جريدة الجرائد

الحوثيون.. أوهام وخرافات

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سالم حميد

يردد إعلاميو جماعة الحوثي هذه الأيام وهماً اخترعوه ثم صدقوه، فبعد الحسم العسكري في عدن بمساندة ودعم لوجستي إماراتي، ذهب منظرو الحوثي للقول بأن الدور الإماراتي في عدن ناجم عن قلق مستقبلي على مؤانئ دبي من ميناء عدن! وهذه واحدة من الخرافات والأوهام الحوثية التي تثير الضحك والسخرية، وفيها محاولة لصرف النظر عن الانهيار المتزايد في صفوف الحوثيين.

أبسط رد على هذا الوهم الحوثي أن &"موانئ دبي العالمية&" نفسها سبق أن حاولت إنقاذ ميناء عدن وتفعيله في ظل أجواء سياسية وأمنية غير مواتية، وأن اليمنيين لم يمنحوا طوال السنوات الماضية اقتصادهم فرصة للتعافي والنمو وتوفير مناخ ملائم للاستثمار، في حين أن &"موانئ دبي العالمية&" تتولى إدارة وتشغيل موانئ دولية كبرى منحتها الثقة، علاوة على أن أسهمها مدرجة للتداول في أشهر البورصات العالمية.

إن دولة الإمارات لا تقلق إلا على أمن اليمن، وهي ترغب في أن يعمه السلام وأن تكون له حكومة وطنية قوية بدلاً من جماعات العنف الطائفية والمذهبية. وتأتي المساهمة الإماراتية ضمن قوات التحالف العربي لتحرير اليمن من السيطرة الحوثية، لتؤكد حرص الدولة على استقرار اليمن وأمنه، لما له من ارتباط بأمن الخليج، وللروابط الأخوية والجغرافية التي تجمعنا بالشعب اليمني الشقيق.

وسبق أن أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أن جهود الإمارات في عدن تجاوزت الدعم العسكري لتحرير المدينة، إلى إيصال مساعدات وفرق فنية لتهيئة مطار عدن وإعادة الحياة الطبيعية هناك. لكن الحوثيين مستمرون في العمل كآلة حربية بلا عقل ولا منطق. ومن يتابع الإعلاميين المحسوبين على تلك الجماعة المتطرفة، يلاحظ مدى اعتمادها على اجترار الأوهام والخرافات، وافتقارها لخطاب سياسي يراعي حساسية اللحظة وحقائق الواقع.

نعلم أن الحروب سيئة ولا أحد يتمناها أو يذهب إليها بإرادته، ولم يكن أحد في دول الخليج والعالم العربي يتوقع أن تصل الأوضاع في اليمن إلى ما وصلت إليه، خاصة من معاناة يكابدها السكان المدنيون المتضررون جراء الصراع الذي أشعله الحوثيون بغية ابتلاع اليمن وتحقيق أجندتهم الطائفية الخارجية.

لكن العجيب أن منظري تلك الجماعة مستمرون في تصدير الأوهام والأكاذيب إلى أتباعهم، ومن ذلك حديثهم الواهم عن انتصارات، في استعارة لمنهج &"حزب الله&" اللبناني الذي اعتاد إقناع أتباعه بأن هزائمه كلها انتصارات. وبينما يعم الخراب والدمار معاقل الحوثيين، لا يزالون يوهمون أتباعهم بالنصر في جبهات القتال!

ويسعى الحوثيون منذ زحفهم على مدن اليمن إلى تكريس حالة طائفية مدمرة في هذا البلد الذي أرادوا سحبه إلى الماضي بسرعة قياسية، بينما تتوق الشعوب لمستقبل تنعم فيه الأجيال القادمة بالسلام والرخاء والنهضة. يريد الحوثيون لليمن بكل جهاته أن يتسق مع فكرهم التخريبي المناقض لقيام دولة تمثل اليمنيين كافة. وهكذا أدخلوا بلادهم في جحيم كبير.

ورغم التقدم الذي تحرزه جبهات المقاومة على الأرض ضد الحوثيين بعد تحرير عدن، إلى جانب القصف المكثف لطيران التحالف العربي الداعم للشرعية، فإن كل التنبؤات تبقى عاجزة عن استشراف مستقبل الصراع، خاصة في ظل عدم رضوخ الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح، ورغبتهم المستمرة في الاستحواذ على كامل جغرافيا اليمن، وتخوينهم لأغلبية الشعب اليمني الذي لا يساندهم ولا يرحب بانقلابهم على السلطة الشرعية وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح.

ومهما يكن، فكل المؤشرات تقول إن على الحوثيين ومن يتحالف معهم، العودة إلى السياسة والتخلص من الاستقواء بالسلاح لفرض الأجندة الطائفية، فهذا الواقع البائس في اليمن بما يصاحبه من عنف وخراب ونشر للكراهية والطائفية، لن يتوقف إلا بعودة السياسة والالتزام بدولة القانون. العودة للسياسة ستحمي اليمن من الجماعات المتطرفة التي تستغل الفوضى وتنتعش في ظلها لتمارس جرائمها الدموية وتدرب عناصرها على التفخيخ والانتحار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف