لماذا يريدونها حربا مذهبية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالرحمن الوابلي
أكبر ثغرة يدخل علينا منها الأعداء هي الطائفية، التي تم تجريبها في كثير من الدول العربية وأثبتت نجاحا منقطع النظير في تخريب وتدمير المجتمعات، مثل ما حدث ويحدث الآن في العراق وسورية واليمن
&
كشف فضيلة الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد، إمام الحرم الشريف وعضو هيئة كبار العلماء، في خطبته الجمعة الفائتة في الحرم المكي عن نوايا من يريدون حرف حربنا الوطنية التي تشنها قوات التحالف العربية بقيادة المملكة العربية السعودية، من أجل الضرب على يد العابثين بأمن يمننا السعيد وإعادة حكومته الشرعية إليه، وعليه استتباب أمنه واستقراره وحماية حدودنا الجنوبية من كيد الكائدين وتربص المتربصين بنا؛ إلى حرب طائفية مذهبية نتنة عمياء، لا هدف لها سوى تحويل جزيرتنا العربية إلى بؤر جهنمية من الاقتتال الطائفي والتناحر المذهبي، ليخرج علينا من دخان لهيبها إرهابيون "دواعش" و"قواعد"، لا يفرقون بين مذهب وآخر، أو حتى بين دين وآخر، أو بلد وآخر، أو حتى شعب وآخر.
إن "القواعد" من منظري ومفتي التنظيمات الإرهابية فرحوا بالحرب التي شنتها قوات التحالف العربي، على قوات الحوثيين وبقايا جيش الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في اليمن، على عكس المؤمنين الأخيار الذين قال عنهم سبحانه وتعالى: "كتب عليكم القتال، وهو كره لكم". وذلك من أجل الإعلان -تحت شعار الحرص على أمن وسلامة الوطن- عن فكرهم التكفيري والإرهابي الإقصائي المتعفن، الذي عادى أول من عادى هذا الوطن، حكومة وشعبا وكبار علماء ومؤسسات أمنية، وما زال يتربص ويهدد ويتوعد ويكفِّر كل من في بلدنا الأمين.
إن أولى مؤامرات "القواعد" من منظري ومفتي التنظيمات الإرهابية وشبيحتها العفنة، على هذا الوطن، حكومة وشعبا وقوات مسلحة، أن جيروا هذه الحرب من حرب شريفة عادلة، إلى حرب طائفية نتنة، بين مذهب إسلامي لاجتثاث مذهب إسلامي آخر. حربنا الوطنية العادلة ضد العابثين بأمن واستقرار يمننا السعيد أتت بتفويض من جامعة الدول العربية وتأييد ودعم من مجلس الأمن الدولي. وعليه فلا يمكن أن تكون حربا تشن من أجل مذهب أو حتى دين ضد آخر. وكذلك اشتراك قوات التحالف العربي في الحرب لإنقاذ اليمن لا يمكن أن يكون من أجل مذهب ديني، ولا حتى من أجل انتصار دين على آخر.
وكما صرح ويصرح مسؤولو المملكة وقياداتها يوميا ويؤكدون، من خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، حتى أصغر مسؤول فيها، على أن الحرب التي تشن ضد العابثين في اليمن هي حرب عادلة ووطنية وقومية لا تستهدف مذهبا ولا فئة اجتماعية محددة في اليمن. والدليل أن كثيرا من المنتسبين لجميع المذاهب والفئات الاجتماعية في اليمن يقاتلون صفا واحدا مع قوات التحالف ضد أعداء اليمن من داخله أو خارجه. كما أن صاحب السمو وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أمر بفصل أحد الجنود الجهلة والتحقيق معه بسب تغريدة طائفية له على تويتر.
ومع كل هذا نجد مفتي ومنظري الفكر التكفيري وشبيحته ما زالوا ينعقون ويؤكدون أن عاصفة الحزم حرب طائفية ضد مذهب معين. وقد تم القبض على بعض أزلامهم وغلمانهم في معسكر حول الرياض، وهم يستعدون لشن حرب على قواتنا الأمنية ومقراتنا الحيوية وبدأوا بالتنفيذ، ولكن برعاية من الله وتوفيق منه تم إلقاء القبض عليهم ودحرهم. أي أن المسألة ليست فقط مجرد تنظير عفن، ولكن أيضا تنظيم آسن.
أيضا منهم من تجرأ وطالب الحكومة السعودية بدعم التنظيمات الإرهابية من أجل الوقوف ضد الشيعة، أو من سماهم بالمجوس، كون الإرهابيين خوارج، أي إخوان لنا بغوا علينا! والمجوس أعداء لنا، هذا مع كون الإرهاب يضرب داخل عاصمتنا، وقواتنا تخوض حربا طاحنة ضد أعداء اليمن من داخل اليمن وخارجه. وهل هنالك أكبر خدمة يسديها منظرو وشبيحة التنظيمات الإرهابية لأعدائنا في اليمن، أكثر من ذلك؟ أي أن يقوموا بما لم يستطع الأعداء القيام به.
إنهم الطابور الخامس، فكل حرب وطنية، يخرج من رحمها طابور خامس لينفذ أجنداته الخاصة به، التي تخدم العدو، ولو غلفها بغلاف وطني. في حرب الحوثيين الأولى ضد المملكة أطل هذا الطابور برأسه علينا لدرجة أن جيشنا المجاهد أصدر بيانا يؤكد أنه جيش جميع الطوائف في السعودية، ويدافع عن جميع الطوائف والفئات في السعودية. أي قام الطابور الخامس بإرغام الجيش على أن يقول ما هو معلوم منه بالضرورة والتاريخ، فقط من أجل تفويت الفرصة على طابور الإرهاب الثاني وهم القواعد من منظريه ومفتيه وشبيحته. إن الطابور الثاني من منظري التنظيمات الإرهابية يختفون في أوقات السلم كما الأفاعي تحت الرماد، وعند أول بادرة حرب تخرج رؤوسهم من تحت الرماد لتنفث سمومها باسم الوطنية والحرص على أمن البلاد لتلوث أجواء التكاتف والتلاحم الوطني، ظنا منهم أنها ستتولى قيادة المجتمع والدفاع عنه.
إن الطابور الثاني للتنظيمات الإرهابية من القواعد مثل البوم، لا يحطون وينعقون إلا في الخرائب وخلال عتمة الليل. ولا يحدث ذلك، كما يفهمون، إلا في زمن الحروب والفوضى. وما حدث ويحدث في ليبيا واليمن وسورية والعراق خير دليل على ذلك، إنهم يسرقون أحلام الشعوب ويحولونها إلى كوابيس مرعبة. إنهم شبيحة التنظيمات الإرهابية، وطابورها الثاني الذي لا يخلو في أي بلد وجدوا فيه من دعم خارجي سخي لهم من أعداء البلد الذي ينتمون إليه. إنهم أعداء للإنسانية قبل أن يكونوا أعداء لهذا المذهب أو ذاك الدين. أعداء لكل الأديان والمذاهب، حيث شوهوا الإسلام بهمجيتهم ووحشيتهم التي لم نعرف مثيلا لها في التاريخ، ناهيك عن أن تتحدث باسم الإسلام وفي بداية القرن الواحد والعشرين.
حماية أي جبهة داخلية خلال الحروب لا تقل أهمية عن حماية الجبهة الأمامية، إن لم تكن أكثر أهمية منها. إن دساتير كثير من الدول -وحتى المتحضرة منها- تؤكد على شرعية تطبيق الأحكام العرفية عندما تدخل البلاد في حرب خارجية أو حتى فوضى داخلية. وهذا من أجل حماية أمن وسلامة الجبهة الداخلية للوطن وحمايتها من الاختراقات الخارجية المعادية، والعبث فيها، وتأمين استقرارها لتقوم بدعم الجبهة الأمامية ومساندتها.
إن أكبر ثغرة يدخل علينا منها الأعداء هي الطائفية التي تم تجريبها في كثير من الدول العربية وأثبتت نجاحا منقطع النظير في تخريب وتدمير المجتمعات، مثل ما حدث ويحدث في العراق وسورية واليمن. إن شبيحة التنظيمات الإرهابية يتربصون بنا، وطابورها الثاني يعد العدة لينفث سمومه في مجتمعنا، بعد أن أظهر رأسه من تحت الرماد ليشعل سعار حرب طائفية لا تبقي ولا تذر.
يروج لحربنا العادلة والشرعية ضد العابثين بأهلنا ومقدراتهم في اليمن ومن يهددون حدودنا الجنوبية الأمنة، على أنها حرب مذهبية يجب إضرام نيرانها، وحتى تعميمها على بقاع أخرى من العالم العربي.
شكرا لخادم الحرمين الشريفين على حزمه وحسمه، ودفع الأخطار عن بلدنا الأمين. وشكراً لشيخنا الفاضل سماحة الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد لتعليقه الجرس من أطهر محراب على وجه الأرض. شكرا لقوات أمننا البواسل، الذين حمونا بعد الله من شر الدواعش وشبيحتهم. شكرا لقواتنا المسلحة، بجميع فروعها، التي تجاهد بكل بسالة للدفاع عن أمن وسلامة الوطن.
&