الرسالة لم تصل!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حسين شبكشي
التواصل الإعلامي بات اليوم مسألة بحاجة لأن يتم الإعداد لها، وهي أصبحت ضرورة لأي مسؤول بحاجة لأن يخاطب الناس. هذه القاعدة غابت في كثير من المناسبات التي كانت بحاجة لأن يستمع فيها الناس إلى حقائق دقيقة وخطاب عقلاني تُحترم فيه العقول وتُقدّر فيه التحديات.
السعودية التي تمر بكمّ غير بسيط من التحديات والتغيرات الاقتصادية اللافتة والمؤثرة جدًا، كانت على موعد في الأيام الماضية مع حلقة تلفزيونية جديدة في طرحها وهدفها، تم فيها استضافة ثلاثة من المسؤولين «من العيار الثقيل» لمناقشة بعض القرارات الأخيرة التي كانت مثار استفسار بين شرائح عريضة من الناس، واستبشر الناس خيرًا، نظرًا لما في هذا التوجه من بادرة مهمة ولافتة لا بد أن تُدرَج في خانة المكاشفة والمصارحة والشفافية. ولكن بسبب عدم جاهزية المسؤولين للتعاطي الإعلامي خرج اللقاء صادمًا ومزعجًا، وتسبب في حالة من القلق نظير بعض الكلمات التي صدرت منهم.. كلمات لم تُحسب جيدًا قبل نطقها وإطلاقها.
كان أبرز ما ركزت عليه التعليقات هو مقولة وزير الخدمة المدنية السعودي خالد العرج إن إنتاجية الموظف السعودي لا تتجاوز الساعة الواحدة في اليوم، ومقولة نائب وزير التخطيط والاقتصاد الوطني إن السعودية كانت على شفا الإفلاس.
فيما يخص التصريح الأول، من المهم القول إن هذا ليس هو التصريح الأول من نوعه الذي يشكك في إنتاجية الموظف السعودي، فلقد قال به من قبل محمد الجاسر وزير الاقتصاد في عام 2013، ومر هذا التصريح (بلا أدلة واضحة). أما موضوع «على شفا الإفلاس»؛ فكيف يمكن ذلك ودخل النفط لا يزال كبيرًا جدًا؟ الإيرادات غير النفطية تتصاعد بشكل متواصل، السعودية تقترض داخليًا وخارجيًا والإنفاق على المشاريع الكبرى، والمفهوم هو أن لدى الخزانة العامة فائضًا مهمًا من المال يكفي لسداد الاحتياجات، وعليه، من الطبيعي جدًا أن يكون هناك تنسيق وجدولة سلسة لسداد الالتزامات والاستحقاقات للمقاولين حتى تكون الدورة الاقتصادية المتكاملة لدوران المال داخل السوق المحلية، وتعم الفائدة لأكبر قدر من القطاعات، بدلاً من الإحجام عن السداد وشل الأسواق وإحداث القلق والخوف والهلع.
أرى أن الوزراء لم يُوفَّقوا فيما قالوه، وكأنهم يرسلون رسائل سلبية تعزز القلق بدلاً من إزالته بالحجة والمنطق واحترام المتلقي.
الرؤية الاقتصادية الجديدة للسعودية، هي رؤية طموحة وجريئة ومهمة ومطلوبة، وهناك قبول وإجماع على أهمية أهدافها والجرأة فيها، ولكن مع شديد الأسف هناك إخفاق هائل في الخطاب الإعلامي المصاحب لهذه الرؤية. ومن الواضح أن الوقت الجاد لم يتم صرفه لتأهيل وإعداد المسؤولين للحديث عنها والتجاوب مع القلق العريض الموجود عند الناس، وهي مسألة من الواضح أنها لم تؤخذ بجدية كافية وتم إغفالها، ولذلك جاءت نتيجة المقابلة مخيبة للآمال.
عصر الإعلام الحديث لا يمكن الاستهانة به، ومن دون الإعداد له ستكون أهم الرسائل ناقصة، ما دامت لم يتم الإعداد الجيد لإطلاقها.