جريدة الجرائد

هل العلاقة مع واشنطن خطأ تاريخي؟

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

بسبب توقيع الإدارة الأميركية اتفاقا مع النظام الإيراني حول برنامجها النووي، بما يعنيه من إنهاء للعقوبات والانفتاح على إيران، اعتبره البعض موقفا لئيما من واشنطن ضد حلفاء قدامى، كانوا معها أوفياء على مدى خمسة عقود ونيف. البعض اعتبره يستوجب إعادة النظر في العلاقة.

العلاقة بين السعودية وبقية دول الخليج العربية مع الولايات المتحدة ليست عادية، بل هي قطعًا أفضل ما أنتجته الدبلوماسية في منطقتنا، ومن لا يعرف محطاتها، وما حققته، فهو لا يثمنها ولا يفقه كثيرا في السياسة. العلاقات تقام عادة في إطار المصالح، واحترام المواثيق، ويجب أن تخرج عن خرافات نظريات المؤامرة، ولا تُحمّل أكثر مما تحتمل، وما ألزمت نفسها به. فهي تبنى على المصالح واحترام الاتفاقات، بما فيها غير المكتوبة. والعلاقة مع واشنطن ليست ذات روابط قومية أو دينية أو عاطفية. ركائزها النفط، والتجارة، والتوافق السياسي حول كثير من القضايا، وليس كلها. والاختلاف بين الجانبين كان موجودا، وسيستمر، لأنها ليست علاقات متطابقة، فهي لا تماثل تلك التي بينها وبين بريطانيا، لكنها أفضل من العلاقة مع بعض الدول العربية والإسلامية.

الأميركيون اكتشفوا في الخليج دولا مستقرة وملتزمة باتفاقياتها، بخلاف دول مثل ليبيا وإيران متقلبة وعدائية. ووجدوا توافقا مع الخليجيين في معظم القضايا، وهناك قائمة طويلة من تاريخ المناسبات والقضايا. حتى عندما اختلف السعوديون حول قضايا استراتيجية، مثل إنهاء سلطة الشركات الأميركية على شركة البترول &"أرامكو&"، تم حل الخلاف بطريقة ودية وملائمة للطرفين، بخلاف البترول الإيراني والليبي والعراقي الذي عانى لعقود بسبب سوء إدارة النزاع.

وإذا وضعنا العلاقة في إطارها، التي أرساها الزعيمان الملك عبد العزيز مع الرئيس أيزنهاور في عام 1945 على ظهر المدمرة &"كوينسي&"، لوجدنا فوائدها في كل الأزمات التي مررنا بها حتى هذا اليوم، مع ملاحظة أن العلاقة مع واشنطن قديمة منذ الحرب العالمية الأولى، لكن الأميركيين كانوا يمتنعون عن الانخراط في العمل السياسي والعسكري خارج قارتهم، تاركين الساحة للقوى الأوروبية. دول الخليج، بالتعاون مع الولايات المتحدة، تجاوزت كل المحن الخطيرة منذ الخمسينات، فهي واجهت المد الناصري في الستينات، والبعثي العراقي في السبعينات، والتحرش الشيوعي اليمني الجنوبي في نفس العقد، والإيراني منذ الثمانينات، والغزو العراقي في التسعينات، وتصدت للتهديدات الإيرانية في مطلع القرن الجديد. دون تحالفات كبرى يصعب على الدول تجاوز مثل هذه الأخطار، التي كانت مرتبطة أيضا بتحالفات دولية كبرى إبان الحرب الباردة. وليست صدفة أن الدول التي لا تزال واقفة على قدميها حتى الآن تتشابه في سياساتها وبالطبع تحالفاتها، دول الخليج والأردن والمغرب. وباستثناء الجزائر، كل الأنظمة الأخرى انهارت أو تبدلت تماما.

هذا سياسيا، والحال مماثل في المجال الاقتصادي. فليس صدفة أن دول الخليج تنتج 15 مليون برميل يوميا، في حين عجزت إيران عن إنتاج سوى ثلاثة ملايين برميل، رغم كل محاولاتها واستعانتها بالروس والصينيين لثلاثين عاما. فشلت لأن الولايات المتحدة رفضت منحها التقنية والخبرات، مع أن الطبوغرافية الإيرانية مماثلة لجارتها الخليجية. وإيران تملك ثاني أكبر احتياطي نفط في الشرق الأوسط بعد السعودية. وكذلك العراق الذي يأتي في المرتبة الثالثة، وربما هو الأول، لكنه بسبب نزاعاته مع الغرب وتحالفاته مع الشرق فشل في تطوير صناعته البترولية.&

هذه من نتائج العلاقة السياسية وليست صفقات تجارية بذاتها.

طبعا، كانت دائما هناك خلافات بين الفريقين، الخليجي والأميركي، حول قضايا أبرزها فلسطين. كانت تمثل إشكالا كبيرا، إنما لم يسمح لها بأن تخرب كل العلاقة، مدركين أن العرب الذين تحالفوا مع الاتحاد السوفياتي لم يجنوا من ورائه أي حقوق أو أرض أو انتصار. وكانت هناك خلافات أخرى، معظمها وقتية. مثلا، السعودية رفضت منح واشنطن حق استخدام أراضيها لضرب أفغانستان عام 2001، في حين أن إيران هي التي قبلت. وفي نفس الوقت كانت السعودية أهم بلد قدم معلومات ومساعدة للأميركيين لمطاردة تنظيم القاعدة في العقد الماضي.

