إسرائيل ليست أرحم من حزب الله

علا عباس

دول الخليج بقيادة السعودية قلبت ظهر المجن على من بغى وتجبر، وأطلقت عواصف التغيير الذي دفع السعوديون ثمنه دما طاهرا، وهكذا انتقلت نيران مدافع الداعمين لنظام الأسد من قصف السوريين الثائرين إلى قصف الخليج

&

لا أفضل من أن يبلوك الله بعدو غبي، فهو يقدم إليك خدمات مجانية، وإن كانت بعض القطاعات الحديثة العهد في السياسة والمعارضة لنظام الأسد قد قدمت إلينا خدمات جليلة نتيجة جهلها، فقد أنعم الله علينا بأغبياء في صفوف الموالين والداعمين للنظام ذاته، وهي نعمة لا يمكن تجاهل فضائلها في ظل امتلاك النظام آلة دعائية ضخمة، خبيثة، تمولها وترسم استراتيجياتها وتخطط لها جهات دولية مثل روسيا وإيران والمافيات السرية في الدول "الصديقة".
وهكذا، وبشبه معجزة ربانية، تمكنت المعارضة السورية الفقيرة من إيصال صوتها المحق إلى العالم وتحقيق بعض المكاسب التي انقلبت إلى خسائر فادحة على الأرض كما على طاولة المفاوضات المفروضة بفعل البروباغاندا "الداعشية" المشغول عليها، ومآثر الابن الغر في البيت الأبيض، وكتائب الدفاع عن علمانية الفقيه وحسينيات نظام الأسد، وأخطاء المعارضة اليتيمة وقليلة الخبرة، كل ذلك قبل أن تقرر دول الخليج العربي بقيادة السعودية أن تقلب ظهر المجن على من بغى وتجبر، وتطلق عواصف التغيير الذي دفع السعوديون ثمنه دما طاهرا سال على الحدود الجنوبية منها، وسال في القطيف قبل أيام. وهكذا انتقلت نيران مدافع الداعمين لنظام الأسد من قصف السوريين الثائرين إلى قصف الخليج، وبشكل رئيسي السعودية.

وبالحديث عن الغباء نشر موقع "عربي" موال لإيران - قناة العالم - قبل أيام خبرا مفاده بأن: "المملكة تلقت عرضا بنقل تقنية "القبة الحديدية" للحفاظ على عمق الأمن الاستراتيجي لمنطقة جازان السعودية المحاذية لليمن"!! ولكن أقول: "من فمك أدينك" ولحسن الحظ أن الموقع المعروف بتمويله من قبل إيران اعترف أن السعودية رفضت العرض بشكل قاطع، هذا إذا افترضنا صحة هذا الخبر المفبرك، ومن المفارقة المهنية والمهينة أن مواقع إسرائيلية عدوة مثل "تايمز إسرائيل" وغيرها أكدت أن الخبر بثته جهة مجهولة، فيما تحدث عنه الموقع "العربي"، وهو يوضح الرؤية لمن تضلله اتهامات "محور المقاومة" الإيراني للسعودية والمتجلية في هلوسات حسن نصر الله الأخيرة.
صحافة إسرائيل التي يزعم "محور الممانعة" معاداتها ويعتبرها أرحم من السعودية تحدثت بكثافة عن ذعر إسرائيل من حصول السعودية على السلاح النووي من باكستان، وخطورة ذلك على أمنها واعتبرته تحولا دراماتيكيا سيغير البيئة الاستراتيجية لإسرائيل للأسوأ، مؤكدة أنها لا تقبل أن تحصل الدول الخليجية على سلاح نوعي يقلص من تفوقها العسكري، فيما، ويا للعار، نددت بتستر إيران وأذنابها بشعارات المقاومة لدعم نظام الأسد ومواصلة ذبح المعارضين السوريين، وهذا التصريح، وللأسف، "فضيحة ما بعدها فضيحة"، فقد تحولت الصواريخ الجاهزة إلى ضرب ما بعد حيفا إلى صدور الشعب السوري الأعزل، وجعلت حتى "إسرائيل" العدو التي يتشدق حسن نصر الله بأنها أرحم من السعودية تشفق علينا نحن السوريين!!
أذكر "المقاومين" باستخدام وسائلهم الدعائية لخبر لجوء بعض عناصر المعارضة المسلحة للتداوي في مشافي إسرائيل والحديث عنه كوصمة عار على جبين المعارضة، وهو حقا وصمة عار لا قبلها ولا بعدها، وصمة عار لن تمحى عن جبين من يدعون العروبة ثم يقاتلون شعبا عربيا ثائرا عرف عبر قرون بقوميته ثم بات يرى في مشافي العدو حضنا أرحم من أحضان بعض اللبنانيين الذين فتح لهم بيوته وصدوره ذات عدوان، هذا التحول الأيديولوجي الخطير والموقت في عقيدة شعب تربى على العروبة هو إثمكم التاريخي يا سيد حسن، وليس إثم المعارضة، فقد قدمتم لإسرائيل ما لم تكن تحلم به يوما، وجعلتم حاخامات تل أبيب يرقصون فرحا على وقع الخدمات الأسطورية التي سطرتم ملاحمها بدماء السوريين.. فأن يقول عجوز عربي فلسطيني سوري عالق في مخيم اليرموك المحاصر من النظام السوري الذي تدعمون "ودونا ع إسرائيل لأنها أرحم منكم" بعد أن أمضى عمره يغازل مفتاح بيته المهجور في يافا، جريمة ينبغي أن تحاسبوا عليها أمام كل الشعوب العربية التي رفضت التخلي عن الأقصى رغم الضغوط.

لولا ما تبقى فينا من عقل وعروبة، نحن السوريين، لتحققت مآربكم، إلا أن من ثار من أجل حريته لا يساوم على قضايا الشعوب العادلة، وعلى رأسها حق الشعب العربي الفلسطيني في استعادة أرضه وتاريخه المنهوب على يد العدو إسرائيل، وأيضا حق الشعوب العربية في أن تنتفض في وجه التمدد الفارسي والتدخل السافر في قضاياها، وليس آخرا حق الخليج العربي أن يعلن ثورته بوجه هذا الظلم الفائق، وأن يحاول استعادة كرامتنا المهدورة على طرقات خيبتنا الموجعة بكم.

إسرائيل ليست أرحم منكم، فما زلنا نؤمن أنها عدوة وما زلنا نؤمن أنكم أشقاء عرب، بقي أن تؤمنوا أنتم أنفسكم بعروبتكم، وأن تستيقظوا من هذه الغفوة الفارسية وتعودوا إلى صفنا الموحد، قبل أن يصيبكم ما أصاب أهل الكهف.. وان تستعيدوا ثقة العربي الجريح بكم كي لا يهرب إلى "إسرائيل" التي يكره خوفا من رصاصكم "العربي" الذي كان يحب.
&