قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جاد يوسف: عشية بدء أولى جولات الانتخابات الحزبية للرئاسة الأميركية في ولاية أيوا يوم الاثنين، تبدو اللوحة شديدة التعقيد بالنسبة إلى خيارات الناخب الأميركي، في ظل تقارب أصوات التفضيل التي يسجلها المرشحون الذين يحتلون المراكز الأولى في الحزبين الجمهوري والديمقراطي.&قبل ساعات من انطلاق جولة الانتخابات الحزبية الأولى للرئاسة الأميركية في أيوا، جزمت أصوات عدة بأن نتائج هذه الولاية قد تفتتح مسارا سياسيا مفاجئا ومخالفا لكل التوقعات، وقد تخلط أوراق السباق الرئاسي برمته، في ظل أزمة خيارات سياسية كبرى تواجهها الولايات المتحدة.&ومع تقارب أصوات أصحاب المراكز الأولى في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، كان لافتا في معركة هذا العام هو تراجع حيز القضايا المشتركة التي كان كلا الحزبين يتقاطعان عليها، ويسعيان الى تقديم الحلول لها، تبعا لمنظارهما وفروقاتهما السياسية والأيديولوجية.&ووفق دراسات إحصائية نشرتها الصحافة الأميركية قبل أيام، فقد تبين أن الحزبين لا يتشاركان في أي من القضايا التي يحصدان على اساسها تأييد القاعدة الحزبية او حتى استقطاب الرأي العام على المستوى الوطني.&في آخر مناظرتين نظمهما الحزبان وردت عبارة "المهاجرين" 15 مرة عند الجمهوريين مقابل 3 مرات عند الديمقراطيين. كما وردت "الصين" 43 مرة عند الجمهوريين مقابل 3 مرات عند الديمقراطيين، و"المناخ" 7 مرات عند الديمقراطيين مقابل صفر عند الجمهوريين، في حين وردت عبارة "داعش" 46 مرة عند الجمهوريين مقابل 20 عند الديمقراطيين.&
اتفاق واختلاف&لكنهما اتفقا على قضية مواجهة المخدرات وآثارها المدمرة على المجتمع الأميركي، في حين اختلفا على كيفية معالجة الوضع الاقتصادي والضرائب والصحة والتعليم، وهي نقاط تقاطع تقليدية في الحملات الانتخابية.&اختلاف نظرة الحزبين سحب نفسه على طبيعة الاستقطابات، التي يسعى المرشحون الى حشد التأييد لها، الأمر الذي انعكس ارتباكا على قواعد الحزبين، يعبر عنها بالأرقام المتقاربة التي يسجلها المرشحون الأول في استطلاعات التفضيل، خصوصا في ولاية أيوا، حيث يتوقع ان تشكل قاعدة قياس لمستقبل الانتخابات الحزبية في الاشهر المقبلة.&
دونالد ترامب&دونالد ترامب، الذي يسجل 41 في المئة على المستوى الجمهوري العام، عالق في تلك الولاية بتقدم لا يتجاوز النقطتان او ثلاث على منافسه تيد كروز الذي سجل 29 في المئة مقابل 31 لترامب.&ورغم ذلك، اختار ترامب مقاطعة المناظرة الجمهورية الاخيرة قبل أربعة أيام من انتخابات أيوا التي تنظمها محطة "فوكس نيوز" المتحدثة الرسمية باسم الجمهوريين.&فقد احتج على إدارة الصحافية ميغان كيلي للمناظرة، متهما اياها والمحطة بالانجياز ضده، مراهنا على تقدمه على المستوى الوطني، على رغم تصادمه مع المؤسسة الحزبية، التي يشعر انه قادر على اجبارها على تبنيه والقبول به مرشحا محتملا لمنازلة المرشح الديمقراطي في نوفمبر المقبل.&ترامب يدرك ايضا أن كروز ليس المرشح المفضل لدى المؤسسة الحزبية الجمهورية، بسبب إشكالية الاخير ومواقفه المثيرة للجدل، ما جعله يراهن على استمرار قدرته على الامساك بالتكتل الجماهيري حوله، في مغامرة يحسبها جيدا، لقطع الطريق على رهانات برزت أخيرا مع تسريب الملياردير مايكل بلومبيرغ محافظ مدينة نيويورك السابق احتمال ترشحه "كمستقل" في مارس المقبل.&
&"أيد خفية&"&البعض ينظر الى بلومبيرغ على أنه محاولة مشتركة من "أيد خفية" مستاءة من احتمال تولي رجل أعمال وسياسي لعوب كترامب مقاليد أقوى سلطة في العالم. في الوقت الذي تحوم شكوك في احتمال نجاح أي من المرشحين الديمقراطيين امام ترامب، نظرا لخيارات بني ساندرز "الاشتراكية" غير المجمع عليها، وعلى ضعف سجل هيلاري كلينتون الشخصي المتهمة بالتقلب السياسي واحتمال مقاضاتها قضائيا على خلفية قضية بريدها الالكتروني، الأمر الذي عرضها لشتى انواع الضغوط والتشكيك بقدرتها على الاستمرار في معركة الانتخابات من أساسها.&كلينتون، التي دخلت سباق الرئاسة بفارق شاسع عن منافسيها، تراجعت أرقامها بشكل حاد وسجلت قبل اربعة ايام من انتخابات أيوا 45 في المئة مقابل 46 في المئة لساندرز، ولم تنجح محاولاتها الصاق نفسها بالرئيس باراك أوباما في تغيير ارقامها.&
دعم أوباما&هذا ما يفسر إحجام أوباما عن الجهر بشكل واضح في تأييدها، مثلما يفسر ايضا إحجامه عن دعم ساندرز، الذي يعتبر طروحاته وبرنامجه السياسي أكثر راديكالية عما يمكن للمجتمع الأميركي قبوله او تحمله، خصوصا عند الحديث عن دور الدولة ودور القطاع الخاص.&وتنقل بعض المصادر أن أوباما لم يعثر لدى ساندرز على ما يصح وصفه "باللمعة" أو التميز، سواء بنظرته او بفلسفته للسياستين الداخلية والخارجية. فساندرز في نهاية المطاف ليس اكثر من مناضل يساري عتيق يتبنى خطابا وحيد الجانب يركز على قضايا الصراع الطبقي، في بلد تتجاوز القوى الاجتماعية فيه التعريف الكلاسيكي لهذا الصراع، حيث نقطة ارتكاز توازنه السياسي تقوم على دور الطبقة الوسطى، وليس على تضحيات طبقة "البروليتاريا"، حيث نقاباتها أقرب الى الجمعيات الاحتكارية التمثيلية ومنظمات المجتمع المدني.&يقول البعض إن نجاح ترامب أو فشله في أيوا قد لا يحسم الجدل داخل الحزب الجمهوري، مثلما ان نجاح كلينتون أو فوز ساندرز فيها، قد لا يحسمه داخل الحزب الديمقراطي، متوقعين أن تحصل اميركا للمرة الأولى على رئيس من خارج الاصطفاف الرسمي، لكن ليس من خارج المؤسسة السياسية التقليدية.&