الآن، يوجد خلاف داخل المعسكر، بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، حول الاتفاق الغربي مع إيران. وهو يمثل أسوأ الخلافات في تاريخ الجانبين، إلا أنه لا يرقى إلى مستوى يؤدي للقطيعة، ولا تبديل التحالفات، على الأقل هذا تقديري الشخصي. والذين كتبوا شامتين، أو مستنكرين العلاقة بمجملها، لا ينظرون إلى ما هو أبعد من هذه الأزمة التي بالتأكيد ستتطلب جهدا دبلوماسيا كبيرا لإصلاحها. وهي ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة الأميركية قرارات في المنطقة لا تتفق مع الرأي في الرياض، وهذا أمر طبيعي في ظل وجود مصالح أخرى لكل دولة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تصحيح
ماني سمعان -

استاذ عبد الرحمن , الملك عبد العزيز اجتمع مع الرئيس روزفلت وليس ايزنهاور.

تصحيح آخر
ماني سمعان -

يبدو أن الاستاذ عبد الرحمن الراشد لا يراجع معلوماته التاريخية والحديثة أيضا اذ ذكر في سبيل تدعيم وجهة نظره أن ايران لديها ثاني احتياطي بترولي في المنطقة , لكن الحقائق والارقام وجميع الاحصائيات تقول أن العراق لديه ثاني أكبر احتياطي بترولي بعد السعودية وربما اذا اضيفت اليه بعض الاكتشافات الغير معلنه وغير الرسمية أو اذا بقيت العراق موحدة فلدى العراق احتياطي يفوق احتياطي المملكة بكثير .

استاذ عبدالرحمن
جابر عمر المراهن -

انت تعرف الكثير من خبايا السياسة-----ماذا تعتقد ان امريكا تفكر--هم لايفكرون هذه دولة اليوم لها مصلحة غدا يتغيرون--لانهم يعتمدون على مراكز دراسات وابحاث واستخبارات---ايران تفرق عن العرب اقولها مع الاسف--دولة مسؤولة ويعتمد عليها بسبب ثقافة الشعب وتمدنه وخصوصا الفرس الذي نسميهم بغباء المجوس ولا يحرض على الارهاب الديني كما عندنا وهم الان اي ايران تصنع كل شيء حتى المركبات الفضائية واسرع دولة في نشر الابحاث العلمية بالعالم- بينما عندنا -اصبحت الفتاوي من رجال دين همج ومتخلفين- فقط عندهم بعض الاحاديث وبها يمارسون فكرهم لا قيمة لهم الحياة الانسانية والحريات---ولهذا امريكا تغير البوصلة

استاذ عبدالرحمن
جابر عمر المراهن -

انت تعرف الكثير من خبايا السياسة-----ماذا تعتقد ان امريكا تفكر--هم لايفكرون هذه دولة اليوم لها مصلحة غدا يتغيرون--لانهم يعتمدون على مراكز دراسات وابحاث واستخبارات---ايران تفرق عن العرب اقولها مع الاسف--دولة مسؤولة ويعتمد عليها بسبب ثقافة الشعب وتمدنه وخصوصا الفرس الذي نسميهم بغباء المجوس ولا يحرض على الارهاب الديني كما عندنا وهم الان اي ايران تصنع كل شيء حتى المركبات الفضائية واسرع دولة في نشر الابحاث العلمية بالعالم- بينما عندنا -اصبحت الفتاوي من رجال دين همج ومتخلفين- فقط عندهم بعض الاحاديث وبها يمارسون فكرهم لا قيمة لهم الحياة الانسانية والحريات---ولهذا امريكا تغير البوصلة

تصحيح لرقم 1
محمود المفتاح-كاتب-قطري -

ايران تمتلك ثاني اكبر احتياطي للغاز الطبيعي -- النفط- الاحتياطي عندهم حوالي 155 بليون برميل اي رقم 4 عالميا-----تحياتي

اضافة لما سبق
محمود المفتاح-كاتب-قطري -

احتياطي ايران للنفط بمنطقة الخليج رقم2 صحيح-عالميا رقم 4الغاز الطبيعي رقم 1 -قطر رقم 2

ألرئيس روزفلت
د. ليث نعمان -

ألرئيس روزفلت 1933-1945 و ليس أيزنهاور1953- 1961

السسيد محمود المفتاح (5)
ماني سمعان -

Petroleum Economist Magazineestimates that there may be as many as 200 bbl of oil in Iraq; the Federation of American Scientists estimates 215 bbl; a study by the Council on Foreign Relations and the James A. Baker III Institute at Rice University claimed that Iraq has 220 bbl of undiscovered oil; and another study by the Center for Global Energy Studies and Petrolog & Associates offered an even more optimistic estimate of 300 bbl—a number that would give Iraq reserves greater even than those of Saudi Arabia.