قتل المصلين.. الإرهاب في أبشع صوره
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حسن بن سالم
تفجير المساجد وقتل المصلين فيها جريمة كبرى لا يقترفها من كان في قلبه ذرة من الإنسانية، وما حصل في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بلدة القديح بمحافظة القطيف، هو فعل جبان وجريمة نكراء، تدل على خسة ودناءة من يقفون خلفها.
&
المصلون الذين استشهدوا في هذه العملية الإرهابية كانوا يؤدون صلاتهم ويتعبدون ويدعون ربهم، لكنهم، وهم في أثناء صلاتهم، وفي غمضة عين، تحولت الأجساد والأكف التي تدعو ربها، إلى أشلاء متناثرة في كل مكان، وغطت الدماء كل شيء، وأظهرت اللقطات التي تم بثها للحادثة مدى بشاعة ما اقترفه المجرمون، ومدى الرعب والهلع الذي أصاب المصلين الآمنين، فضلاً عن انتهاك وتدمير محتويات بيوت الله.
&
هذه الجريمة الإرهابية التي نتج منها استشهاد 21 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 100 مواطن من المصلين، كان يهدف تنظيم داعش الوحشي من خلالها إلى ضرب وحدة المجتمع السعودي، وزعزعة أمنه استقراره، ودق إسفين الطائفية بين مكونات المجتمع السعودي الواحد، والتي أثبت أفراده في هذه الحادثة مدى وعيه الكبير بتماسك مكوناته كافة، والوقوف صفاً واحداً تجاه كل من يريد النيل من وحدة وطنه وأمنه واستقراره ومكتسباته ومقدراته، وعدم الانزلاق في كل ما يثير الفتنة والاختلاف. لقد حاول تنظيم داعش ومنذ تمدده استهداف المملكة واستقرارها وضرب أمنها؛ لمدى حجمها وتأثيرها في خريطة العالم الإسلامي، وللجهد والدور الفكري والعسكري الكبير الذي تقوم به المملكة مع بقية أصدقائها من الدول في محاربة إرهاب هذا التظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية، ولكن معظم محاولاته قد باءت بالفشل، بفضل يقظة وجهود السلطات الأمنية في ملاحقة ومتابعة المؤيدين والمتعاطفين لهذا التنظيم الإجرامي.
&
في شهر أيار (مايو) 2014 تمكنت الأجهزة الأمنية السعودية من تفكيك أول تنظيم إرهابي في السعودية مرتبط بـ&"داعش&"، وإلقاء القبض على 62 متورطاً معظمهم سعوديون، كانوا قد بايعوا أميراً لهم، وباشروا في بناء مكونات التنظيم ووسائل دعمه والتخطيط لعمليات إجرامية، وفي شهر أيلول (سبتمبر) من العام نفسه أعلنت السلطات الأمنية السعودية ضبط 10 خلايا إرهابية تضم ما لا يقل عن 85 سعودياً على تواصل مع &"داعش&" وجماعات إرهابية أخرى، كان أبرزها خلية تمير (شمال العاصمة الرياض)، كانت بعض تلك الخلايا تقدم ما يشبه المساندة الشرعية للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق، وقد طلب منهم التنظيم في الخارج البقاء في السعودية لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، وبعض تلك الخلايا كان ينقصها الدعم الكافي لتنفيذ جرائمها، وبعدها بأيام أعلنت وزارة الداخلية إغلاق ملف جريمة الدالوة الإرهابية بعد إلقاء القبض على جميع المتورطين في الاعتداء الذي نفذه أربعة أشخاص، وبلغ عدد المتورطين ممن لهم ارتباط بهذه الخلية الإجرامية 77، ولكن تنظيم داعش حينما أدرك فشل مشاريعه الإرهابية، لجأ إلى محاولة زعزعة أمن المملكة واستقرارها من خلال التأجيج الطائفي وغرس الفتنة الطائفية ونشرها؛ إذ دعا زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، وبكل صراحة عبر تسجيل صوتي نشرته &"مؤسسة الفرقان&" الذراع الإعلامية التابعة لداعش بعنوان: &"ولو كره الكافرون&"، في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي مؤيديه والمتعاطفين معه، وبشكل غير مسبوق بدعوتهم إلى استهداف المملكة، وشن هجمات ضد أهداف شيعية في السعودية، إذ دعا أنصاره إلى البدء بقتال الشيعة بقوله: &"عليكم أولاً بالرافضة حيث ما وجدتموهم،.. مزقوهم إرباً، ونغِّصوا عليهم&"، ولكن المجتمع السعودي بمختلف أطيافه وقف سداً منيعاً لكل ما يمزق أو يفرق نسيج وحدته الوطنية، وهذه العملية الإجرامية التي ارتُكبت في مسجد ببلدة القديح، ستظل تزيد من التحام السعوديين بعضهم ببعضٍ، إزاء جرائم هذا التنظيم، الذي يسعى بشتى الطرق إلى بث الفوضى.
&
ولقد أكدت السلطات الأمنية في بيانها ما أشرنا إليه في أن التنظيم يستهدف أمن الوطن واستقراره، بلا تفريق بين سني أو شيعي، مواطن أو مقيم، ولا تضع وزناً أو قيمة لأحكام الشرع والدين، إذ إن الخلية التي ينتمي إليها من فجَّر نفسه في مسجد القديح، قد استهدف منتمون إليها مسبقاً وأطلقوا النار على إحدى دوريات أمن المنشآت، ونتج من تلك الحادثة استشهاد الجندي ماجد الغامدي، وقد أقر مرتكبوها بجريمتهم، وبالتمثيل بالجثة وإشعال النار فيها، ومما تجب الإشارة إليه هنا، ونحن في مقابل النجاحات التي تحققت -بفضل الله- على أيدي الجهات الأمنية في محاصرة الإرهاب والحد من العنف على مدى الأعوام الماضية، أنه من المؤسف قوله إن بعض المؤسسات الدينية الرسمية وغيرها لا تزال عاجزة عن مواجهة الإرهاب؛ لجهلها وبُعدها كل البعد عن أسلحته الجديدة، التي ربما لم يسمعوا بها، فضلاً عن استخدامها في مواجهته، وهو ما يجعل معظم جهودها &"التقليدية&" ليس لها أثر يذكر في حماية فكر الشباب من التأثر بما يروجه تنظيم داعش في شبكات التواصل الاجتماعي، ولاسيما أن من بين أفراد هذه الخلية من هم من الأطفال وصغار السن ممن لم تتجاوز أعمارهم 15 عاماً.
&