جريدة الجرائد

المرأة والسياسة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فهد المضحكي 

وأنا اقرأ دراسة عن المرأة والسياسة للباحثه المصرية فاطمة حافظ والتي نشرت في مجله الديمقراطية المصرية عدد يوليو 2016 توقفت عند سؤال: هل تنجح المرأة في صنع التغيير السياسي؟
ومبعث السؤال واضح ـ كما ذكرت ـ خاضت المرأة منذ بداية القرن الماضي معارك ونجحت في حسم معظمها لصالحها إلا ان معركتها مع السياسة لم تحسهم وظلت مؤجلة رغم مضي عقود على خوضها بما لها من طبيعة خاصة وما تحمله من الدلالات الرمزية التي ربما فاقت غيرها من المعارك والنضالات النسوية، فمن جهة توصف الدولة، بما تجسده من معاني السلطة، بكونها ذات طبيعة بطريركية استحوذ عليها الذكور واقصيت عنها النساء عمدًا واعتبرت عاملًا رئيسيًا من عوامل الاستضعاف التاريخي للنساء، ومن جهة اخرى، فان المجال السياسي يعد احد المعاقل الاخيرة من معاقل التمييز ضد المرأة، وسقوطه يعد تتويجًا للنجاحات السابقة ويمثل ذروة الانتصار النسوي.
والفكرة من السؤال السالف الذكر تتبلور اكثر فاكثر عندما قالت: «لكي تناقش علاقة المرأة بالمجال السياسي علينا أن نبحث أولًا في عالم الافكار عن مدى تقبل فكرة القيادة السياسية للمرأة، ثم نحلل دواعي بروز سياسة دمج النساء في مواقع التأثير وصنع القرار السياسي ولرصد انجازاتها وتحدياتها، ثم نختم بدراسة تأثيرات النساء على السياسة، ونحاول من خلال هذا ان نجيب على بعض التساؤلات من قبيل، ما مدى نجاح سياسات دمج النساء في السياسة، وما الاثر الذي يمكن ان تحدثه على واقع النساء، وكيف للنساء ان يوثرن في السياسة».
وعند الحديث عن هل النساء مؤهلات، فان اهم ما تطالعك به الباحثة في دراستها هذه انه يبدأ من دراسة اعدها «مركز بيو» في 2015 تحت عنوان «النساء والقيادة» ذهب 75 في المئة من الامريكيين الذين استطلعت آراؤهم الى ان المرأة تتمتع بصفات قيادية مساوية للصفات التي يتمتع بها الرجل، مثل الذكاء، والقدرة على الابتكار، واتخاذ القرار، وخلصوا الى انها مؤهلة لتولي مناصب قيادية سياسية، لكن العوائق تحول دون وصولها بنسب توازي نسب الرجل. وقد حدد المستطلعون هذه العوائق في: ان المؤهلات القيادية المطلوبة من المرأة عادة ما تكون أعلى مما لدى الرجل، وأن العديد من الامريكيين لايزالون مترددين في انتخاب النساء في المناصب القيادية، وأحجام الاحزاب السياسية عن دعم الناشطات السياسيات، وافتقاد النساء الخبرة المطلوبة للقيادة، وأنهن لم يدرسن السياسة بشكل جيد، وأن المسؤوليات الاسرية لا تدع لهن وقتًا كافيًا للسياسة، وتشير هذه الدراسة الى اهم الاسباب المعيقة للمرأة في المجتمع الامريكي وهي تعود الى عاملين:
- الأول، البنية الذهنية والتصورات المتوارثة حول النساء والتقسيم التاريخي للادوار بين الجنسين، وكما يبدو لم تفلح التجارب الناجحة للنساء في الوصول الى السلطة في ازالتها او ـ على الأقل ـ التخفيف من حدتها في مجتمع حقق معدلات عالية من التقدم العلمي والانساني، وهذه الاسباب لا ينفرد بها المجتمع الامريكي، بل هي موجودة في معظم المجتمعات مع اختلاف في الاولوية ودرجة التأثير.
ـ الثاني، بنية النظام السياسي ومؤسساته وقواعد اللعبة فيه، حيث صيغت كل تلك المؤسسات وفق قواعد للاتصال والتحالف والصراع تناسب الذكور وتعمل كعناصر طاردة للنساء.
وتثير الباحثة بكثير من الدقة والموضوعية مشكلة علاقة المرأة بالسياسة في البلدان العربية، إذ تذكر ان هذه البلدان تعد أكثر تأزمًا وتعقيدًا، فهناك رفض شبة مطلق لفكرة قيادة النساء يتأسس على موروث ثقافي يؤمن بوجود تراتبية بين الجنسين تحتل فيها المرأة دائمًا وابدًا مرتبة ادنى من الرجل، وعلى تأويلات دينية خاطئة ـ ولا نقول نصوص دينية ـ إذ أننا نميز بين النصوص المقدسة المتعالية والقراءات والاقترابات البشرية لهذه النصوص، والتي عادة ما تكون محملة بموروثات ثقافية واجتماعية، وتعبر عن وجهة نظر أصحابها أكثر من تعبيرها عن النص ومراده، كما يتأسس على مزاج نفساني لا يسمح للرجل ان يتقبل فكرة قيادة المرأة ليس في السياسة وحدها، وإنما في جميع المجالات، ويجد هذا المزاج صداه لدى المرأة كذلك التي أشربت فكرة عدم صلاحياتها للقيادة، وأن الوضع الأمثل لها ان تكون مقودة لا قائدة، وتحت تأثير ذلك تهمل شأن تنمية قدراتها، وتعزف عن الانخراط في المجال العام.
تتطرق الدراسة الى اقرار اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة التي عرضتها الامم المتحدة للتصديق عام 1952، وإلى الانجازات والتحديات، ونظام الكوتا بين المؤيدين والمعارضين وإلى الدعم الرسمي، فرغم الاحتياج الملح الى استمرار سياسات الدعم والتمكين من الدولة إلا ان الدعم قد يحمل تحديات عديدة، فمن جهة، يستهدف الدعم الرسمي خاصة في البلدان النامية تحقيق مصالح الدولة واهدافها في المقام الاول، وربما أتي تعبيرًا عن ضغوط خارجية اكثر من كونه قناعة لدى نخب الطبقة الحاكمة بضرورة دعم المرأة، لذلك يكون الدعم شكليًا وليس حقيقيًا في بعض الاحيان، ومن جهة اخرى فإن المكتسبات المتحققة عبر الدعم الرسمي هي مكتسبات غير ثابتة، فقد يحدث ان يفتر الدعم الرسمي لسبب أو لآخر، وربما يتوقف تمامًا!
ومع ذلك، تقول: إن التأثير الذي يمكن ان تحدثه المرأة في عالم السياسة يؤكد ان النساء يصنعن التغيير، وتشير هنا الى قائدات على الصعيد المحلي والدولي انجزن الكثير، وهذا يتطلب تبني المطالب الشعبية المتعلقة بشرائح أوسع من السكان والعمل على تحقيقها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف