«إسرائيل» والقنبلة الكهرومغناطيسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد خليفة
لا يزال الفكر الصهيوني الراهن أسيراً للانفعال وردود الأفعال، وتفصله عن المستقبل واستشراف متطلباته لا عقلانية وتقليدية ساطعتان، الأمر الذي يجعله معيناً نظرياً للتدمير. ولا ريب أن مثل هذه العقلية قد تسامت فوق كل انتهازية وتربص، وتخضع الغريزة بكافة انفجاراتها ونزواتها إلى قِيم استبدادية بذريعة أمن «إسرائيل»، فتنقل القوة من دائرة العقل السياسي إلى دائرة نزعة الفناء، ويصبح العنف المادي والمعنوي وسيلته، خاصة الوسائل غير المشروعة منه، التي أصبحت النهج الأمني العام للعقلية «الإسرائيلية» التي حاولت أن تضفي المشروعية والمعقولية على نهجها غير المشروع.
وقد نشرت الصحف «الإسرائيلية» مؤخراً نبأ مفاده أن «إسرائيل» قد تستخدم القنبلة الكهرومغناطيسية ضد أعدائها. وهذا يدل على تسارع وتيرة التسلح العسكري «الإسرائيلي» في مسعى لضمان التفوق الدائم على العرب ومنعهم، حتى من التفكير في شن أية حرب عليها في المستقبل، خاصة بعد امتلاك هذه الدولة ترسانة من الأسلحة النووية، فقد أصبحت اليوم تملك نوعاً آخر من السلاح لا يقل خطورة عن السلاح النووي، ألا وهو سلاح الموجات الكهرومغناطيسية، وهو سلاح تم اكتشافه خلال التفجيرات التجريبية للأسلحة النووية خلال الأربعينات من القرن الماضي. فقد لوحظ تأثير النبضة المغناطيسية الكهربائية، وكان ذلك بداية لأبحاث انتهت إلى إنتاج أسلحة كهرومغناطيسية.
ويختلف هذا السلاح عن السلاح التقليدي في أن قوة دفع الأسلحة النارية تعتمد على تفاعل كيميائي نتيجة احتراق البارود، أما السلاح الآخر فينطلق من خلال مولد كيميائي أو حراري أو ضوئي أو حتى نووي، كما أن قذيفة السلاح الكهرومغناطيسي لم تعد الرصاصة أو القنبلة أو الصاروخ؛ بل هي موجة كهرومغناطيسية أو حزمة أشعة من الجزيئات. وبدلاً من المدفع الذي يطلق قذيفة، تنطلق الموجة عبر هوائي وتصل سرعتها الموجهة إلى سرعة الضوء؛ وهي 300 ألف كيلو متر في الثانية، في حين أن أقصى سرعة للقذيفة العادية هي 30 ألف كيلو متر في الساعة. فقوة السلاح الكهرومغناطيسي تقاس بطول الموجة التي يصدرها، أو نوع التعديل في الشعاع، وتتنوع تأثيرات هذا السلاح من التأثير في كل الأجهزة الإلكترونية في محيط يقارب 10 كيلومترات مربعة، حيث يتم تعطيل كل تلك الأجهزة من حواسيب، وأجهزة طيران، وسفن، أو رادارات وسوى ذلك. وأيضاً فإن توجيه موجات الميكرو تجاه البشر يؤدي إلى الإصابة بالسكتة القاتلة، كما أن أسلحة أشعة الجزيئات تؤدي إلى إحداث ميول اكتئابية، واضطرابات في الذاكرة، وإصابات جلدية، ونزيف بالعين، وحتى الإصابة بأمراض السرطان.
وأسلحة موجات الميكرو عالية القدرة، وتماثل قوتها تأثير السلاح النووي. هذه القنابل الكهرومغناطيسية يمكن إطلاقها عبر صواريخ متحركة، أو طائرات حوامة، وإسقاطها مثل القنابل العادية أو إطلاقها بمدافع بعيدة المدى، وعند انفجارها تطلق خلال «ميكروثواني» (وحدة زمنية تساوي أجزاء من مليون من الثانية) قوة مغناطيسية مقدارها عدة ملايين أمبير (حوالي 3 آلاف مليار وات). وهذه القنبلة كفيلة بتدمير خلال ميكروثواني الأجهزة الإلكترونية والحواسيب في نطاق محيط واسع يصل إلى 10 كيلومترات مربعة.
وقيل إن الولايات المتحدة استخدمت قنابل موجة الميكرو في حربيها على العراق عام 1990 و2003. وتسببت هذه القنابل التي ألقتها فوق العراق في تعطيل عمل أجهزة الرادار، والطيران الحربي، والأجهزة اللاسلكية، وأجهزة الحواسيب، وكانت سبباً مباشراً في تعطيل نظام الاتصالات بين القيادة والجيش؛ ما تسبب في حالة إرباك قادت إلى فشل العراق في الحربين.
إن امتلاك «إسرائيل» هذا السلاح الخطير- بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة قد زودتها به- هو أمر يدعو للاستغراب؛ فكيف يفسر أن مجموعة من المهاجرين اليهود الطامحين يتمكنون في أقل من قرن من الزمان من إقامة دولة في فلسطين، تملك من القوة ما يوازي قوة العرب مجتمعين، بل تتفوق عليهم؟!
إنه لأمر مؤسف ، إن دل على شيءٍ فإنما يدل على أن هناك خللاً في منظومة القيم والتفكير لدى الأمة العربية، التي تعيش أغلب دولها النكسات والانكسارات والحروب الأهلية، وتحتفي بهزائمها بانتصارات واهية أقرب إلى السراب في لحظة الذعر والتخلف والجوع والمرض والموت قسراً تحت الظلال الهاربة، فيما نزعها عن مسيرة التاريخ البشري التي لم تعد تتحرك نحو نهاية معروفة أو غاية مقصودة. وهكذا توارت القواعد الأخلاقية والإنسانية والعلمية وراء المبادئ الكلية للعقل البشري العام، وما صاحبه من نزعة بدائية تراثية شكية عميقة، ليس فقط على المعرفة السياسية أو على مستوى الحضور الإنساني، بل وعلى كافة الصعد في سيرورة الظلام والتخلف، وكأن هذه الأمة خرجت للتو من أعماق كهوف التاريخ للسيطرة على نزعات الشر والعبث الدفين.