جريدة الجرائد

عن اللجوء والعنصريّة وسوى ذلك

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حازم صاغية

فضلاً عن الأسلاك الشائكة التي بناها بلد كهنغاريا، وعن الهرب عبر البحر والموت غرقاً، لا يمرّ يوم من دون حدث شائن كبير: فرنسا تراجع حقوق المواطنة، بحيث تستقيل وزيرة العدل احتجاجاً. الدنمارك تريد مصادرة المحمولات &"الثمينة&" التي في عهدة المهاجرين كمساهمة في إعالتهم. السويد تقرّر إعادة 80 ألف لاجئ من حيث أتوا. اتّفاقيّة شنغن قد تسقط. الشعبويّون من مارين لوبان إلى دونالد ترامب في صعود. أنغيلا مركل تُتّهم بسياسات غير مسؤولة ومستقبلها السياسيّ تلفّه علامات استفهام...

&

عنصريّة؟ بالطبع. والعنصريّة هذه تتغذّى، قبل اللجوء الأخير وبعده، على عدد من العناصر في عدادها الانتقال المديد والمتطاول من العصر الصناعيّ إلى ما بعده، مع انعكاس ذلك على الوظائف وسوق العمل، وتحلّل أشكال التضامن الحزبيّة والنقابيّة السابقة، وانكماش التقديمات التي درجت دولة العناية على توفيرها، وانحطاط أشكال الاندماج القوميّ الكلاسيكيّة لمصلحة الروابط التي تتّصل بالهويّة، لا سيّما الثقافة وطريقة الحياة. فهذه الأخيرة باتت، قبل اللون والدين، وأحياناً بالتقاطع معهما، نقطة التركيز من جهتين: جهة العنصريّ الغربيّ وجهة المهاجر الذي يلوذ بثقافته المغلوبة في مواجهة الثقافة الغالبة.

&

وبوصفها جواباً كاذباً على مشكلات فعليّة، تميل العنصريّة إلى تحويل الهجرة سبباً يفسّر قلق التحوّلات وما ترتّبه مراحل الانتقال من أعباء وأكلاف. فكيف حين تتحوّل الهجرة إلى الضخامة التي صارتها في السنة المنصرمة؟

&

وقد يكون أخطر ما يحصل اليوم أنّ أوروبا، مهد الحداثة ومصدرها، تتراجع تحت وطأة الهويّات والهويّات المضادّة إلى ما سبق أن تجاوزته. فاليمين المتطرّف يقوى، وثمّة علمانيّون يعاودون اكتشاف مسيحيّتهم، وبعد إقلاع الاتّحاد الأوروبيّ ينتعش العقل الحدوديّ، وتنبعث قيم قروسطيّة كالخوف من الجار والحذر من الغريب. وفي هذا جميعاً تكمن عناصر ردّة على الحضارة بكلّ ما تعنيه الكلمة.

&

وفي هذا المنعطف الانتقاليّ، تجمّعت الظروف المأسويّة التي بالغت في امتحان الدولة &- الأمّة الغربيّة وهي في أسوأ أحوالها، فبدت كأنّها تدعوها إلى إحراق المراحل، فيما الثقافة الغالبة على اللاجئين لم تبلغ بعد سويّة الدولة &- الأمّة. هكذا نشأ وينشأ التعايش الصعب بين نمط في الحياة عماده الحرّيّة والفرديّة ونمط آخر صنعه الاستبداد السياسيّ والثقافيّ، كبتاً على الأصعدة جميعاً تُنزله باللاجئين الضحايا أبويّةٌ قامعة وشالّة للمبادرة والتفكير الحرّ، ومانعة للانفصال عن أسلاف ذكوريّين كُثر لا تنهض الحداثة من دون الانفصال عنهم. وغنيّ عن القول إنّ هؤلاء سُلبت منهم عقداً بعد عقد حرّيّة الاختيار والتقرير، وتُركوا رهائن للفاقة والعوز ونقص التعليم وللجهل بالعالم وأحواله وكيفيّاته.

