جريدة الجرائد

سياسات الفاتيكان الجديدة وتأثيراتها على المسلمين

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رضوان السيد

يأتي البابا فرنسيس إلى أميركا اللاتينية، موطنه الأصلي (فهو من الأرجنتين)، بسمعةٍ حسنةٍ، وآمالٍ جديدةٍ للكاثوليكية؛ فمنذ عام 2013 يحاول البابا الجديد لفت انتباه الفقراء والشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة باعتباره بابا الفقراء، واعتبار الكنيسة الكاثوليكية الجديدة كنيسة الفقراء. وكان البابا قبل زيارته لشبه القارة الكاثوليكية بدءًا بالإكوادور، قد أصدر إعلانه اللافت عن الاختلال المناخي، واستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعلن عن اعترافه بدولة فلسطين، كما عيَّن لجنةً للتحقيق مع المطارنة الذين تساهلوا في قضية الجنوح الجنسي لدى مئاتٍ من الكهنة في سائر أنحاء العالم، وبخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا. وقد اشتهر الآن أنه قام بدورٍ مؤثر في العلاقة الجديدة بين واشنطن وكوبا.


يشكّل كاثوليك أميركا اللاتينية نحو الأربعين في المائة من مجموع كاثوليك العالم البالغ عددهم المليار والثلاثمائة مليون. لكنّ شبه القارة ما عادت قصرًا على الكاثوليك، وإنما ظهر للكنيسة الكبرى منافسان قويان: العلمانية واليسار، والإنجيليات الجديدة، بحيث ما عاد الملتزمون يمثلون أكثر من 70 في المائة من مجموع متديني شبه القارة. وفي رأي البابا، فإنّ ذلك يعود لضعف تجاوب الكنيسة مع الهموم الجديدة للشباب، واحتياجات الفقراء، وتهافت أعداد الكهنة بسبب عدم الإقبال من جانب شبان الأجيال الجديدة على الدخول في الجهاز الديني. يقول البابا إنّ الكنيسة صارت خارج متناوَل الناس في الرؤية والاهتمامات، وافتقرت إلى روح رسالة المسيح. لكنه يجد لها ميزتين: عدم ظهور الراديكاليات، والبقاء موحدة بشكل عام. ومع أنه لا يذكر شيئًا عن سَلَفِه المستقيل، فالمفهوم أنّ بنديكتوس السادس عشر إنما استقال لأنه عجز عن القيام بإصلاحاتٍ جذريةٍ في الإدارة الكنسية الداخلية، وقبل ذلك في رؤية الكنيسة للمشكلات المعاصرة.


أفادت الكنيسة الكاثوليكية كثيرًا في ثمانينات القرن الماضي من الحملة الأميركية على &"محور الشر&"؛ فقد اندفع البابا يوحنا بولس الثاني إلى قلب الصراع إلى جانب الولايات المتحدة تحت عنواني الإيمان والحرية. ولأنّ جهاتٍ عربية وإسلامية ذهبت إلى أفغانستان بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمصارعة الغزو السوفياتي هناك؛ فقد قيل إنّ الديانات الثلاث: البروتستانتية والكاثوليكية والإسلام خاضت الحرب على الاتحاد السوفياتي وحلفائه. وعندما تفكك حلف وارسو في أوروبا الشرقية والوسطى، ثم تفككت دولة الاتحاد السوفياتي، انفتح المجال شاسعًا وواسعًا على مدى نحو الخمسة عشر عامًا للمسيحيتين البروتستانتية والكاثوليكية، قبل أن تستعيد الكنيسة الأرثوذكسية أنفاسَها أواخر التسعينات بدعمٍ من الدولة الروسية العائدة. وفي حين انتكست العلاقات بين الولايات المتحدة والعرب والمسلمين بعد غزو العراق للكويت و&"عاصفة الصحراء&" عام 1991 في مفتتح حقبة الهيمنة؛ فإنّ البابا يوحنا بولس ظلَّ مصرًا على العلاقات الحسنة مع المسلمين، كما حاول تحدي الهيمنة بالدعوة إلى إقامة نظامٍ عالمي جديدٍ بالفعل تحتل فيه مكافحة الفقر، الذي تنشره العولمة المفترسة، منزلةً أولى. لكنْ في الوقت نفسِه؛ فإنّ الانتصار على الشيوعية، والاندفاع في تبشير العوالم الجديدة، أَلْهى البابا الثوري ذا الشعبية الهائلة بين العامة في العالم، عن مواجهة التحديات والإعاقات بداخل الكنيسة. بل إنّ الانتصار على الشيوعية، الذي اعتبر الفاتيكان نفسه جزءًا منه، أعطى ثقةً بالنفس بشأن صحة &"الكورس&" أو البرنامج المتشدد الذي سارت الكنيسة عليه، مذ تولى قيادة &"مجمع الإيمان&" فيها جوزيف راتسينجر عام 1979، وهو الذي صار بابا عام 2005 على أثر وفاة يوحنا بولس، تحت اسم: بنديكتوس السادس عشر.
ما استطاع بنديكتوس حلَّ أي مشكلةٍ من مشكلات الكنيسة الداخلية. فواجَهَ إعراضًا وانصرافًا من جانب الشباب والنساء والفقراء باتجاه العولميات أو باتجاه البروتستانتيات الجديدة. بل إنّ يمينًا قاسيًا ومتشددًا ظهر على يمين البابا المحافظ. بيد أن ما يهمنا هنا أنّ البابا بنديكتوس اعتبر الإسلام منافسًا أيضًا وخصمًا أحيانًا.

