حكومة العراق غير شاملة التمثيل!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
لم يعلِّق المسؤول الرفيع جداً نفسه في "إدارة" مهمة داخل الإدارة الأميركية يتابع الشرق الأوسط بكل قضاياه على وصفي بدقة للوضع في إيران، بل وجه إليّ سؤالاً هو: "ما رأيك في العراق وفي المرجع الديني الشيعي الأبرز السيستاني وفي الجيش العراقي؟ ما حصل في تكريت مهم وكان استعادتها من "داعش". لكن الكلام عن مذابح ارتكبت فيها وقبلها في آمرلي من قبل الميليشيات الشيعية مُقلق. ما رأيك أيضاً في إيران وقاسم سليماني (ممثلها في العراق)؟ أجبتُ: في النجف كما تعرف أربعة مراجع. السيستاني واحد منهم وهو الأول بين متساوين. صحته جيدة ولا يبدو طاعناً كثيراً في السن. لكنه ليس شاباً طبعاً. هو هادىء ومتّزن ومعتدل وعراقي رغم أصوله الإيرانية وذكي. لذلك لا بد من الإستمرار في دعمه في رأيي، علماً أنه مثل سائر العراقيين الشيعة صاروا منذ عهد الراحل صدام حسين، والتطورات التي أعقبت سقوطه ونظامه ورحيله عن هذه الدنيا يعتبرون إيران عمقاً استراتيجياً للعراق أو لشيعته ولكن من دون الإعلان عن ذلك. والسبب استقبالها إياهم أيام الاضطهاد وتدريبها إياهم وتمويلها ميليشياتهم التي كانت تقاتل صدام.
طبعاً تعرضوا في إيران إلى "البهدلة" وأحياناً إلى الذل. لكنها في المحصلة وقفت معهم ومكّنتهم من النجاح. لذلك لا يطلب أحد منهم أن يطعنوا إيران في الظهر وخصوصاً بعد تنامي المذهبية في العالم الإسلامي بل بعد اندلاع الصراع المذهبي بين سنّته وشيعته. وشيعة العراق يخشون حقيقة السعودية التي قاطعتهم طويلاً. لكنهم يخشون تركيا أكثر منها. طبعاً إيران شاطرة وتقول إنها تحارب الإرهاب نيابة عنكم، وتطلب في الوقت نفسه عونكم الذي لولاه (الطيران الحربي للتحالف الدولي ضد الإرهاب) ما استطاع الجيش العراقي تحرير تكريت. والإيرانيون يعطون انطباعاً أنكم تحتاجون إليهم في العراق وخارجه، وتالياً إلى الإتفاق معهم، علماً أنهم عملياً في حاجة إليه مثلكم أو ربما أكثر قليلاً. ذلك أنهم أصبحوا في موقع الدفاع بعد بدء ثورة سوريا التي تحوّلت حرباً مذهبية وإرهابية. إذ خسروا معظم ورقة سوريا وورقة فلسطين ونصف ورقة لبنان وثلثي ورقة العراق. وفي اليمن تورّطوا مثل السعودية. والاثنتان في تقديري لن تتواجها عسكرياً مباشرة بل بواسطة الشعب اليمني المنقسم مذهبياً وقبلياً وسياسياً والداخل آتون الحرب الأهلية بكل "فخر واعتزاز". الوضع في اليمن لا بد من احتوائه وإدارة حربه وإن من دون القدرة الإسلامية أو العربية أو الدولية على إنهائه. لنعد إلى العراق، ما تنفّذه الميليشيات الشيعية في المدن والقرى السنّية يقلق السنّة فيه. وما حقّقه "داعش" من نجاح في الموصل بعد انهيار الجيش العراقي أرعب حكومة العراق ومرجعيته الشيعية فصدرت الفتوى بـ"الجهاد".
في اي حال يتصرف الأميركيون أحياناً في الشرق الأوسط انطلاقاً من اقتناع بأن معاييره مثل معاييرها وكذلك تفكيره ومنطلقاته. وذلك غير صحيح. تدعون إلى حكومة شاملة التمثيل (Inclusive) في العراق. أين هي هذه الحكومة؟ وتقولون إن حيدر العبادي رئيس الحكومة نزيه وصادق. ذلك صحيح، لكن إيران لم تكن تريده في هذا الموقع لأن لا سيطرة لها عليه. كانت تريد بقاء المالكي. المرجعية الشيعية في النجف حالت دون ذلك. إلا أن فشل إيران هذا كان شكلياً إذ إن شيعة الحكومة باستثناء رئيسها مع إيران. ومن الأمثلة على ذلك مشروع قانون الحرس الوطني الذي أقره مجلس الوزراء بصيغة وافقت عليها مكوّنات العراق كلها والذي وصل إلى مجلس النواب بصيغة معدّلة لا ترضي السنّة بل أغضبتهم. وحتى الآن لم تُحلّ هذه المسألة. سألتني عن قاسم سليماني. أنا لا أعرف الكثير عنه سوى أنه مسؤول في العراق وعنه بالوكالة عن إيران وذلك يرتّب عليه مسؤولية ما عن سقوط الموصل وغيرها في يد "داعش".
"ماذا عن لبنان الذي قد أزوره"؟ سأل: "أجبتُ: لبنان دولة غير مستقرة، لكن أوضاعه معقولة إذا ما قورنت بأوضاع المحيط. يجب المحافظة على هذا الوضع كما هو لأن تحسينه مستحيل الآن. وذلك ممكن بانتخاب رئيس للجمهورية. ربما عليكم أن تُدخلوا عُمان لإقناع السعودية وإيران بالتفاهم على تسهيل هذا الأمر باعتبارهما الناخبين الاساسيين. وأنهى المسؤول الرفيع جداً نفسه "الحوار" بأسئلة عن الجيش ونظرة اللبنانيين إليه وعن الأخطار التي تهدِّد لبنان اليوم.
ماذا في جعبة مسؤول في "إدارة" مهمة داخل الإدارة الأميركية تحارب الإرهاب بوسائل غير عسكرية؟