جريدة الجرائد

العشاء مع أنجلينا جولي

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سمير عطا الله

في القرن الثامن عشر وضع الفرنسي نيكولا شامفور أول تعريف للشهرة بالقول إن &"ميزتها هي أن يعرفك مَن لا يعرفونك&". لكن الفرنسي الحديث انطوان ليلتي يعرّفها بأنها &"أن يعرفك من لا تعرفهم&".


هذه ذروة عصور المشاهير. الصحف الرصينة تخرج من أبراجها لكي تنقل صور وأخبار النجوم. المجلات الأكثر رواجًا ودخلاً هي المخصصة لأخبار المشاهير. الجرائد التي كانت مدارس تُقلَّد، أصبحت تقلِّد صحف الإثارة والأسماء اللامعة. اهتمت أميركا، سلبًا أو إيجابا، بأقوال دونالد ترامب أكثر مما اهتمت في الماضي بأقوال أدلاي ستيفنسون.


إلى الآن لا أعرف كيف أتعامل مع المصادفة التي تجمعنا أحيانا بشخصية معروفة: هل تلقي التحية معتديًا على خصوصيتها، أم تتجاهلها، معتديًا على اعتزازها؟ كنت داخلاً إلى مطعم باريسي وفوجئت بجورج سوروس، أحد أشهر المستثمرين، خارجًا مع صحبه. في اليوم نفسه كان له مقال رئيسي في &"الفايننشيال تايمز&" ولم أدرِ ما هي الأصول، تجاهُل الرجل أم إشعاره بأهميّته؟ كان علي أن أقرر في لحظة. وأخيرًا خاطبته قائلاً: &"مقال ممتاز هذا الصباح&". بالكاد أخذ علمًا.


دعانا الصديق عبد الله الدرويش إلى عشاء في نيويورك. ووجدنا طاولتنا إلى جانب طاولة أنجلينا جولي وزوجها براد بت. تساءلنا: هل نلقي التحية أم لا نعكر صفوهما؟ أدركت الممثلة حيرتنا، فنادت من الطاولة الأخرى، عمتم مساء. عشاء طيب.


كتبت قديمًا في &"المستقبل&" حكاية رحلة إلى نيويورك إلى جانب أشهر، وربما أجمل، ممثلة أميركية أفاق عليها جيلنا، ريتا هيوارث. جلست طوال الرحلة من باريس أقرأ في كتاب، أو أغفو. وشعرت أحيانا أن السيدة في الجوار تريد أن تطرد شيئًا من الملل بالتحدث إلى جارها. لكن ما بين الحياء والتردد تجاهلت الأمر. وعندما بدأت الطائرة بالهبوط التفتت السيدة إلي وقالت: إقامة طيبة في نيويورك. قلت، ولكِ أيضًا. قالت باسمة: آه، أنا مللت هذه المدينة. لم نتعرف إلى بعض: أنا ريتا هيوارث.


بماذا أعرف نفسي؟ هل أقول أنا أغبى صحافي في العالم؟ لم يسبقني في ذلك أحد سوى الزميل إلياس الديري. فقد جلس مرة في بهو فندق &"الريتز&" في باريس وصدف قربه عجوز أبيض الشعر واللحية. كان الوقت عصرًا وبهو &"الريتز&" خاليًا إلا من الرجل العجوز والزميل الشاب. حاول العجوز المتطفل أن يدخل في حديث مع الديري، لكن الديري لا يملك الوقت. باريس في الخارج تنتظر.


شعر الرجل العجوز بالحرج، فقام ومضى. وكان النادل يراقب المشهد مستغربًا ما يحدث. فلما مضى الرجل العجوز مخيبًا، اقترب من الزميل قائلاً: مسيو ديري، أنت أول رجل في العالم يرفض التحدث إلى أرنست همنغواي!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف