جريدة الجرائد

النموذج التركي.. إسلام أم مسلمون؟

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد الرميحي


في حال من السخط العام وحيرة عربية وانسداد أساسًا في الشأن السياسي، بعد عدد من التجارب الفاشلة للحاق بالعصر، ظهرت التجربة التركية مع حزب العدالة والتنمية في العقود الأخيرة في عيون بعض المسلمين على أنها النموذج (الإسلامي) الناجح لإدارة الدولة. اختلط على البعض فكرتان؛ الأولى (إسلامية) والثانية (مسلمة)، وتدفقت المواقف المعلنة من كثير من العرب على أن النموذج التركي في الحكم هو (الإسلام) بعينه. لم يتوقف كثيرون للتفرقة بين الاجتهاد من جماعة سياسية، يمكن أن تصيب أو يمكن أن تخطئ، و(الإسلام كدين). بعد نتائج الانتخابات الأخيرة في تركيا، تبين على أرض الواقع أن التجربة التركية، هي مجرد اجتهاد إنساني مرتكن إلى مفاهيم دينية، وتأكد للجميع أيضا أن قصور حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات، هو قصور إنساني/ سياسي، وليس بالتأكيد قصورا (دينيا) لا سمح الله، وقد يعود في المستقبل فائزا وقد يخسر خسارة الاندحار!
العودة إلى فكرة السياسة والدين في فضائنا العربي والإسلامي اليوم قضية محكمة التعقيد، وهي عودة لمناقشة العلاقة ملزمة، من أجل تفكيكها، لكثرة ما نشاهد من دمج مخل، بين حركات إنسانية/ سياسية مرتكنة إلى الإسلام، والإسلام نفسه، بتعاليمه وتاريخه الفقهي.


هناك الكثير حولنا من يشهر القول: إنه يسعى إلى إقامة (الخلافة)، سواء تلك (الخلافة) من المذهب السني (داعش) أو من المذهب الإثني عشري (الحوثيين)، مع تعدد الاجتهادات في داخل التيارين السابقين في عدد من المجتمعات الإسلامية، التي يحمل بعضها السلاح، وآخرون يحملون الدعوة بالغة الغلو.


