نحو استراتيجية إعلامية لمواجهة الإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&نحو استراتيجية إعلامية لمواجهة الإرهاب
&حنان يوسف
&
في الوقت الذي أصبح فيه الإرهاب بجميع أشكاله ظاهرة عالمية تخطت أخطارها كل الحدود، وأدركت كل دول العالم وشعوبه حتمية تنسيق الجهود لمحاصرته والتصدي له، كان الإعلام حاضرا علي الدوام بوصفه محددا مهما لتفاقم ظاهرة الإرهاب، وفي ذات الوقت وسيلة مهمة للقضاء عليها .
ومن منطلق ما تعانيه مصر من خطر الإرهاب الغاشم، اجتمع نخبة من اتلخبراء فى المجال الإعلامي لمناقشة أداء الإعلام المصري (المملوك للدولة والخاص) خاصة بعد حالة الجدل التي أثارها فشله النسبي في تناول ومعالجة العمليات الإرهابية الأخيرة، والأداء الإعلامي المرتبك لقضية الإرهاب، وهو الأمر الذي قد يضر بمصالح الوطن والدولة المصرية, ومن هنا جاءت مبادرة مدنية من المنظمة العربية للحوار والتعاون الدولي لتفتح الباب لأول مبادرة إعلامية في مصر تجمع والخبراء حول قضية الإرهاب من أجل مناقشة معالجة الإعلام المصري لقضية الإرهاب، وتقديم المأمول لتطوير أدائه مستقبلاً في هذا الصدد، وتقديم طرح إعلامي متميز قادر علي تطوير معالجة قضية الإرهاب في مصر. وقد تمخض عن هذه المبادرة الدعوة الي إطلاق أول إستراتيجية إعلامية وطنية جامعة لمكافحة الإرهاب تجمع كل تيارات المجتمع المصري المختلفة وتعمل علي رفع مستوي الوعي بخطر الإرهاب وكيفية التصدي له بمهنية وموضوعية من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
وتبني هذه الإستراتيجية علي قطاعين رئيسين أولهما القطاع البنيوي الاستراتيجي الذي يرتكز علي ضرورة الإسراع بتشكيل الهيئات المسئولة عن تنظيم العمل الإعلامي، وهي المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام حتي يمكن وضع الضوابط والمعايير لمهنة الإعلام فيما يتعلق بصفة خاصة بالإرهاب، بحيث تكون جهة ضابطة للأداء الإعلامي علي غرار التجارب الدولية المماثلة في أكثر الدول ديمقراطية في تناولها لقضايا الإرهاب والعمل علي إنتاج مدونات السلوك والأدلة الاسترشادية الضابطة في المؤسسات الإعلامية المختلفة في تناولها لقضايا الإرهاب وإعداد الإعلاميين وتأهيلهم للتعامل مع ظاهرة الإرهاب وفق مهنية عالية، وذلك من خلال تنظيم الدورات التدريبية الإعلامية والحلقات النقاشية وورش العمل الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف, بالإضافة إلي ضرورة حرص وسائل الإعلام علي عدم المبالغة والتهويل في تغطية العمليات الإرهابية والتركيز علي إبراز الآثار السلبية الناجمة عنها، ومناشدة وسائل الإعلام بتوخي الحذر الشديد عند تغطية الأحداث الإرهابية واعتبار وسائل الإعلام التي تدعم تلك التنظيمات جزءًا من الإرهاب التكفيري وتطوير التنسيق بين المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة لفضح التنظيمات الإرهابية وكشف مصادر تمويلها وتسليحها.
وتركز ملامح هذه الإستراتيجية علي ضرورة تبني خطاب إعلامي تنويري لعرض الإسلام الوسطي وأسس الدين السمح ونشر ثقافة الوعي الديني المستنير، وتكثيف برامج التصحيح الفكري باستخدام مختلف وسائل الإيصال الجماهيري وإنشاء قاعدة معلوماتية إعلامية حول ظاهرة الإرهاب، والعمل علي تحليل تلك المعلومات بما يضمن كشف الإرهابيين إعلامياً وثقافياً ووضع آليات للتعاون بين التنسيق الإعلامي والأمني بحيث يحدث تقارب وتكامل في الخطاب الاعلامي المصري في مواجهة الإرهاب مع ضرورة استثمار الإعلام الجديد في تقديم معالجة إعلامية بناءة تجاه قضايا الإرهاب، وأيضا مكافحة الإرهاب الالكتروني علي شبكة الإنترنت وتبني برامج إعلامية شاملة تهدف إلي تنمية الوعي الوطني العام ضد الإرهاب, وتكريس حب الوطن وأهمية الانتماء إليه في أوساط المجتمع، والتصدي لما يطرح عبر وسائل الإعلام من مغالطات وأفكار مغرضة للتأثير السلبي علي الشباب، مع التزام وسائل الإعلام بمسئوليتها الاجتماعية في الحفاظ علي أمن واستقرار الوطن وأمان المواطنين ورعاياه وسلامة وحدته الوطنية.
والقطاع الثاني هو المستوي الاجرائي من خلال مجموعة من الإجراءات منها توحيد جهات إصدار التراخيص لوسائل الإعلام، وسرعة إصدار التشريعات المنظمة للإعلام بكل روافده المرئي والمسموع والمقروء وبخاصة الإلكتروني، وإصدار قانون حرية تداول المعلومات، ووضع خطة إعلامية للدولة للتعامل الإعلامي العاجل في حالات الأزمات وفي حالات الحوادث الإرهابية حتي لا يقع المواطن المصري تحت تأثير الإعلام الآخر سواء داخل مصر أو خارجها، وتكثيف برامج لتدريب الإعلاميين لزيادة مهارات الصحفيين والإعلاميين في التعامل مع أدوات العصر، وسرعة إصدار مواثيق الشرف الصحفية والإعلامية. كذلك تطوير الإعلام الأمني ليتواكب مع الحاجة المتزايدة للإعلام في مواجهة الإرهاب، وإعادة النظر في سياسة إعلام الخدمة العامة للدولة لضمان دعمه وتقوية تأثيره وفاعليته، والاهتمام بثقافة المواطن وتحديدا في المراحل المبكرة من العمر عبر مؤسسات الثقافة المختلفة لضمان عدم وقوعهم في براثن الإرهاب والتطرف، والتركيز علي الجانب التحليلي والتفسيري فيما يتعلق بجرائم الإرهاب وعدم بث الصورة التي تبث الرعب في قلوب المواطنين, وأهمية التنسيق بين عدة وزارات منها الخارجية والسياحة والآثار والثقافة والهيئة العامة للاستعلامات لوضع خطة لتصحيح الصورة المصرية في الخارج وفقا لبرنامج محدد يستخدم القوة الناعمة لمصر، وفق أسس جديدة لضمان فتح قنوات حوار إعلامية في الخارج لتوضيح الصورة إزاء الإرهاب الغادر الذي يضرب الوطن .
إن المسئولية الوطنية الآن للجماعة الإعلامية تتطلب ضرورة الدعم الكامل للقيادة السياسية فيما تبذله من جهود مكثفة للقضاء علي الإرهاب مع التزامهم بالعمل علي إنتاج خطاب إعلامي مصري وطني يتحقق فيه شروط المهنية والموضوعية في معالجة قضايا الإرهاب .