دولة البغدادي أعظم من دولة بن لادن!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد الرحمن الراشد
الصورة الذهنية السابقة عن الجماعات الإرهابية أنها مجاميع من الشباب المتطرفين، من طويلي الشعر واللحى الكثة، ينفذون عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات، بهدف التخريب وإسقاط الأنظمة.. المظاهر والأفعال نفسها التي نراها اليوم، لكن، ومع هذا، &"داعش&" ليس &"القاعدة&".. تنظيم فوضوي بأسلحة وأشرطة تلفزيونية.
&"داعش&" يملك مقومات الدولة؛ الثروة، والقوة، والسكان، والأرض.. عنده آبار بترول، ومصافٍ، وشاحنات نقل لتهريبه، وشبكة من السماسرة يقومون له بترتيب البيع والمقايضة. عنده هامش للمناورة.. يتعاطى مع أعدائه فيبيع الغاز والنفط لبعض المراكز الحكومية في سوريا لتشغيل محطات الكهرباء. ولديه من هو مكلف بجباية الأموال من قطع الطرق، وتحصيل رسوم على الشاحنات العابرة، وفرض الضرائب والمكوس على الأهالي. وقامت &"دولة داعش&" باعتماد مجالس بلدية في المدن والبلدات التي احتلتها، تقوم بإدارة شؤون مناطقها، ولها محاكمها، وشرطتها.. وتحاول السيطرة على الاتصالات الهاتفية المحلية، والتحكم في توزيع الإنترنت. وفي مناطقها؛ الشوارع مضاءة، والماء يجري يوميا في البيوت.. الحياة كأنها عادية، وبالطبع لهذه الدولة الإرهابية، قيادتها وعلمها، وأجهزة دعايتها.
تذبح بوحشية لإخضاع السكان، وزرع الخوف. وفي بعض المناحي التي تهمها، مثل جمع الأموال، تبدو برغماتية. وقد سألت أحد المسؤولين المصرفيين العرب عندما التقينا في المنتدى الاقتصادي الأخير في البحر الميت، عن فرع بنكهم في مدينة الموصل العراقية التي يحتلها &"داعش&".. روى كيف أن البنك يفتح أبوابه كل يوم في أوقاته المعتادة تقريبا، التنظيم لم يغلقه بخلاف المتوقع. ومع أن نشاطات البنك انخفضت كثيرا، إلا أن الموظفين يذهبون إلى هناك كل صباح! أي إن &"داعش&" لم يغلق المصارف رغم أنه يعدها ربوية محرمة. وتحت حكم &"دولة داعش العراقية&" أكثر من أربعين مدينة وبلدة، أكبرها الموصل، ثاني مدن العراق، والرمادي عاصمة محافظة الأنبار. ولا تبعد ميليشياتهم عن العاصمة العراقية بأكثر من ثمانين كيلومترا فقط. ولها حدود تحاذي السعودية والأردن، وتمتد سلطتها إلى شرق وشمال ووسط سوريا. وتحت سيطرة &"داعش&" ثلاثة سدود مائية، وقد قام بحرف مياه النهر لحرمان خصومه منها.
ولو أن &"داعش&" قرر أن يبقي مكانه ولا يتمدد، ولا يخسر معاركه الدفاعية المقبلة، فقد يستطيع خلال عامين، أو أكثر قليلاً، أن يكوّن علاقات مع بعض دول العالم، لأنه سيصبح أمرًا واقعًا!
هذا التطور في تفكير الجماعات الإرهابية يجعلها أخطر مما ألفناه في التنظيم الأب؛ &"القاعدة&". هذاك كان مشروعه إشاعة التطرّف الديني، ومحاولة إسقاط الأنظمة الأعداء له، بزعامة الراحل أسامة بن لادن، لكنه كان بلا خطة لليوم التالي. أما &"داعش&" فهو نموذج متقدم وأكثر خطورة.. تتضح مع الوقت معالم مشروع دولة حقيقية، فهو عن تخطيط يستهدف المناطق المضطربة.. يستولي على الأرض، ويؤسس وجوده عليها، ثم يتمدد، كما يعلم شعار دولته اليوم: &"باقية وتتمدد&".
ويبدو أنه يقرأ فكر خصومه جيدًا؛ في سوريا والعراق والغرب، ويفهمهم أفضل مما هم يفهمونه؛ فهو يستفيد من التحريض الطائفي الذي تمارسه القوى السياسية الشيعية العراقية والإيرانية، ويستغله لتجنيد أبناء السنة في المناطق التي يحتلها. ممارسات الحشد الشعبي الطائفية تمنح &"داعش&" حاجاته.. يقدم نفسه دولةَ من يشعرون بأنهم بلا دولة، وسيدافعون عنها بقناعة واستبسال. ويبدو أن التنظيم يفكر بعقله أكثر من سلاحه؛ يرصد ما يصدر عن الحكومات التي تعاديه، وخصوصا الولايات المتحدة. حتى الآن لم يستفزها بأعمال عدائية خارجية كبيرة تضطر الحكومة الأميركية إلى تكرار ما فعلته بأفغانستان ردًا على هجمات &"القاعدة&" على مدينتي نيويورك وواشنطن عام 2001. استراتيجية &"حكومة&" أبو بكر البغدادي تبدو أكثر تركيزًا من قيادة بن لادن حينذاك، فالبغدادي يستهدف الدول الساقطة، أو التي تعاني من فراغ سياسي، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، والسيطرة فقط على المناطق الملائمة له طائفيا.. يخضع سكانها بالقوة، ويستولي على مواردها المالية، ويكلف بعض أهلها بإدارة شؤونها المحلية، وبعد أن يستولي على أسلحتها وأراضيها، ينتقل إلى ما وراءها، في عمليات عسكرية مدروسة.
و&"داعش&"، دولة غنية. مؤسسة &"راند&" تقدر أن مداخيل التنظيم العام الماضي من البترول العراقي بلغت مائة مليون دولار، ومداخيله من الابتزاز والرسوم ستمائة مليون دولار، والأموال التي نهبها من البنوك بلغت ستمائة مليون دولار. ولو افترضنا أن فيها مبالغة، فمن المؤكد أن &"دولة البغدادي&" أغنى وأخطر بكثير من &"دولة بن لادن&".. لديها نفط، وبنوك، ومخازن أسلحة هائلة، وفي صفوفها يقاتل شباب محلي غاضب، مع شباب جاء من وراء الحدود يريد الذهاب إلى الجنة الموعودة. سيكون من الصعب تحدي &"داعش&" دون مشاركة كل دول المنطقة، بما فيها الحكومات الأعداء، مع التحالف الدولي القائم حاليا. وهذه مهمة صعبة جدًا ما دامت الإدارة الأميركية عاجزة عن إدارة توجهات بغداد، ولجم إيران. ودون تجريم للجرائم الطائفية على الجانبين، فلن يقوم تحالف. ويزيده تعقيدًا الاشتباك الخليجي - الإيراني، في سوريا واليمن. مع الخلافات الإقليمية والعجز الأميركي، ستزدهر &"دولة داعش&"، ولن يكون سهلاً دحرها لاحقا.
التعليقات
ورائها دول واموال ودعم
علي البصري -من غير الممكن ان تنشا دولة بهذا الحجم لولا ضوء اخضر امريكا واسرائيليا واقليميا الادوار واضحة والاهداف جلية لتغيير خرائط الشرق الاوسط وشرذمة الدول والهدف الاول والاساسي اشاعة الصراع الطائفي ومحاربة ايران ..داعش وجه الصراع بالوكالة وتحقيق الاهداف وبها ننتقم ومنها ننتقم وكلام دين واسلام هذه اضحوكة لم تعد تنطلي على احد والان يجري تصدير داعش لليمن لتفجير مساجد الحوثين والقتال مع التحالف وجرى تصديرها الى ليبيا لتجزئة هذه الدول الى دول والقادم اعظم لكن الشر سياكل نفسه لامحالة.
الراشد ووجه داعش الإنساني
محمد توفيق -ما يحيرني حقاً هو كيفية تقييم أفكار ومنطلقات عبد الرحمن الراشد. فهو قد دأب من خلال مقالاته على صب جام غضبه على نظام الأسد وإيران اللذان حسب رايه معاديان للديمقراطية ولحقوق الإنسان إذن فهو ديمقراطي ليبرالي يعادي كل اشكال الحكم الشمولي المعادي لحقوق الإنسان. لكن الراشد صدمنا اليوم بمقالته المدافعة عن وجه " داعش" الإنساني ، ونموذج الدولة التي اقامها، وكأنه يسوقها لنا كحقيقة ينبغي علينا أن نتقبلها كواقع حال، ويمكن للمرء أن يتخيل مدى السعادة والسرور لدى قادة داعش لأن تحظى بمديح شخصية مرموقة كالراشد . هل انت في عقلك ياعبد الرحمن ؟ كيف تدافع وتبيض وجه دولة قتلة ارتاحت لها اسرائيل ؟ كيف سوغت لك نفسك أن تنسى معاملة داعش للنساء الأيزيديات والمسيحيات في الموصل ومعاملتهن كسبايا حرب باعوهن في سوق النخاسة بأربعمائة دولار أو أقل للأنثى الواحدة ؟، يامن بح صوتك في الدفاع عن حرائر الشام ؟
رد على تعلي محمد توفي
shehrzad -بالله عليك كيف توصل فهمك الى ان الراشد يدافع عن الدوله الاسلاميه ؟؟وفي كل فصل من فصول المقال يؤشر الى جرائمهم ووحشيتهم على حد قوله.وكفى تطبيلا ومزاودة عن ادعاء بيع الازيديات ولماذا هذا التهويل ومن قبلهن الم تنتهك حرمات النساء في العراق والشام من قِبَل حكومات اكثر اجراماً من داعش ولم نسمع لكم صوتاً ولو همساً دفاعاً عنهن يامدعي الانسانيه والليبراليه.
إلى المعلقين الأول والثان
ن ف -المعلق الأول لا يختلف عن بقية القطيع إذ هم جميعاً يؤمنون بنظرية المؤآمرة، أما المعلق الثاني فهو لا يجيد القراءة.. ومن لا يجيد القراءة لا يجيد الفهم. ومن لا يجيد الفهم فأحكامه غالباُ ما تكون قاتلة.