جريدة الجرائد

التصحر بواحات تافيلالت في "كوب 22"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
التصحر بواحات تافيلالت في "كوب 22"

 

صديق عبد الوهاب

 

تعتبر ظاهرة التصحر، من أبرز وأخطر المشاكل البيئية التي تهدد التواجد الإنساني و استمراريته في الحياة منذ ما يزيد عن ألف سنة تقريبا، وهي عملية أساسية داخل النسق التصوري للمناخ، تؤدي إلى تحول مناطق العالم إلى صحاري، إذ تجتاح الصحراء حوالي 90 ألف كلم مربع سنويا من الأراضي الصالحة للزراعة. و هذا ما جعل موضوع التصحر، محط أنظار العديد من الباحثين والمهتمين بالقضايا البيئية المناخية لدق ناقوس الخطر الذي يهدد هذه المجالات الهشة، خاصة و ان المغرب سينظم المؤتمر الدولى COP22 (Conférence des parties signataires de la convention cadre des Nations Unis sur le changement climatique parties) في الشهر القادم بمدينة مراكش.

و تدخل واحات تافيلالت ضمن هذه المجالات المعرضة للتصحر أو الاختفاء.. و تقع في الجنوب الشرقي من المغرب، تمتد من شمال تيزيمي إلى جنوب الريصاني، يخترقها وادي زيز و غريس. و تعرف هذه الواحات اختلالا في توازن المنظومة البيئية:انخفاض السدم المائية وتدهور الغطاء النباتي، وارتفاع ملوحة التربة…، إضافة إلى ظاهرة الترمل التي تهدد السكان في مصدر عيشهم، مما يجعل هذه المناطق مسرحا لأنماط تدهور يصعب التغلب عليها. كما تتميز بمناخ قاري، جاف نظرا لموقعها في المجال شبه الصحراوي.

إذن ماهي الآليات و العوامل المتحكمة في تفاقم هذه الظاهرة؟ و ماهي انعكاساتها البيئية و السوسيواقتصادية؟ و مدى اهتمام الكوب COP22 بتصحر الواحات؟

العوامل و الميكانيزمات المتحكمة في التصحر:

قساوة الظروف الطبيعية من العوامل المفسرة لظاهرة الترمل :

تتميز واحات تافيلالت، على غرار باقي الواحات، بارتفاع درجة الحرارة على طول السنة باستثناء الفترات الصباحية و المسائية، كما تتسم بقلة التساقطات التي لا تتعدى في الغالب 80 ملم في السنة و هذا ناتج عن توالي سنوات الجفاف و طول مدته، إضافة الى ارتفاع معدل التبخر و التدهور المستمر بفعل الهشاشة، و انجراف التربة بسبب التعرية الريحية، كما أن هبوب الرياح القوية المحملة بالرمال يؤثر على طبوغرافية السطح.

دور العامل البشري في تفسير الظاهرة:

يتمثل في الضغط على الموارد الطبيعية و التعاطي غير المعقلن مع هذه الاوساط الهشة، من خلال القيام بعمليات الاجتثاث التي تؤدي الى التراجع المهول لعدد الاشجار، لاسيما، اشجار النخيل في ظل وضع تقل فيه عملية التشجير، إضافة إلى السقي التقليدي غير الرشيد لمياه الخطارات التي تعرف هي الاخرى تحديات كبيرة جدا، هذا فضلا عن غياب الوعي البيئي لدى العديد من السكان حيث تعطى الاهمية للمصلحة الانية دون التفكير في تنمية مستدامة تضمن و تحافظ على حقوق الاجيال القادمة.

و من جهة اخرى، فإن بناء سد الحسن الداخل ساهم بدوره في تزايد التصحر بالمنطقة، ذلك أنه قبل بناء هذا السد كانت مياه واد زيز و غريس تصل الى اخر نقطة من تافيلالت. أما اليوم فإن الامر يختلف، حيث اصبحت عمليات السقي تخضع لمجموعة من القوانين و بالتي التحكم في هذه العملية. كما أن هناك غياب أحزمة خضراء بإمكانها التصدي لظاهرة التصحر و القحولة التي يمكن أن تؤدي إلى اختفاء بعض هذه الواحات.

إلا انه رغم ذلك، فإن الساكنة المحلية و من أجل مواجهة هذه الاخطار أو على الاقل التخفيف من حدتها قامت بتطوير إمكانياتها المحلية البسيطة بهدف التعايش مع الوضعية المتفاقمة، عن طريق اعتماد تقنيات تقليدية نابعة من تجاربهم المحلية: كإستعمال التربيعات بواسطة جريد النخيل ، و رفع الرمال… اما تدخل الدولة: فقد هم تبني عدة برامج للحفاظ على الأنظمة الزراعية :

إعادة التشجير، مكافحة الترمل ..(في إطار المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بتافيلالت ORMVAT) وإدارة المياه والغابات) لكنها تبقى محدودة و غير كافية لحماية االنظام البيئي وتدبير الموارد بطريقة عقلانية ومستديمة.

الانعكاسات البيئية و السوسيواقتصادية للتصحر بهذه الواحات :

على المستوى البيئي، هناك تدهور الوسط الطبيعي مما يعني القضاء على مكونات الاستمرارية لكل مقوماته. و على المستوى الاقتصادي، ظهور أنشطة غير فلاحية بهذه الواحات. أما على المستوى الاجتماعي، فهناك ارتفاع عدد العاطلين، إفراغ الواحة من السكان أي هجرتهم إلى مدن قريبة أو إلى مناطق أخرى أو الى خارج الوطن.. بحثا عن حياة أفضل، و بالتالي التأثير على مردودية الواحة وعلى دخل السكان المحليين.

و أخيرا، و في إطار تنظيم المؤتمر الدولي حول المناخ (COP22)، تعقد خلال هذه الايام بالجامعات المغربية العديد من اللقاءات و الندوات بمشاركة العديد من الخبراء و المختصين في علم المناخ و الجغرافيا و البيئة.. مغاربة و أجانب، من أجل التباحث بشأن التغيرات المناخية التي يعرفها كوكب الارض استعدادا للحدث الدولي و الخروج بتوصيات ستقدم خلال هذا المؤتمر الدولي.

من هذا المنطلق، نتساءل هل مشكل الواحات سيكون حاضرا فعلا في هذا المؤتمر؟ أم أن الامر سينحصر فقط في تقديم التوصيات المتعلقة بالمناطق الساحلية و المهددة بدورها بإرتفاع مستوى البحر و بالتسونامي ... ؟

إلى أي حد يمكن لهذا المؤتمر أن يفرز قرارات اجرائية تستهدف حماية هذه الاوساط الهشة من الاختفاء؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف