هيفاء صفوق: قوة الاعتقاد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قوة الاعتقاد
هيفاء صفوق
هل رغبت يوماً في أن تتخلص من الاعتقادات السلبية في حياتك؟
الجواب، غالب الأفراد يرغبون في تصحيح بعض الاعتقادات الخاطئة والسلبية، لكنهم يعجزون عن ذلك، فيصابون بالإحباط واليأس وعدم المحاولة من جديد، ويفضّلون العيش في دائرة السلبيات بإرادتهم للأسف.
يتجرع الفرد منذ صغره كمية كبيرة من الاعتقادات الأسرية والمجتمعية، فتصبح اعتقاداته هو أيضاً، فيسير في ظل هذا العالم متقمص تلك الاعتقادات والمفاهيم!
هناك أفراد (سعيدو الحظ) توسعت رؤيتهم للحياة بمنظور أشمل وأوسع، من خلال المطالعة والقراءة والتجربة والمحاكاة في ثقافات أخرى، أو مواقف حياتية غيرت في داخلهم الشيء الكثير، ما جعل بعض الأفراد يكتشف سلبيات وإيجابيات بعض هذه الاعتقادات والمفاهيم أو القناعات المغلوطة، والبعض بعد اكتشاف هذه المعتقدات السلبية ما زال خاضعاً لها ولا يرغب في تركها، إما غروراً أو بسبب الخوف المسيطر عليه من التغيير وما سينتج منه.
الله - عز وجل - زود الإنسان بأكبر النعم وهو «العقل»، فمن خلاله يستطيع الفرد تحليل هذه الاعتقادات والمفاهيم ودرسها بموضوعية تامة، والتعرف على مدى تأثيرها في حياته. مشكلة البعض تعطيل دور «العقل»، واتباع من يسيطر عليه بخنوع تام، لذا نجد هؤلاء لا يعيشون «مرتاحي البال»، أو يشعرون بقيمة ذواتهم، لأنهم يدركون في حقيقة أنفسهم أن هناك شيئاً «خاطئاً».
نلاحظ في عصرنا الحالي ظهور أعداد ليست بسيطة تناقش وتحلل بمنطق، وتخالف ما كان يوماً من الأيام مُسلّماً به، لأنهم أصبحوا يدركون من المعيب إخفاء الحقائق الفكرية أو الثقافية أو الاجتماعية التي تحتاج إلى غربال كبير، يتم تنظيفها لتفيد الإنسان والبشرية.
الاعتقادات لها جوانب متعددة، جانب شخصي واجتماعي وثقافي، الجانب الشخصي مثلاً: هناك من تربى على «التضحية» لأجل الآخرين على حساب نفسه، يعطي القريب والبعيد على حساب وقته وجهده وصحته، ما يجعله في الأخير يهمش نفسه تماماً، وهذا فيه خلط كبير بين أن يعطي الآخرين ويقوم بأدواره الاجتماعية بشكل صحيح، وأن يعطي نفسه ويقدرها ويحترم حاجاتها ودوافعها، ما يجعله في صراع أو عدم رضا داخلي، إذ إنه لا بد من أن يتعرف على الاعتقاد الصحيح والمفهوم الحقيقي في قيمة العطاء، من خلال - عملية التوازن بين حاجاته الشخصية وأدواره الاجتماعية - تصحيح الاعتقاد بشكله السليم والمتوازن، ونقيس على ذلك في كل أمورنا في الحياة.
إلى فترة ليست ببعيدة كان الاعتقاد السائد أن التنافس في العمل هو من العمليات المهمة في صنع النجاح، إلا أننا اكتشفنا ما هو أعمق. إن العمل بمبدأ التكامل والتبادل أقوى من التنافس الذي يولّد الغيرة ويضر بإكمال أي مشروع، عكس العمل بروح معطاءة لا تخاف، تؤمن بقدرة الجميع في إثبات وجودها. نلاحظ عندما انعكس هذا الاعتقاد الجديد في بيئة عمل أو تربية الأبناء أو في علاقات الأصدقاء كان له دور كبير في نجاح كل واحد منهم.
لكي نستطيع تطوير أو تغير هذا الاعتقاد علينا أولاً أن نعرف مدى قصوره وسلبيته في حياتنا، أي نعترف بالعائق أو الخطأ، ثم نضع اعتقاداً واعياً، ونعرف مدى تأثيره الإيجابي في حياتنا، وهذا يتطلب جهداً في إعادة نمط التفكير السلبي إلى نمط التفكير الإيجابي، من خلال التأكيدات والعبارات الإيجابية لهذا الاعتقاد أو هذا المفهوم الجديد باستمرار، مع تلازم صنع الصور الذهنية لذلك، ونقصد هنا أن نتخيل الأحداث والمواقف المرافقة له حقيقةً ولا نستعجل في الحصول على النتائج، لا بد من أن نكوّن (التغذية الراجعة) لكل شيء نريد أن نغيره، أي لا بد من أن يأخذ القليل من الوقت، ولكي تكتشف حقيقة الاعتقاد، سواء أكان في الأفكار أم المفاهيم أم المعتقدات الخاصة بنا، علينا ملاحظة «الحديث الذاتي» وماذا نكرر فيه من فكرة أو معتقد أو مفهوم، وهل هذا الحديث إيجابي أم سلبي، وما هو تأثيره فينا. من هنا نصنع حلقة من الوعي، الوعي ليست كلمة تنطق، بل البداية أن نفهم القصور والخلل أين، ثم نبدأ في التحرك والتغير الداخلي قبل الخارجي.
لذا ضرورة فتح نافذة العقل برؤية جديدة متوسعة وشاملة، وتطوير ما يحتاج إلى التطوير، ولنكن أكثر شجاعة في فتح نافذة الذات بموضوعية وحب وسلام.