الإعلام من الوزارة .. إلى الإدارة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أمين ساعاتي
بعد مرور نحو عقدين على غزو إعلام التواصل الاجتماعي للمجتمعات في كل أنحاء الدنيا، فإن المجتمعات بدأت تتأذى من أخطائه وتجاوزاته، أي أن حرية الرأي في المطلق هي إضرار مباشر لحرية رأي الآخرين!
لا نستطيع أن ننكر أن إعلام التواصل الاجتماعي انتشر انتشارا كبيرا بين المجتمعات، وأصبح له تأثير قوي مباشر في المواطن، بل أصبح له تأثير في القرار السياسي داخل دهاليز الحكومات في كل دول العالم.
ونكاد نلحظ أن المجتمع الدولي بات وكأنه يعيش في منابر وديوانيات مفتوحة أمام كل صاحب رأي أو فكر، وأضحى البشر وكأنهم يقيمون في "هايدبارك" عالمي مفتوح لكل الملل والنحل.
ولكن مع هذا فإن بعض الدول النامية اتخذت قرارات متعجلة بإلغاء وزارات الإعلام بحجة أن الكلمة أصبحت لإعلام التواصل الاجتماعي ولم تعد الكلمة في جعبة الإعلام التقليدي.
ولكن بعد مرور سنوات قلائل من إلغاء وزارات الإعلام، اكتشفت الدول التي ألغت وزارات الإعلام أن الإبقاء على وزارات الإعلام شيء مهم، ولكن الأهم هي "الإدارة" التي ستدير هذا الكيان الجديد الزاحف على المجتمعات، الذي أصبحت له الكلمة العليا في عالم يموج بالإعلام المفتوح.
وحينما نقول وزارة الإعلام لا نقصد مجرد هيكلها التنظيمي، وإنما المقصود هو "إدارة" الهيكل التنظيمي، هي العمليات والسياسات والإجراءات التي تتخذها الوزارة داخل الهيكل التنظيمي، بحيث تستطيع الإدارة دفع جميع أطراف المنظومة الإعلامية في اتجاه التنوير وبناء الإنسان وتنفيذ مشاريع التنمية المستدامة.
وأتصور أنه بقدر عظم تأثير إعلام التواصل الاجتماعي في مجريات الأحداث، فإن مستوى إدارة هذا الكيان يجب أن يرتفع ويعلو.
اليوم تشع ثورة تكنولوجيا الإعلام وتضع كل الأجهزة الإلكترونية في مجال المنافسة ليس ضد الصحافة فحسب، بل سجلت كل الأجهزة تقدما ملحوظا على جميع وسائل الإعلام، وأصبحت لها وظائف معلوماتية وإعلامية وتعليمية كثيرة ومتعددة، واستطاعت هذه الأجهزة بالفعل أن تغير وجه العلاقات بين الأمم والشعوب.
إعلان
Internet & TV
Betaal niet teveel! Scherpe deals voor razendsnel internet & TV bij Tele2. Wij regelen de overstap. Maandelijks aan te passen.
Stap zorgeloos over
Proposé par Tele2
ولعل أولى مهام الإدارة للإعلام المعاصر هي تصميم أنظمة جديدة للإعلام، وأول الأنظمة التي يجب المبادرة بتغييرها هي نظام المطبوعات والنشر، ونظام المؤسسات الصحافية، والسياسة الإعلامية.
والإدارة وهي بصدد تصميم أنظمة جديدة، فإنها يجب أن تراعي أهمية إلغاء وظيفة الرقابة على الإعلام، لأن الرقابة على إعلام يسبح في أجواز الفضاء لم تعد شيئا موضوعيا ومنطقيا.
كما أن شروط الترخيص للصحف الورقية والإلكترونية لم تعد مقبولة من الناحية العملية، لأن الإعلام ينتشر ويسبح في الفضاء المباح والمتاح والمستباح، ولا نستطيع منح أو حجب ترخيصه، بل لا نستطيع إيقاف انتشاره، فهو ينتشر في كل مكان من فضائنا الشاسع الواسع.
إن التوصيف الحقيقي لعلاقة الإعلام بالدولة.. هو أن الإعلام يزهو بعيدا عن الرقابة.. حتى عمليات الرقابة على المصنفات التي كانت تقوم به وزارات الإعلام لم تعد في متناولها بعد أن هرب بها الإعلام الإلكتروني وسلب كل الاختصاصات والصلاحيات التي كانت تقوم بها وزارات الإعلام.
إننا نعيش في عصر يجب أن نطلق عليه اسم الإعلام الجديد، وإذا أطلقنا اسم الإعلام الجديد على الإعلام، فإننا نقول الحقيقة، لأن الإعلام بقوالبه القديمة وتقسيماته التقليدية (صحافة، إذاعة، تلفزيون) بدأ يغيب عن المشهد، وأصبحت آلة صغيرة في حجم (موبايل) تستطيع أن تقدم لك مجموعة من الخدمات الإعلامية التي لا تستطيع كل وسائل الإعلام التقليدي (صحافة، إذاعة، تلفزيون) أن تقدمها لك.
ولكن الإعلام غير الفضائي يحتاج إلى الكثير من الجهد كي يكتسب صفة الإعلام الدولي، ويجب أن نلاحظ أن مفهوم الإعلام الجديد يتضمن البعد الدولي للإعلام، فلا يوجد حاليا إعلام محلي، وإنما هناك إعلام مشمول بالبعد الدولي، لأن العالم أصبح قرية، بل غرفة يتردد صداها في كل مكان من الكرة الأرضية.
إذن نحن في أمَسِّ الحاجة إلى إدراك كل أبعاد الإعلام الجديد، ونحتاج إلى وضع أنظمة وسياسات تدير وتطور الإعلام السعودي، وتحقق له ما يصبو إليه من تقدم ومشاركة فعالة في شبكة الإعلام العالمي، وأجزم بأن الإعلام الفضائي السعودي بدأ هذه المرحلة بنجاح منقطع النظير، أما الإعلام غير الفضائي ــ إذا جاز التعبير ــ فإنه يحتاج إلى شغل كثير حتى يحقق الأهداف التي نتطلع إليها.
بمعنى أن الإعلام أصبح آلة ضخمة تؤثر في كل أنحاء وآفاق المجتمع، والإعلام بهذا المفهوم لم يعد هو وزارة الإعلام في تراتبياتها الرقابية والترخيصية، بل أصبح الإعلام إعلاما إلكترونيا يجوب أجواز الفضاء الفسيح، ويسهم في تصميم سلوك الإنسان الذي يعيش بين ظهرانيه، وكذلك الإنسان الذي لا يعيش بين ظهرانيه.