جريدة الجرائد

الأسير وغياب العدالة

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

من المفارقة أن يتم الاحتفاء بالقبض على الداعية المتطرف الهارب أحمد الأسير، في وقت هناك على الأقل ثلاثة من المطلوبين دوليًا يحتسون القهوة في الضاحية، جنوب بيروت، دون أن تتجرأ الأجهزة الأمنية على اعتقالهم.
تعتقل الأسير بتهم مثل التحريض، وعرقلة سير العدالة، ولا تعتقل المطلوبين الأحياء الثلاثة، المتهمين بقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.


الأسير يستحق اعتقاله على تطرفه وتحريضه ومحاولته تحدي الدولة، لكن العدالة اللبنانية صارت محل سخرية العالم، عندما تتجاهل السلطات متهمين بجريمة أعظم، مثل قتلة الحريري، تفاديًا لإغضاب حزب الله.
وغالبية السنة لا يهمهم كثيرًا اعتقال الأسير، إنما يغضبون من ازدواجية المعايير، والظلم الصريح ضدهم.


بروز أحمد الأسير هدد التركيبة الاجتماعية السياسية القديمة لطائفته السنية. بإعلانه أنه يمثلها، ويدافع عنها، في مواجهة تنظيمات حزب الله، أحرج القيادات التقليدية. وهو في الحقيقة كان ظاهرة صوتية، ولم يكن قادرًا على بناء تنظيم ميليشيا سنية، وعندما حاول فشل. الزعامات السنية في لبنان مدنية دائمًا. وهذه التركيبة المدنية الرافضة للتسلح، عزز موقفها، بخلاف ما يظنه البعض، وجنب الطائفة، ولبنان عمومًا، حالة حرب أهلية ثانية.


نجاح شعبية الأسير القصيرة سببه أنه عزف على وتر المظالم السنية، وحاول التكسب دعائيًا ضد حزب الله في القضية السورية، التي كانت تمثل أكبر جرح للسنة بشكل عام. وعندما وجد الأسير نفسه فجأة وسط الاهتمام اللبناني، والإقليمي أيضًا، كشف عن غوغائيته ضد قيادات طائفته السنة. حاول اللعب على المتناقضات المحلية. فهاجم، وحرض، على سعد الحريري، بحجة أنه لم يدافع عن طائفته في وجه حزب الله. ثم اصطف مع المتطرفين ضد السعودية ربما لينسجم موقفه مع مموليه، رغم أن السعودية كانت الداعم الأكبر للثورة السورية. مواقفه المتعددة والمتناقضة كشفت عن شخصية زعيم انتهازي.


والأسير يرى في زعيم الشيعة حسن نصر الله نموذجًا يريد أن يصبح مثله، زعيمًا دينيًا سياسيًا للسنّة، لكن ما كان ذلك ممكنًا في لبنان دون دعم خارجي كبير. نصر الله وحزبه ما كان لهم وجود لولا إيران، التي التزمت طوال ثلاثة عقود بتمويل وتدريب وإدارة الحزب لمصالحها العليا في المنطقة. وجاء ذلك على حساب المجتمع الشيعي اللبناني الذي همشت قياداته المدنية المعتدلة، وطغى المتدينون المتطرفون على حياة الإنسان الشيعي، واختطف الحزب أبناء الطائفة فكريًا وعسكريًا، ليكونوا ميليشيا في خدمة الممول الإيراني السوري، فحاربوا وحدهم إسرائيل لعقود، وهم الآن يحاربون للدفاع عن نظام الأسد في سوريا.


هذا الوضع ليس مقبولاً عند السنّة، ولا توجد حكومات إقليمية سنية مستعدة لبناء ميليشيات تتبعها، لأنها لا تملك مشاريع توسعية أو صدامية. وحتى الحكومات التي استغلت الأسير ودعمته سرعان ما تخلت عنه وباعته سريعًا.
ومع أن الأسير يستحق الإيقاف والمحاسبة، لكن العدالة في لبنان تبدو في أسوأ أيامها، فهي تعتقل داعية دينيًا فقط لغوغائيته وتحريضه، وتترك مجرمين قتلة طليقي السراح لأنهم في حماية حزب الله!
كل من يشاهد هذا الموقف المحرج، والمخجل، للدولة اللبنانية، يرى دولة تعامل مواطنيها درجات.. قانون لمواطني حزب الله وقانون للآخرين!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أقوياءعلى الشرفاء الضعفاء
جبناء على المجرم والأعداء -

دجال الضاحية حسن نصر الله مجرم وإرهابي وتاجر مخدرات وعميل لايران يرددها جهاراً نهاراً دون خجل وهو وحزبه على قائمة الإرهاب الدولي ومطلوب دولياً القبض عليه غزا بيروت والجبل وقتل من قتل وهو بطل المفخخات والتفجيرات قتل خيرة رموز لبنان الوطنية ويشارك المجرم بشار في قتل أطفال سوريا ولا يتعرض له الجيش اللبناني بينما يتعرض للأسير لأنه دافع عن شرفه وعرضه. صدق موشي دايان عندما قالوا له في عام ٦٧ بأن لبنان دخلت الحرب فقال أرسلوا لها عشر مجندات لابسين شورتات على بسكليتات

مع الاسف
حس سعيد العبودي -

مع الاسف الشديد صاحب المقال خلط بين الامرين وهنالك فرق بين من يدافع عن وطنه وبلده ضد العدوان الاسرائيلي ويقدم الغالي والنفيس من أجله لكي يعيش الجميع فيه سواسية , وبين يلجأ الى تفجير وقتل المدنين أمثال الاسير والقاعدة وداعش .أعتقد أمها معادلة ظالمة والشعب العربي يفرق بين ذلك .أعتقد أن كاتب لاتزال عقدة الطائفية تعيش في داخله

الدعم العربي للأسير
محمد توفيق -

قرأنا أمس أو قبله خبر اعتقال الأسير في المطار، وقرأنا أيضاً اعترافاته بتلقيه مساعدات مالية من بعض الدول العربية الغنية ، وورد إسم سعد الحريري أيضاً ، وكان ذلك على صفحات إيلاف. فمن نصدق السنة في لبنان متعطشون لشن حرب أهلية في لبنان ضد الشيعة ، لكن لاقيادة لبنانية تقودهم بل وضعوا لحاهم بأيدي حركات التطرف والتكفير مثل جبهة النصرة وداعش التي تحاول أن تغير طبيعة الحرب من الدفاع عن مظلومية السنة في لبنان الى حرب طائفية تكفيرية ضد الكل ، وهم بذلك سوف لن ينجحون.

ممولا
السعودية -

اعترف السيد الكاتب السعودي الولاء والجنسية أن السعودية من أكبر الممولين لثورة إشاعة الفوضى والانتقام من سورية. ترى هل يستمر الدعم لو اعترفت سوريا باسرائيل؟