جريدة الجرائد

تتويج الصداقة الأميركية الإيرانية بالنووي

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أحمد الغز

جيفري فيلتمان كان وراء تعيين الموفدين الدوليين إلى المنطقة، من طارق متري إلى الأخضر الإبراهيمي ثم جمال بن عمر وولد إسماعيل. وكان المطلوب من هؤلاء إدارة الأزمات وليس حلها لمصلحة التفاوض مع إيران

&


سيشهد العالم توقيع الاتفاق بين المجتمع الدولي وإيران حول ما سُمِّيَ حتى الآن بالملف النووي الإيراني. وهو في الحقيقة قصّة طويلة من الصداقة والتعاون بين إيران وأميركا منذ سنوات طوال، تعود إلى أيام حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران وما عُرف "بإيران غايت"، ثم حرب الخليج الثانية بعد احتلال الكويت بقيادة بوش الأب، إلى قدوم المحافظين الجدد واحتلال أفغانستان والعراق بالتكامل والتضامن بين إيران وأميركا. أما في أفغانستان فقد ادعت إيران أن تحالفها جاء لأسباب إنسانية، وأما في العراق فقد كان الأمر مختلفا، إذ إن من كان مع الولايات المتحدة الأميركية في حربها على أفغانستان لم يكن معها في احتلالها للعراق، خصوصا أن مجلس الأمن اتخذ قرارا بأكثرية الأصوات ضد الهجوم على العراق، واعتبر أن الأسباب غير كافية وغير مقنعة.. ولذلك كان احتلال العراق من قبل تحالف أميركي - بريطاني - إيراني بشكل أساسيّ.


لا يجب أن تأخذنا الحملة الأميركية - الإيرانية الترويجية للاتفاق ومعهم وسائل الإعلام الدولية التي تعمل لدى شركات العلاقات العامة والتسويق، والتي ستأخذ الملايين لتسويق الاتفاق على أنه قضية بذاته، في حين أننا نحن الذين ندفع الثمن الأكبر لتلك الفوضى والتعثر الأميركي - الإيراني في العراق وما نتج عنه من تداعيات كبيرة على كل المستويات، الاقتصادية والإنسانية، مع الفوضى الخلاقة التي بدأت بتفكيك الدولة العراقية وجيشها وإداراتها، وكانت نتيجتها أربعة آلاف وأربعمئة قتيل من الجيش الأميركي، عدا ما شهده ولا يزال الشعب العراقي من مآس وويلات.


إن العالم قبل احتلال العراق هو غير ما بعده على مستوى دول المنطقة ودول العالم، لما يتمتع به العراق من ثروة بشرية ومادية وموقع استراتيجي. وقد كان يسمّى "البافارزون" العازل بين العرب والفرس والعرب والأتراك، كما أن التوازن بين العراق وسورية أمّن استقرار الدولتين رغم العداء التاريخي بين البعثين الحاكمين بالأقلية العراقية والأقلية السورية لكلا البلدين. ولا نغالي إذا اعتبرنا احتلال العراق أكبر بكثير من احتلال فلسطين، وأن تداعياته على المجتمعات العربية كارثية وأضعاف أضعاف القضية الفلسطينية.


اعتقدت أميركا وإيران منذ البداية أنهما حققا نصرا كبيرا على المنطقة، إيران لأسباب عرقية ومذهبية وأيديولوجية، وأميركا لأنها كانت تريد عبر المحافظين الجدد أن تكرس عالم الأحادية الأميركية كخيار للعالم بعد الحرب الباردة، مع التنكر الواضح لحلفائها في محاربة الشيوعية من الدول الإسلامية أو الكنيسة الكاثوليكية بقيادة البابا البولوني يوحنا بولس الثاني الذي حرك الاعتراضات في ميناء غدانسك البولوني الذي كان الخطوة الأولى نحو سقوط جدار برلين والاتحاد السوفياتي، وقد كانت روسيا الخاسر الأكبر بهزيمة صدام ومعها الفرنسيون.


تعاملت أميركا بعد سنوات قليلة من احتلال العراق بما هو مأزق لا بد من الخروج منه. فكانت لجنة بيكر-هاملتون التي أوصت في عام ٢٠٠٧ بالخروج من العراق، مما جعل الإيراني يعتقد أنه مع الخروج الأميركي من العراق سيكون قد تمدد من طهران إلى لبنان عبر العراق وسورية دون توقف، فيحقق حلمه الإمبراطوري القديم الجديد. قامت لجنة بيكر- هاملتون بإقصاء كل رموز المحافظين الجدد من الإدارة الأميركية، من بولتن وولفوفيتز ورامسفيلد وغيرهم، وذلك في منتصف ولاية بوش الابن الثانية، وبقي منهم فرد واحد هو جفري فيلتمان الذي كان في عام ٢٠٠٥ سفيرا في لبنان.


كلف فيلتمان بإدارة التركة الأميركية - الإيرانية من موقعه الجديد كنائب لوزير الخارجية. وعند انتخاب الرئيس أوباما تم تعيينه كنائب للأمين العام للأمم المتحدة لإدارة العلاقة الإيرانية - الأميركية من الأمم المتحدة، أو ما سُمِّي بـ5+1. وكان فيلتمان وراء اتفاق أربيل الذي كان من تداعياته الإطاحة بإياد علاوي، والمجيء بنوري المالكي وعودة السفير الأميركي إلى دمشق. وكان يعتقد أنه قادر على الحصول على الاتفاق النووي الإيراني قبل الانتخابات الثانية لأوباما، إلا أن إيران لم تعطه ذلك. ثم كانت أزمات المنطقة، فكان فيلتمان وراء تعيين الموفدين الدوليين إلى المنطقة، من طارق متري إلى ليبيا، والأخضر الإبراهيمي إلى سورية بعد تنحي كوفي عنان، ثم جمال بن عمر إلى اليمن وبعده ولد إسماعيل. وكان المطلوب من هؤلاء إدارة الأزمات وليس حلها لمصلحة التفاوض مع إيران.


أردنا أن نبدأ بمراجعة ما قبل الاتفاق ومدى الصداقة العميقة بين إيران وأميركا، وذلك لمتابعة ما بعد الاتفاق الذي ستسقط معه كل ضوابط التفاوض التي أدارها فيلتمان من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة. وبذلك يكون الاتفاق الذي سيوقع يعكس صورة واضحة عن ماضي العلاقة الإيرانية - الأميركية، وليس بالضرورة عن مستقبلها.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الخليج الفارسي إلى الابد
منصور العمادي -

سؤال إلى العربان شنو تسمون علاقاتكم مع الامريكان اذا جاء العيب من أهل العيب فهو مش عيب