القضية ليست جديدة، ولكنها فقط تلبس ملابس جديدة، وتخذ أشكالاً صراعية بعضها دموي، فهي منذ بداية القرن الماضي تجول في الأفق، ولعل فتح النقاش يفرض العودة إلى كتاب، رغم محدودية صفحاته، فإنه أثار ويثير الكثير من الانتباه، وأعني به كتاب الشيخ (الذي نزعت عنه المشيخة بسبب موقفه العقلي) علي عبد الرازق، الصعيدي المصري الأزهري، الذي صدح بقول مخالف سنة 1925، والنقاش على أشده وقتها، فيما إذا كان ضروريًا إحياء الخلافة التي اختفت من إسطنبول قبل ذلك بسنوات قليلة، قال ذلك الشيخ الشجاع: (السياسة دنيوية، يعود للناس اختيار وسائل ومبادئ الحكم الذي يرتضونه) وإن (أدلة من يريد أن يحيي الخلافة أقصر من دعواهم) فهناك فرق بين ولاية الهداية، وولاية تدبير مصالح الناس وعمارة الأرض. وقد أسهب الشيخ في عقلنة التفكير في إدارة الدولة ملاحظا أن السابقين قد خاضوا في أمور كثيرة دقيقة، ولكنهم أهملوا الخوض في إدارة الدولة ليقينهم أنها من الأمور الدنيوية.
نتيجة الانتخابات التركية الأخيرة تعطي دليلاً آخر على حصافة رأي ذلك الرجل الأزهري، أن السياسة هي اجتهاد إنساني. أما الأدلة الأخرى فهي الصراع الذي تفجر في تركيا من جانبين على الأقل في نفس التجربة؛ الأول بين رئيس حركة (خدمة) ومناصريه، محمد فتح الله غولن (أو كولن)، الذي بدأ بالدعوة الناعمة للحوار والتفاهم ومن ثم أسس إحدى أكبر الشبكات المعروفة للمدارس الدينية الحديثة، مع عدد من المؤسسات الأخرى في الإعلام والاتصال، وفي كثير من الأدبيات يعتبر هو (أستاذ) السيد رجب طيب إردوغان، وساعدت دعوته (الاعتدالية) في صعود حزب العدالة والتنمية سياسيًا في السنوات الأولى، إلا أن ذلك التحالف سرعان ما انفرط، كما يحدث في السياسة، وتحول إلى عداء مستحكم بين تيار (الأستاذ) وتيار (التلميذ) بالقطع ليس لأسباب إسلامية، وهو عطب يجب أن يُعزى إلى اجتهاد إنساني، وليس إلى قصور (إسلامي). الجانب الثاني هو الأقل ظهورًا في اختلاف الشريكين، إردوغان وعبد الله غل (الذي ترك الرئاسة مؤخرًا) وكان الاثنان (صنوين) في العمل، وقد تبين الآن مجالات الاختلاف بصدور كتاب مستشار عبد الله غل، أحمد سفر، المستشار الصحافي السابق لعبد الله غل (أشار إلى الكتاب الزميل الكبير جهاد الزين في نهار الاثنين الماضي) فقد كان عبد الله غل خلال رئاسته للدولة التركية على خلاف مع رفيق دربه السابق إردوغان في عدد من الملفات، وكان الخلاف يأخذ زاوية منفرجة، كلما طال زمن الرفقة، ظهر التباين أكبر، حتى الافتراق، وهو أمر لم يكن خافيًا على المراقبين، فقد كان لكاتب هذه السطور لقاء قبل عام تقريبًا مع السيد عبد الله غل، الذي كان رأيه غير موارب، ومختلفًا في عدد من الملفات خاصة العربية/ التركية عن رأي السيد إردوغان. ما أرغب في الإشارة إليه أن الخلاف والاتفاق في السياسة يجب ألا يُعزى أو يرتكن إلى الإسلام، هو براء مما يدعون، فالخلاف أو الاتفاق في هذا المجال هو إنساني واجتهادي بحت، وما يرغب أن يروجه البعض للتسلق إلى السلطة والتحكم في الناس باسم الإسلام باطل بطلان من يقيم الصلاة وهو جُنب!
الحركات المدعية للإسلام في فضائنا العربي والإسلامي هي حركات ترنو إلى السلطة، وترى أن هناك جمهورًا يمكن أن تحمله تحت تلك العباءة إلى تأييدها ومناصرتها، هو في حقيقة الأمر (سرقة الإسلام) لتوظيفه للمصالح السياسية معظمها مصلحي ضيق..
في هذه المناقشة يجب ألا يفهم مصادرة الاجتهادات المختلفة، فالتجربة التركية (الاعتدالية) في بدايتها حققت، نتيجة الاستفادة من تجارب سابقة فاشلة كتجربة نجم الدين أربكان، ومن نظرة حديثة لآليات العمل الاقتصادي، نجاحًا مشهودًا، لا مناص من القول: إن الاقتصاد التركي قد خطا خطوات عملاقة في العشريتين السابقتين التي شهدتا حكم العدالة والتنمية، إلا أنه كأي حزب في السلطة، تعتوره الشيخوخة والهزال في وقت ما، أو يركب بعض زعمائه الكبر، فيتحولون من قادة إلى أوصياء، فتسبقه المطالب الشعبية، دون آلية يملكها لمسايرة التطور فيتعثر، إلا أنه من جديد ليس عثرة (إسلامية)!
ربط العلاقة بين السياسي والديني هو السائد اليوم، وهو عمل يسبب الكثير من المشكلات للناس وللعلاقات الدولية، نجده صارخا في الحركات دون الدولة كمثل &"داعش&" والنصرة وحزب الله وأنصار الله، كلها تدعي وصلا بالدين، كما نجدها في دول مثل السودان أو إيران تدعي الوصل نفسه. خطورة هذا الادعاء ربط المنتج السياسي الذي هو في الغالب فاشل، بالإسلام العظيم، فتتكون صورة ذهنية يروج لها عند المجتمعات العالمية على أنها (دين الإسلام) وليس (أخطاء بشر صدف كونهم مسلمين) أو تدثروا بدثار الدين!
آخر الكلام:
قصور النظام الدولي في حل المشكلات العالمية ظاهرة تنبئ عن انقسام حاد، فبدلاً من التوافق لحل الصراع، يُبدل المجتمع الدولي الوسطاء؛ ثلاثة في سوريا، واثنان حتى الآن في اليمن، ومثلهم في ليبيا! لا مناص من كتلة إقليمية عربية تدافع عن مصالحها في هذه الأجواء شديدة الاضطراب.

