سقوط الرمادي يفضح الحدود التي ترسم سياسة أوباما
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&&الرياض
&
فشلت استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما في منع سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة الرمادي، ورغم ذلك يبدو مترددا في تغيير مسار سياسته وإن كان المتطرفون يتقدمون على أرض المعركة.
ويرى مختصون أن سقوط مدينة الرمادي في يد "داعش" فضح الحدود التي ترسم سياسة أوباما، ما كشف الانقسامات الطائفية داخل المجتمع العراقي التي يستغلها التنظيم المتطرف، كما على إصرار الرئيس الأمريكي على تفادي احتلال عسكري آخر.
وبعد سقوط الرمادي في يد تنظيم داعش، حاول أوباما الدفاع عن مقاربته مصرا على أن كل ما حصل ليس سوى "تراجع تكتيكي".
وفي مقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك"، قال أوباما "لا أعتقد أننا نخسر". وبالنسبة للرئيس الأمريكي فإن السؤال لا يدور حول إمكانية إرسال قوات أمريكية برية بل "كيف نجد حلفاء فاعلين" قادرين على هزم المتطرفين في سورية والعراق. ولكن حتى داخل إدارته، ينظر إلى ما حصل في الرمادي على أنه يضر القوات العراقية من جهة والتحالف العسكري الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية العام الماضي.
والأمر لا يقتصر على العراق. فبعد أيام على سقوط الرمادي، سيطر مقاتلو "داعش" على مدينة تدمر التاريخية في سورية فضلا عن معبر الوليد الاستراتيجي على الحدود العراقية والمعروف بمعبر التنف الاستراتيجي. ويناقض هذا التقدم الميداني ما تتحدث عنه وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" منذ أسابيع بأن تنظيم "داعش" أصبح في موقع "دفاعي". ويبدو أن ذلك أجبر واشنطن على مراجعة سياستها. وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى للصحافيين "إنه مع استمرار تقدم "داعش" ورغم أكثر من أربعة آلاف غارة جوية للتحالف العسكري خلال تسعة أشهر في سورية والعراق، فإن الإدارة الأمريكية تعيد النظر في استراتيجيتها".
وغداة السيطرة على الرمادي، أعلن مسؤولون أمريكيون أن ألفي صاروخ مضاد للمدرعات من طراز "أي تي 4" في طريقها إلى العراق لمساعدة قواته على مواجهة السيارات المفخخة. وتأتي تلك الخطوة في إطار جهود لتعزيز تسليح القوات العراقية والعشائر السنية. ورغم خطوات بهذا الشكل لدعم القتال ضد تنظيم "داعش" لا يزال ينظر إلى استراتيجية أوباما، داخل الولايات المتحدة وخارجها على أنها حذرة جدا.
ويواجه أوباما دعوات متصاعدة لإجراء تعديلات جذرية على الحملة العسكرية التي تعتمد أساسا على غارات أمريكية لدعم القوات المحلية المجهزة أمريكيا أيضا. وحث بعض المشرعين على زيادة كبيرة في عدد القوات الأمريكية، على الأقل عدة آلاف أو أكثر، في حين دعا مسؤولون سابقون رفيعو المستوى إلى استراتيجية دبلوماسية أكثر جرأة. وعلى سبيل المثال دعا السناتور الجمهوري جون ماكين وغيره من الأصوات أوباما إلى نشر عدد أكبر من القوات الخاصة وشن غارات شبيهة بعملية الأسبوع الماضي التي قتلت فيها قوات أمريكية أحد قياديي تنظيم "داعش" في شرق سورية.
وبحسب ماكين فإنه من الممكن نشر نخبة من القوات الخاصة في كافة أنحاء ساحات المعركة للمساعدة على تحديد أهداف الغارات الجوية ودعم القوات العراقية وملاحقة قادة الجهاديين. وقال ماكين "ما نحتاج إليه بشدة هو استراتيجية شاملة، والتطبيق الصارم لزيادة محدودة للقوة العسكرية الأمريكية فضلا عن جهود مشتركة مع الحكومة العراقية لتجنيد وتدريب وتجهيز القوات السنية". وتحث الانتقادات واشنطن على اتباع استراتيجية دبلوماسية أكثر صرامة لمنع مقاتلي التنظيم من استغلال الانقسامات داخل التحالف العسكري ومن نفور السنة في العراق.
ويقول مختصون "إن الولايات المتحدة لا يمكنها بعد اليوم تجاهل الحرب الأهلية في سورية بل عليها أن تتخذ خطوات جريئة بدعم المقاتلين "المعتدلين"، ما من شأنه اقناع الحكومات السنية بالتدخل أكثر في المعركة ضد تنظيم داعش". وفي هذا الصدد يقول ريتشارد هاس الدبلوماسي السابق إن "الفكرة الأساسية تكمن في أن تلك الاستراتيجية لا تعمل ولا يمكنها أن تعمل".
وبحسب هاس مدير معهد "مجلس العلاقات الدولية" فإن التعامل مع العراق كدولة واحدة أمر غير واقعي على اعتبار أنه مقسم بين سنة وشيعة وأكراد. وبالنتيجة، وفق قوله، فإنه على واشنطن فتح قناة عسكرية مباشرة مع القوى المحلية من دون المرور بالحكومة المركزية غير الفعالة في بغداد. وقال هاس لمحطة بلومبرج "إن الوقت حان للاعتراف بأنه لا يمكن توحيد العراق بعد الآن، العراق القديم المتنوع طائفيا قد انتهى".
أما أنطوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فاعتبر أنه حان الوقت لتسمح واشنطن لمستشاريها في العراق الذين لا يزالون بعيدين عن الجبهة، بالاقتراب من القوات المقاتلة. ويجدر على هؤلاء المستشارين المساعدة في التمييز بين القادة العراقيين الجيدين والآخرين السيئين، فضلا عن تسهيل نقل المعلومات الاستخبارية والمساعدة على كسر الحواجز الطائفية التي تضعف القيادة العسكرية العراقية. وبحسب قوله، فإن "هذا قد يعني أن ولاية إدارة أوباما ستنتهي والحرب ستبقى مستمرة. ولكن حان الوقت أن يفهم الطاقم الرئاسي أن خسارة الحروب عبر الإهمال والجمود لا تعتبر سجلا تاريخيا جيدا".
&