&

لكنّ فرص التحكّم بالوجهة العنصريّة، والحدّ من فاعليّتها، ليست قليلة، وأوّلها الجهر بالتمايزات داخل الكتل اللاجئة والمهاجرة، وتبرّؤ الأكثريّات البريئة من أفعال الأقلّيّات المسيئة، ومن ثمّ تطوير مشاركة هذه الأكثريّات في الحياة السياسيّة للدول المستقبِلة وفي الدفاع عن حقوقها، وتالياً التصدّي للعنصريّة من خلال القنوات التي لا تزال تتيحها الأنظمة الديموقراطيّة. وفي هذا، لن يكون مفيداً على الإطلاق التمسّك برسابات الأيديولوجيّات المتشاوفة، التي تقرن بؤسها وطلبها للحياة والعمل والإقامة في الغرب بمزاعم &"التفوّق&" على الغربيّين، أو بـ &"عدالة&" النضال ضدّ الاستعمار، أو حتّى بالنسبيّات الثقافيّة المزعومة التي لا تُمتحن بتاتاً على تفاوت التجارب ونجاحاتها بقدر ما تتحوّل إلى مناعة ضدّ التأثّر بمجتمعات وثقافات يستظلّ بها اللاجئون من موت تنتجه الثقافات التي وفدوا منها.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العنصريه في كل مكان
الباتيفي -

ولماذا نتكلم عن عنصريه الغرب والعنصريه موجوده في كل مكان وبين اغلب الناس هنا في الشرق الاوسط العرب والترك والفرس لا يسمحون للكورد باي شكل ان يتحررو او ان يكون لهم هويه قوميه وحقوق وتعليم باللغه الام والاحتفال بالاعياد القوميه واذا دعا اي سياسي كوردي في تركيا الئ حكم ذاتي فانه يسجن وربما يقتل علئ ايدي القومين الاتراك المتطرفين وفي ايران يعدم سنويا مئات الشباب الكورد بتهمه محاربه الله ورسوله وايات الله الخميني والغزعلي اما في العراق فان الحكومات العربيه كلها منذو انشاء الدوله علئ ايدي الانكليز فانهم يحاربون الشعب الكوردي بكل الطرق ووصل الامر لحد الاباده الجماعيه باستخدام الاسلحه المحرمه دوليا في عهد صدام والان يئن تحت حصار اقتصادي منذو سنين من قبل بغداد امافي سوريا فهم مقموعون محرمون من الجنسيه وحقوق الانسان ولا يسمح لاي شخص بان يذكر بان لهم حقوق في سوريا كما يحدث في جنيف ورياض من قتل متعمد عنصري شوفيني برعايه تركيا والسعوديه وفرض القوميه العربيه والاسلاميين المتشددين من هم اكثر عنصريه نحن ام الغرب الذي يعاني من ازمه اقتصاديه ونزوح مليوني للرجال اغلبهم من شبيحه وداعش والحشد الشعبي وهم يرتكبون جرائمهم من سرقه واغتصاب وقتل في اروبا نفسها واصبحت الكثير من نساء اوربا تخشئ الخروج من بيتها ليلا وهم يتلقون الرصاص والقنابل في عقر دارهم وهل تسمح الدول العربيه بالسورين مثل المانيا والسويد هل يستطيع السوري العمل والعيش في دول الخليج الغنيه مثل الهنود والاسيوين ويتنقلون بحريه اليسو بعرب اليسو اخوان وهم يدينون بدين واحد لماذا دخول اوربا اسهل عبر الفيزا واغلب الغرب اما دخول بلاد العرب فهي تقريبا مستحيله هل تقدر ان تلوم العرب قبل الغرب اليست دول الخليج اقرب من السويد والنرويج ولكن هي عنصريه الا تتفق معي يا حضره الكاتب