&


&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إذا ظهر السبب بطل العجب
سرجون البابلي -

أستاذ الرميحي هناك ثلاثة نقاط في مقالتك يجب التنويه إلى الخطاء فيها،أولا أردوغان لم يقد تركيا إلى النجاح الاقتصادي بسبب عبقرية أو توجهه الديني فهو من استلم خطة التغير السياسي والاقتصادي من الشقيقة الكبرى ألمانيا التي ساعدته للتخلص من سيطرة الجيش وملات خزائنه بأموال أوربية ومن بيع القطاع العام .ثانيا تحول التحالف الاردغاني مع غول إلى عداوة مستفحلة بهما فهو سبب الصراع بين الرأسمال الألماني والأمريكي على السوق والسياسة التركية وهذان الاثنان ما هما إلا اداتان في هذا الصراع .أما النقطة الثالثة هي كارثة الأسلام والمسلمين إلا وهي خلط الدين والسياسة ، ولن يتغير وضع ما يسمى بالعالم الإسلامي اذا لم يفصلوا بين هذا الدين والسياسة ، فالصراع على السلطة نشاء مع نشوء الإسلام لأن ما انشاء محمد لم يكن دينا بل دولة تقاتل من بعده أصحابه عليها ، الاسلام كدين لم ينشأ إلا في العصر الأموي المتأخر .

Turkey is number 1
صومالية مترصدة وبفخر-USA -

Don''t mix faith with politics there is no such thing as Turkish Islam there are Muslim Turks OK their system is very sophisticated and very modern than in any Muslim country you will not find but in the far Muslim east you might see similar success stories and Turkey is not going through an economic success because of Germany that is one stupid idea why??? if Germany has that kind of influence why not give it to Greece while it is struggling and most likely will get out of the EU or the whole system will collapse so Turkey is not Islam but it has majority Muslims and it succeeded so well no matter what the haters say Good Job Turkey more success and forward

Wife road to regression
Salman Haj -

The two previous posters expressed my thoughts on the subject.... .. FIRST - Turkish economic progress the last 10 to 15 years was massive Western and especially EUROPEAN investments to build up Turkey economically after having built it up agriculturally with massive dams for irrigation and electricity production to to avoid a biblical proportion flood of destitute turkish legal, and illegal immigrants and asylum seekers. . ... It was fear of Europeans. .. Investments continued as long as he played or pretended to play by the rules of advanced civilized nations. When he outgrew his britches and started using ISLAM to further his unholy ambitions the investments started drying. The economic growth slowed from about 8% per year to about 2 to 3% per year. ... Unemployment rose.... Turkish lira dropped in value... .. The arrogant lost elections... SECOND- Any is guided leadership that are religiously fanatics and insist that all aspects of life in a nation be guided by religious principles pave the way for a certain regression of that nation.. .. People are better served when religion nd Seculsr matters do not infringe or try to dominate each other... ... ... Christ was right, still right when he said in an answer to a question GIVE TO CAESER WHAT IS CAESERS AND GIVE TO GOD WHAT IS BODS. .. ... Religion is in the realm of supernatural, ethics and morals. ... Secular matters are about human affairs in the here and now and these are forever changing.... ... DONT KILL, DONT STEAL these are un changeable ethical values. How the economy is run, how the government is run, how education is run, how food is prepared are changeable human affairs. Regards