جريدة الجرائد

العجز الدولي تجاه التطرف الإسرائيلي

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

& أيمـن الـحـمـاد


تقوم الصهيونية على عقيدة استئصالية خطيرة إذ أنها تتجاوز في مفهومها الإمبريالية التوسعية، وعندما حلّ الصهاينة في أرض فلسطين فرضوا هذه العقيدة وسعوا إلى تنفيذها على أرض الواقع عن طريق الإرهاب، فهرب من هرب من الفلسطينيين وصمد من صمد، وتغوّلت كثيراً آلة الاستيطان "الإسرائيلية" في الأراضي الفلسطينية وحولتها إلى "كانتونات" صغيرة فقطعت أوصالها بسبب تشجيعها سياسة الاستيطان الذي ينتشر كما السرطان دون أن يكون له رادع أو زاجر.

الليكود الذي يسيطر على الحكومة الإسرائيلية وفاز في الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة على التوالي كان دوماً يدفع بالاستيطان كمشروع إستراتيجي وحيوي من أجل بقاء إسرائيل، يوحي لنا ذلك بشكل واضح ترسخ الفكرة الاستيطانية لدى الناخب الإسرائيلي الذي تشير نتائج إصراره على انتخاب الليكود لثلاث مرات رضاه وثقته بمشروعات هذا الفصيل السياسي وعلى رأسها إقامة المستوطنات.

خلال الفترة الماضية استغل الليكود مشكلات الشرق الأوسط بدءاً من الاتفاق النووي الإيراني إلى فوضى "الربيع العربي"، ووجد في تلك المشكلات فرصة مواتية لتنفيذ مشروعاته المتطرفة فسوَّق عدوانيته، ورفضه للسلام، واعتماده على عقدية "اللا حل" وقضم الأراضي، وخطورة وضعه في وجه المتطرفين الذين يحيطون به من جهة مصر وسورية ولبنان، فحصل على الدعم الخارجي والداخلي، ويبدو أنه يعمل الآن على تنفيذ الجزء الآخر من خطته عبر ما يعرّفه نتانياهو بإستراتيجية السلام الاقتصادي أي رفع القيود مقابل التهدئة والتي يبدو أن معالمها بدأت تتضح من خلال التسريبات التي تفيد باتجاه رفع الحصار عن غزة وإنشاء ممر بحري لها تجاه قبرص شريطة تهدئة طويلة.

لقد شجعت السياسة التي يتبناها الليكود على رفع وتيرة التطرف بين اليهود وأعطت تصرفات حكومة الاحتلال العدوانية فيما يخص توسعة المستوطنات وهدم المنازل واقتحام باحة الأقصى من قبل مسؤولين إسرائيليين أو غيرهم، إشارات واضحة شجعت المتطرفين اليهود لمواصلة أعمالهم الإجرامية بكل جرأة وتوحش بلغ حد إحراق الفلسطينيين في منازلهم، وهو تطرف أقلق بعض الإسرائيليين أنفسهم الذين رأوا في تلك الممارسات المتطرفة بداية النهاية لإسرائيل، وأن هؤلاء المتطرفين لا يقلون في تصرفاتهم عن "داعش".

إن الحديث عن رد فعل فلسطيني أو عربي أو أوروبي فعال اليوم تجاه هذه الممارسات سيصطدم بخيبة الأمل التي تسوم الفاعل الدولي المؤثر في هذا الملف ونقصد به الإدارة الأميركية، التي تبدو عاجزة عن فرض أي مبادرة لإيجاد حل لوقف الاستيطان أو لجم التطرف، وإن كان البيت الأبيض قد حاول يائساً فرض بعض الضغوطات على حكومة نتانياهو إلا أنه اليوم يبدو أضعف بل يبدو أنه يخضع للابتزاز فخشية واشنطن من رفض الجمهوريين للاتفاق النووي تحت ضغوط اللوبي اليهودي دفع الولايات المتحدة لاسترضاء الليكود وإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد المحكوم مدى الحياة، وهو الجاسوس الذي لم تفلح محاولات الإسرائيليين من قبل لإطلاقه.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف