جريدة الجرائد

ماذا يفعل أردوغان في الموصل؟

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

&سميح صعب

الخط الاحمر الطائفي الذي رسمه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي محذراً اياه من اقتراب فصائل الحشد الشعبي من الموصل، يخدم في الواقع نظرية تاريخية تركية أو بالاحرى طورانية لم تسلم في يوم من الايام بأن الموصل جزء من العراق وإنما هو جزء من تركيا أجبرت الاخيرة على التخلي عنه اثر هزيمة الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الاولى وترسيم الخرائط بموجب معاهدة سايكس - بيكو، لكن عدداً كبيراً من الاتراك كانوا لا يزالون يعتبرون ان الموصل هي جزء من تركيا.

وليس التاريخ وحده ما يحرك أردوغان، إذ ان الرجل يتوسل السياسة أيضاً في خدمة أهدافه. فهو يقدم نفسه الان حامياً لسُنّة العراق ولسُنّة سوريا. وهو دور ينسجم كلياً مع أهداف السياسة الاميركية التي يهمها أن يكون النموذج الاسلامي التركي معمماً في المنطقة من جهة، والتي تريد فعلاً من جهة أخرى ان تضع دولة سنية كبرى كتركيا في مواجهة ايران، بعدما حالت ظروف مصر دون الاضطلاع بهذا الدور بينما دول الخليج العربية وحدها غير قادرة على احداث توازن فعلي مع طهران على رغم حرب اليمن ودعم فصائل المعارضة المسلحة في سوريا.

وعندما تقترب معركة الموصل، تتوجس أميركا من أن يكون الدور الايراني أساسياً فيها عبر مشاركة الحشد الشعبي فيها كما حصل في عمليات طرد "داعش" من مناطق أخرى استولى عليها التنظيم قبل أكثر من عامين. أما الموصل، فهي معركة مختلفة نظراً الى رمزيتها وكونها المعركة الاخيرة ضد الجهاديين في العراق. وأي دور ايراني في الموصل سيعني من وجهة النظر الاميركية أن ايران هي أيضاً من سيقرر في معركة الرقة كذلك.

من هنا حاجة أميركا الى اردوغان الذي بدأ باطلاق التحذيرات للعبادي. وما لا تستطيع واشنطن قوله مباشرة لرئيس الوزراء العراقي قالته بلسان اردوغان ومفاده باختصار ان لا شأن للعراق بالقوات التركية المتمركزة داخل الاراضي العراقية في منطقة بعشيقة قرب الموصل.

إذن، الولايات المتحدة تريد للموصل ان تكون معركة للائتلاف الدولي بقيادتها من غير أن يكون لايران فيها أدنى دور. لذلك قال اردوغان صراحة إن المعركة هي معركة تخص السنة، ولاقاه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالتحذير من "كوارث" اذا ما تدخل الحشد الشعبي في المعركة.

وهذا يستتبع سؤالاً آخر عن مصير الرقة في ما بعد. وربما لهذا السبب تحشد أميركا أيضاً ضد روسيا في سوريا، لأن التدخل الروسي وليس الايراني يحرج الولايات المتحدة في توصيف المعركة المقبلة لانها تصبح خارج النزاع السني - الشيعي المهيمن في المنطقة. وماذا عن حلب ايضاً؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف