكان ضريبة رهيبة في حربين عالميتيين من أجل الحرية والعزة والكرامة وسيدفع بعدنا الروس والايرانيين والعراقيين وغيرهم نفس الثمن إن لم يكن أفدح. هذا بالإضافة الى أن معظم البنية التحتية فاسدة وآيلة للسقوط بسبب الفساد والرشوة ومعظم الأبنية عشوائية ولم تخضع لتنظيم أو رقابة لنفس السبب فهي تحتاج أصلاً لهدم يساعد بشار كوهين وعصابته في إنجازه ومن ثم إعادة بناء كما حدث في المانيا. عله يكون درساً لا تنساه الأجيال القادمة حتى لا يهون عليهم وطنهم مستقبلاً، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم. وكل ما هو مطلوب من الشعب السوري هو التوبة ونبذ الكراهية وتصفية القلوب والنفوس والعودة الى الماضي الجميل أيام المحبة والإلفة والتلاحم حتى يزيل الله عنهم الكرب والبلاء الذي أنزله بهم ليبلوهم ويختبر ايمانهم. وسيشهد التاريخ والعالم أنها أعظم ثورة شعبية قامت في مهد الحضارات على الكرة الأرضية في وجه أعتى عصابة إرهابية إجرامية حاقدة غادرة عرفتها البشرية ووقف العالم الحر الذي يدعي حماية الطفل والمرأة والإنسانية متفرجا لسنوات على سلخ جلود أطفال سوريا وإغتصاب نساءها وحقوق الإنسان تدنس بأرجل أحقر وحوش بشرية...