وقد ذكر في عدة مناسباتٍ (وبخاصة في محاضرته بجامعة رغنسبورغ عام 2006) نقاط الصدام مع الإسلام، التي يمكن جمعها تحت ثلاثة عناوين: وضْع الإيمان في مواجهة العقل، وتأصُّل العنف في التعاليم والسلوك منذ القديم، والهوية المسيحية لأوروبا التي لا مكان للإسلام فيها. إنّ الذي أثّر في الوعي العالمي المسيحي وغير المسيحي، أكثر ما أثّر، العنف الهائل الذي اندلع من جوف الإسلام، والإسلام العربي على وجه الخصوص. وحدث ذلك عبر أربع محطاتٍ أو مراحل: هجمة &"القاعدة&" على الولايات المتحدة، والعنف المتبادل بين أفغانستان والعراق، وظهور الزرقاوي و&"بوكو حرام&"، وأخيرًا ظهور &"داعش&". لقد بلغ من سوء العلاقة بين الفاتيكان والمسلمين، أن البابا بنديكتوس طالب بحمايةٍ دوليةٍ للمسيحيين في مصر بعد تفجيراتٍ وأحداث عنفٍ ضدهم عام 2010 - 2011! وقد ردَّ الأزهر وقتها ردًا عنيفًا، وانقطعت العلاقة بين الطرفين انقطاعًا شبه تام حتى عام 2015. وخلال هذه الفترة ما شهدت العلائق تنفُّسًا من نوعٍ ما إلاّ من خلال مبادرة الحوار بين الأديان والثقافات التي أطلقها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2007، والتي جمعت من حول طاولاتها ولقاءاتها كل الديانات: الكاثوليكية والبروتستانتية والبوذية والهندوسية واليهودية. وأذكر في الاجتماعات الأولى بين 2007 و2009، أنه كانت هناك صعوبات شديدة في إقناع ممثلي الفاتيكان بالانتظام في الحوار وبرامجه ونشاطاته رغم زيارة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز للفاتيكان ولقائه البابا عام 2007.


انفتح البابا الجديد على المسلمين بشكلٍ حذر. وغَلَب الحذر على الاستجابات أيضًا، ربما باستثناء التواصل في مؤسسة الحوار في فيينّا. والأهم أنّ الكنيسة الكاثوليكية تشارك الحكومات الأوروبية والمسلمين مكافحة الإسلاموفوبيا بأوروبا. وما عادت تعتبر الدخول التركي للاتحاد الأوروبي من المحرمات. ثم قام الفاتيكان بخطوةٍ واسعةٍ بالاعتراف بدولة فلسطين. والواقع أنّ هناك صعوباتٍ لدى المسلمين في التواصل ليس مع الفاتيكان فقط، بل مع سائر ديانات العالم وثقافاته، من ناحيتين: الموقف من العنف بداخل الإسلام وفي مواجهة المسيحيين والعالم، الذي ما عادت تكفي فيه بيانات الاستنكار؛ بل لا بُدَّ من الخروج من مسلَّماتٍ ما عاد التمسك بها مقبولاً لمصلحة الإسلام. والناحية الثانية: تنسيق المواقف، فقد كانت الحوارات دائمًا ثنائية، وما أمكن الوصول إلى &"مبادرة إسلامية&" شاملة في العقود الأخيرة.


الكاثوليكية ثانية ديانات العالم بعد الإسلام من حيث العدد. وقد عادت للقيام بأدوار عالمية كبرى. وعندما جاء أسقف كنتربري إلى الأزهر أخيرًا، وكان ممثلون للفاتيكان قد سبقوه، قال إن المسيحيين مستعدون لأفضل العلاقات مع المسلمين، فهل المسلمون مستعدون؟ لا مناص للمسلمين من التواصل؛ والتواصل الحميم والمغيِّر، فالآخرون يتغيرون، وعلينا أن نتغير لكي نبقى!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Sort of ok
Salman Haj -

I would like to discuss only one issue in the article which expresses several opinions and makes several assertions. ......... .... ..The article is sort of ok. In some areas the information presented is superficial and incomplete which will lead many, the poorly informed who are many, to wrong conclusions. The Catholic and PROTESTANTS are not TWO separate religions as the writer states, erroneously, just as most MUSLIMS including the head of the ARAB league stated recently that CHRISTIANS have many versions of the scripture, erroneously. All CHRISTIANS; Catholics, PROTESTANTS, and Orthodox recite the same Creed, the Nycene creed or a shorter version the Apostles creed, and have one version, one version of the Bible. ... The creed contains the dogmas of Cristianity which are few, less than the number of fingers, and in the realm of supernatural freeing CHRISTIANS to structure their lives and cultures on earth freely within the guidelines of ethics and morality, based partly on the Scripture and partly on Natural Law. Thus changes in Christian societies are cultural changes, worldly, the few dogmas remain fixed, unchangeable. But culture always changes, slow or fast here and there. Culture always evolves... For comparison the MUSLIM writers of islamic doctrine (not Quran) have dogmatized just about all aspects of last life and conduct of MUSLIMS creating a never ending strife among MUSLIMS, and sets MUSLIMS against all others. .... CHRISTIANITY implants its faith on converts leaving their culture intact except in few areas where culture and dogmas are contradictory. This is why there are multitudes of Christian cultures. Each nation and ethnic group and sub group retains its cultural heritage creating a beautiful mosaic of cultures world wide. .... CHRISTIANITY spreading from Palestine by Jewish followers of Christ did not impose or demand that converts adopt the culture of JEWS of 2000 years ago. Again for compa

Knowledge is power
صومالية مترصدة وبفخر-USA -

Vatican have no effects on Catholics bleeding out of it to have policies with or against Muslims is a meaningless sort of fictional topic and what who!!!?? lives in the Vatican to begin with last the Vatican is a tiny part within Rome so it is not a country so Muslims live in it they can not have control over Catholics to have any control over Muslims Jews or Hindus.